د. سمير البهواشى يكتب: النفس كما يراها العارفون

الأربعاء، 04 مارس 2015 12:00 م
د. سمير البهواشى يكتب: النفس كما يراها العارفون صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قال الإمام ابن قيم الجوزية "إن الناس قد تعارفوا على أن لابن آدم ثلاث أنفس: مطمئنة ولوامة وأمارة بالسوء، ولكنها على التحقيق نفس واحدة لها صفات عديدة فالمطمئنة باعتبار طمأنينتها إلى الرب بالعبودية له وحبه والإنابة إليه والتوكل عليه إلى غير ذلك من صفات العبودية المحضة، وكما أن لكل عضو من أعضاء الجسم كمالا إن لم يحصل له فهو فى قلق واضطراب، وكما أن كمال العين لا يكون إلا بالإبصار كذلك فإن كمال القلب لا يكون إلا بالتحقق بإياك نعبد وإياك نستعين. واللوامة قيل فيها أقوال منها المتلونة والمتقلبة والتى تؤنب صاحبها على فعل المعاصى وترك الطاعات أو هى التى تقع فى الذنب ثم تلوم عليه، وهذه الأقوال كلها حق ولا تنافى بينها فالنفس موصوفة بكل هذا ولكن ما يهمنا أن السعيد من يلوم نفسه على المعصية وترك الطاعة والشقى من يلومها على فوات حظها وهواها، فالأولى لوامة غير ملومة، والثانية لوامة ملومة من الله وملائكته!!".

"أما النفس الأمارة فهى المذمومة على الإطلاق وهى دائمًا فى مقابلة المطمئنة فكل ما جاءت به تلك من خير ضاهتها هذه وجاءت من الشر بما يقابله حتى تفسده عليها وتلبس على العبد أحد الأمرين بالآخر فتزين له المذموم وتقبح له المحمود إذ المعروف أن الشىء الواحد صورته واحدة ولكنه ينقسم إلى محمود يرضى الرب ومذموم يغضبه فالنكاح مثلاً إن كان بزواج فهو حلال وإن كان بزنى فهو حرام، والملك دائما قرين المطمئنة. أما الأمارة فقرينها الشيطان ويقول أبو طالب المكى فى (قوت القلوب) إن النفس مجبولة على الحركة وأمرت بالسكون للابتلاء حتى تفتقر إلى مولاها وتبرأ من حولها وقواها فنرى الله يقول فى إحدى آيات الذكر الحكيم (خلق الإنسان من عجل) ثم يقول فى أخرى (سأريكم آياتى فلا تستعجلون) فوصفه بالعجلة ثم أمره بتركها فإن نزلت السكينة وهى مزيد الإيمان سكنت النفس عن الهوى بإذن منفسها وإن حجب القلب بالغفلة تحركت بطبعها فإن سكنت فبالمنة والفضل وإن تحركت فبالابتلاء والعدل والنفس موصوفة بالطيش الناشئ عن الجهل والشره الناجم عن الحرص فمن أراد أن يملك نفسه فلا يملكها وليضيق عليها حتى لا تتسع عليه وليحاسبها فى كل ساعة ويقف عند كل همة من خواطرها فما كان لله بادر إليه وما كان لغير الله سابق فى محوه فالنفس كما يقول الإمام البوصيرى فى (بردة المديح) كالطفل إن تهمله شب على حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم".





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة