صابر حسين خليل يكتب: النجاح ليس معناه الثراء

الأربعاء، 04 مارس 2015 04:06 م
صابر حسين خليل يكتب: النجاح ليس معناه الثراء دولارات - أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هل يجتمعان النجاح والفق؟ كان هذا هو السؤال الذى سأله لى أحد أصدقائى عندما حدثته عن فكرة هذه المقال.

ولقد آثار للسؤال بداخلى الكثير من الاضطراب. فهل يلتقيان النجاح والفقر؟ بحثت من حولى عن نماذج من الحياة تساعدنى فى الإجابة. غصت فى أعماق كل ما قرأت سابقاً، هل النجاح ليس بالضرورة معناه الثراء.

فى البداية ما هو النجاح؟ النجاح هو الوصول إلى هدف ما. وما هو الهدف؟ الهدف هو نقطة ما، يريد الفرد الوصول إليها. فهدف لاعب كرة القدم هو تجاوز الكرة لخط المرمى، وهدف لاعب كرة السلة هو دخول الكرة داخل سلة الفريق الخصم. وهدف الطالب هو تجاوز الامتحان بنجاح. وهدف المحب الوصول إلى محبوبه، وهدف المخترع هو خروج اختراعه إلى النور، وهدف الأب هو الوصول بأبنائه لبر الأمان.

فتنوع الهدف يعنى تنوع صور نجاحه.



فالداعى إلى الله عندما ينجح فى أن يكون سبباً فى هداية شخص ما لا يعنى ذلك حصوله على مال من وراء هذا النجاح.

وعندما ينجح الأب فى تعليم أبناءه لا يعنى ذلك حصوله على مال. فربما ينفق كل ما يملك فى سبيل هذا الهدف.

فالنجاح لا يعنى بالضرورة الثراء، ففى أحيان كثيرة يصل النجاح بصاحبه إلى الفقر.

نعم يا صديقى النجاح والفقر يقترنان فى أوقات كثيرة.

وإليك هذه القصة التى نشرت فى مجلة التحرير عام 1953 بعنوان: المفلس.. صانع النقود!

القصة لشاب مصرى يدعى عبد الفتاح وهبة، شاب عشق النحت والرسم وعندما تخرج تم تعينه بوظيفة فى وزارة التجارة والصناعة.

لم يقنع الشاب بهذه الوظيفة، فكلما أمسك بقطعة من النقود الفضية أو النحاسية، يسأل نفسه: لماذا لا نصنع نقودنا فى بلادنا؟ وكان الرد أن مصر ليس فيها تخصص فى صناعة النقود وتفتقر إلى المعدات المستخدمة فى هذه الصناعة.

قرر هذا الشاب أن يدرس هذا التخصص فى إيطاليا فقدم عبد الفتاح طلب إجازة للسفر للدراسة.. وبعد عدة محاولات استطاع إقناع المسئولين بالموافقة على الإجازة خصوصاً وأن الدراسة ستكون على نفقته الخاصة.

باع عبد الفتاح وهبة بعضاً من ميراثه، وسافر إلى إيطاليا ولم يترك ساعة واحدة تضيع منه وهو فى ايطاليا، فكان يطوف المتاحف فى العطلات حتى أطلق عليه زملاءه الطليان "المصرى المستعجل" وبعد أربعة أعوام من الكفاح حصل على دبلوم الأكاديمية الإيطالية للفنون الجميلة ولم يكتف بذلك، ولكنه درس فن صناعة العملة على يد البروفسير يوسف رومانيولى ذلك الرجل الذى تحمل بعض عملات أوروبا الأحرف الأولى من اسمه.

وحصل عبد الفتاح وهبة على ليسانس تخصص فى فن العملة والنقود من الأكاديمية الإيطالية للفنون الجميلة، وأجاد عبد الفتاح الإيطالية والفرنسية والألمانية، وفى سبيل ذلك فقد عبد الفتاح وهبة ما يقرب من أربعة آلاف جنيه وهو مبلغ كبير جداً فى حينه وبعدها أصبح مفلساً، وعند سؤاله هل ندمت على هذا؟ أجاب: حقيقة أننى أصبحت مفلساً ولكن يكفينى أننى سأصنع نقود بلادى..؟!
وبعد رجوعه من إيطاليا أصبح من الدعائم القوية التى تقوم عليها دار صك العملة المصرية.

نعم لقد أفلس عبد الفتاح وهبة لكنه حقق حلم طالما راوده وهو أن يصنع نقود بلاده.

إنها قصة نجاح لم يصاحبها الثراء بل كانت سبباً فى إفلاس صاحبها.



وعندما سردت هذه القصة على صديقى الذى سألنى هل يجتمع النجاح والفقر؟ قال إنها قصة مشوقة إنه شخص أفنى نفسه من أجل رفعة وطنه. وعندها سالت دمعة من عين صديقى وقال سأخبرك قصة تخصنى أنا، إنه والدى الذى ضحى بنفسه فى حرب أكتوبر من أجل نجاح مصر فى الانتصار على العدو لقد حقق هدفه ونجح، ولكنه لم يفقد ثروته بل انفق حياته كلها من أجل نجاح هدفه. فالنجاح ليس معناه الثراء.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة