لا يستطيع أحد أن يُنكر أن الوطن يعيش حالة من الاستقطاب الحاد لم يسبق لها مثيل، وانقسم المجتمع فى ظل هذا الاستقطاب إلى ثلاث فئات، فئة تابعة لنظام الحكم الحالى ولديها تبعية عمياء لكل ما يقوم به النظام ولديها تبرير لكل قرار أو خطوة يتخذها ولديها اعتقاد أنه لا يخطئ أبداً، أما الفئة الثانيه فهى جماعة الإخوان المسلمين وتابعيهم وهؤلاء أيضاً يبايعون ويؤيدون كل ما يُقال لهم من قياداتهم دون أى تفكير أو إعمال للعقل فى مدى صحة أو خطأ ما يقال لهم أو يُملى عليهمـ وكأن قادتهم أنبياء معصومون من الخطأ، وبين هاتين الفئتين توجد فئة ثالثة ترفض أن تخضع لهذا الاستقطاب الحاد فئة لديها رؤية وعقلانية لفهم الأمور وتتخذ مواقفها وفقاً لضميرها وقناعتها الشخصية وحبها الكبير لهذا الوطن دون أى تأثير من أى طرف أو فئة تحدد انحيازاتها ومواقفها، وفقاً لمصالح شخصية ضيقة أو طبقا لهوى سياسى أو تبعيه لجماعة تُلزمك بالطاعة العمياء.
ولا شك أن هذه الفئة الثالثة الرافضة للانحياز الأعمى واللاعقلانى والذى يصل إلى حد تبرير قتل كل فئة لبعض أطراف الفئة الأخرى، تدفع ثمناً كبيراً لرفضها هذا الاستقطاب وتعتبر كل الدم المصرى حراما، ونجد أن كلا الفئتين تجتمعان على شىء واحد فقط وهو توجيه السباب واللعنات والاتهامات لهذه الفئة لعدم تبنى وجهة نظرهما وتأييدهما التأييد الكامل، ويعتبرون أنصار الفئة الثالثة يمسكون العصا من المنتصف، وللإسف فإن كلا الفئتين يطبقان نظرية بوش اللعينة ( من ليس معنا فهو عدونا ) أما أن تكون لك رأى مستقل يؤيد النظام عندما يتخذ قرارا صائبا وتعارضه عندما يخطئ وكذلك تعارض الإخوان وتابعيهم عندما يخطئون وترفض أن يتم سجن وتقييد حرية أحدهم دون تهم حقيقيه، فهذا مالا يرضى الآخرون.
ولا شك أن الإعلام يلعب دوراً كبيراً فى تشكيل تفكير كلا الفئتين والكارثة أن كلاهما لم يعد لديه فكرة قبول الإستماع أو مشاهدة الطرف الآخر فتجد كلاهما يتجه للقنوات التى تتوافق مع هواه السياسى فقط ويستقى معلوماته ويبنى تفكيره من تلك القنوات بعض النظر عما إذا كانت تعرض الحقيقة من عدمها، وعلى النقيض نرى القئة الثالثة تستمتع وتتابع الجميع ولذا فهى تحلل ما تستمع إليه بموضوعيه وبدون تأثير أُحادى، ولا شك أن هذه الفئة التى لا تحظى بقبول الفئة التابعة للنظام وكذلك الفئة التابعة للإخوان قد تشعر بالغربة فى ظل هذا الانقسام الحاد، والذى قد يصل إلى داخل الأسرة الواحده إلا أنها تشعر برضاء نفسى ومصالحه مع الذات لأنها تتخذ مواقفها وفقا لضمير حى يحركها وفكر عقلانى وحب كبير لهذا الوطن، وخشية من لقاء يوم الحساب أمام رب العالمين عن كل أقوالها وأفعالها.
محمد جرامون يكتب: ضريبة أن تكون غير قابل للاستقطاب
الأربعاء، 04 مارس 2015 03:15 ص
صورة أرشيفية