محمد حمادى يكتب: إنهم يقتلون الحضارة

الخميس، 05 مارس 2015 03:08 ص
محمد حمادى يكتب: إنهم يقتلون الحضارة هدم الحضارة الآشورية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قتل الحضارة لا يقل عن قتل أو حرق أو ذبح البشر، بل وربما قتل الحضارة والثقافة والتاريخ لهو أكبر جريمة ممنهجة ومخططة، لطمس الهوية الإنسانية التى تعبر عن حضارته وإنسانيته وتاريخه عبر الزمان، لهذا ترتكب (الجماعات المتشددة دينيًا) جرائمها التى لا يمكن أن نصفها إلا بالأعمال المتوحشة المنافية لكل تعاليم الأديان السماوية وغير السماوية لطمس هوية الحضارة العربية من المنطقة، لتخدم المخطط الصهيو أمريكى فى تغيير خريطة المنطقة.

الفيديو التى نشرته تنظيم الدولة (داعش) وهم يقومون بقتل الآثار التاريخية التى تعود تاريخها إلى الحقبة (الآشورية) فى متحف الموصل بالعراق، هذا المشهد الذى انتفض له كل إنسان عربى أو حتى غير عربى فهذه الآثار ليست حكرًا أو ممتلكًا لأحد، ولكن هى ملك للبشرية جميعًا، فقد هدمت هنا جزءًا تاريخيًا وحضاريًا مهمًا من تاريخ الإنسانية فى العالم.

هذه المشاهد التى رأيناها فى هذا الفيديو كنا سنراها فى مصر لولا أن قام الشعب المصرى وتوحد مع نفسه، وقام بثورته فى 30 من يونيو، ضد جماعة إرهابية متطرفة كانت ستقتل كل أنواع الثقافة والفكر والفن فى المجتمع، فبرغم هذا أيضًا لن تسلم الآثار من العبث والتخريب، فبعد فض اعتصام رابعة المسلح قام الإخوان بخطة ممنهجة بحرق الكنائس والأديرة الأثرية فى عدد من محافظات مصر بل ولم يكتفوا بذلك، بل قاموا بمهاجمة متحف ملوى بمحافظة المنيا بالسلاح وأطلقوا النيران على الحرس وأصابوا أحدهم واستولوا على سلاحهم ثم قاموا بسرقة ألف وخمسين قطعة أثرية من أصل ألف وتسعة وثمانين قطعة كانت معروضة بالمتحف، ثم قاموا بتكسير وتحطيم باقى القطع وهى عبارة عن توابيت خشبية ومومياوات لحيوانات، وبالمناسبة ففى بداية الشهر الماضى عثرت الأجهزة الأمنية على 3 توابيت بداخلها مومياوان أثريتان وتابوت ثالث عليه نقوش ترجع للعصر الفرعونى فى مياه ترعة بـــ(ديرمواس) محافظة المنيا، يشتبه أن يكونوا من محتويات ما سرق من متحف ملوى.

أيضًا فى يناير 2014 شهد متحف الفن الإسلامى تدميرًا شاملاً إثر انفجار قنبلة فى مبنى مديرية أمن القاهرة التى تقع أمام المتحف مباشرة، فأدى التفجير إلى تدمير منبر وسقفين معلقين و3 تنورات معدنية ضخمة وعدد من الأبواب الخشبية التاريخية وغيرها من التحف الخشبية والحجرية والخزفية، التى يعود تاريخها لقرون مضت، كما تكررت هذه المحاولة من أنصار جماعة الإخوان فى متحف روميل بمرسى مطروح، ومتحف ومخزن البهنسا فى المنيا حيث هاجمت جماعة من أنصار الإخوان المتحفين، كما فشلت محاولاتهم فى تدمير متحف العريش أول نوفمبر من العام الماضى، بعد إلقائهم قذيفتين على مبنى المتحف والمبانى المجاورة له.

كذلك شهدت المناطق الأثرية العديد من الكوارث فى الفترة من يونيو 2012 حتى يونيو 2013 من حكم الإخوان، من ضمنها تحويل جامعة أون الأثرية إلى سوق أغنام، وجامعة أون الأثرية تعد أقدم جامعة عرفتها البشرية، كما أنها كانت مسرحًا للعديد من الأحداث المفصلية فى التاريخ الفرعونى مثل أحداث أسطورة أيزيس وأزوريس كما تحفل الجامعة بالعديد من الآثار الفريدة على مستوى العالم، منها أطول وأقدم وأجمل مسلة فى العالم باسم مسلة "سونسرت الأول" إلى سوق للأغنام بالإضافة إلى تدمير معبد سرابيط الخادم بسيناء وطمس نقوشه وذلك فى مايو 2013 وهو التدمير الذى يصب فى مصلحة دولة إسرائيل والتى تسعى بكل الطرق إلى ادعاء أن أرض سيناء إسرائيلية ويقف لها هذا المتحف الفرعونى كالشوكة فى الحلق، لأنه يؤكد أن أرض سيناء فرعونية منذ آلاف السنوات، ويعد دليلاً حاسمًا على مصريتها، ويضم المتحف مجموعة من اللوحات الأثرية التى تعرضت للتآكل وفقدان نقوشها، هذا بالإضافة إلى هدم مدش مرزًا الأثرى فى 2013، وهو المبنى الأثرى الذى شيد فى عهد محمد على باشا، وكان يستخدم فى لطحن الحبوب والغلال، كما تعرض قصرًا ثقافة سوهاج والمنيا إلى مهاجمة مسلحة مع بعض أفراد جماعة الإخوان وأنصار الرئيس المعزول محمد مرسى، فى أغسطس 2014، وقاموا بسرقة محتويات قصور الثقافة وتخريب المنشآت الثقافية، وهو ما دفع قيادات قصور الثقافة لمناشدة المواطنين بحماية المنشآت الثقافية والمكتبات العامة، كما قام أنصار الجماعة فى فبراير 2013 بوضع نقاب على وجه تمثال أم كلثوم بالدقهلية، وكتب المعتدون على التمثال مجموعة من العبارات مثل "مصر إسلامية"، كما قامت الجماعات الإرهابية بكسر رأس تمثال عميد الأدب العربى طه حسين بالمنيا.

إن الجماعات المتشددة وعلى رأسها جماعة الإخوان الإرهابية بما تقره فى عقيدتها الفكرية بأن الآثار والتماثيل وكل ذلك يعتبر "أصنام وأوثان" ولابد من طمسها أو هدمها هذا بالنسبة للتماثيل والآثار الحجرية أما بالنسبة للذى يجد تماثيل الذهبية أو الآثار ذات المعدن النفيس وجب سرقتها وبيعها أو كما قال الشيخ محمد حسان فى فيديوهات منتشرة على اليوتيوب فى (حكم الآثار) .. هذه هى عقيدتهم وفكرهم فى قيمة الأثر فهم للأسف لايعرفون قدر هذا الأثر ولا يعرفون قيمته التاريخية ولا الحضارية التى ترسخ للإنسان قيمة وجوده فى هذا العالم، فهم لا يعرفون أن صحابة رسول الله -رضوان الله عليهم- لو رأوا أن فى بقاء التماثيل والآثار مخالف للشريعة اإيسلامية لهدموها دون تردد ولكنهم مع فكرهم الراقى وتمسكهم بدينهم ومدى معرفتهم لتدبر أحكام آيات الله تعالى جعلهم يتركون هذه التماثيل كشاهد على التاريخ وعلى القوم الذين كانوا يعبدونها قبل فتوحاتهم للبلاد ونشر الدين بها، وأن قيامهم بعدم تعرضهم للتماثيل على هداية القوم الذين كانوا يعبدونها قبل فتح بلدانهم.

ويذكر أن عمرو بن العاص عندما فتح مصر اهتم بتمثال "أبو الهول" والآثار الفرعونية القديمة التى كانت بها ولم يدع أحدًا بانتقاد بقائهم، وأنه كان يبنى المساجد فى مصر القديمة بجانب الكنائس وكان يهتم بالعبادات ويرعى الحقوق والواجبات تجاه الأديان السماوية ولم يتجرأ على تكفير أحد، مشيرًا إلى أن ما نراه الآن هو سياسات خارجية ينفذها هؤلاء المتطرفون الذين يتخذون من الدين ساترًا لهم ويسيرون بدين لهم بعيدًا كل البعد عن الشريعة الإسلامية التى أنزلها الله فى محكم التنزيل.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة