وأكد المفتى فى مقاله الذى جاء بعنوان "الإرهابيون وأوهامهم فى فهم القرآن"، أن الجماعات الإرهابية تستخدم الدين بشكل صارخ كستار للتغطية على أعمالهم العدائية العنيفة، بما أسقطهم فى مستنقع الأخطاء العقدية الخطيرة، التى تكشف منطقهم المشوه، واعتمادهم على مصادر غير صحيحة لتفسير النصوص واستغلالها كمبرر شرعى لإشباع شهوتهم فى سفك الدماء عبر الوصول إلى السلطة.
وأضاف مفتى الجمهورية فى مقاله أن المتطرفين ارتكبوا خطأ عقائديا بتشويههم القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة واستخدامها فى غير سياقها الصحيح، ولى عنق النصوص ليبرروا عنفهم ووحشيتهم، مشددا أن هؤلاء الإرهابيين لا يمتلكون الأدوات التى تؤهلهم للفهم الصحيح للقرآن أو الحديث، مشيرا إلى أن الجماعات الدموية وصلت بهم الجرأة إلى رفض آيات القرآن، التى لا تتوافق مع أغراضهم الوحشية الدموية، وأعلنوا الحرب الصارخة من جانب واحد ضد كل من المسلمين وغير المسلمين الذين لا يتفقون مع عقليتهم المريضة وإراقة الدماء.
تابع المفتى فى مقاله تشريح الفكر الإرهابى المتطرف، ذاكرا أن أصحاب هذا الفكر يتجاهلون تمامًا النصوص القرآنية، التى تحث على التعايش والأخوة الإنسانية بين المسلمين وغير المسلمين، حيث يقول الله سبحانه وتعالى: (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى? وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ? أن أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ? أن اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ).
واعتبر مفتى الجمهورية أن تلك الممارسات الفكرية للتكفيريين والإرهابيين تعد بمثابة حماقة غير مبررة تتناقض كليًا مع الرسالة القرآنية الواضحة التى يقول الله تعالى فيها: (من أجل ذلك كتبنا على بنى إسرائيل أنه مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيْعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيْعًا).
وأوضح أن الخطأ الآخر الذى وقع فيه المتطرفون هو تضيقهم لمفهوم الجهاد وتفسيره بأنه القتل والذبح، ليس ذلك فحسب، بل يدعون أن هذا المفهوم المشوه هو الجهاد الذى شرعه الله، مع أن الجهاد فى جوهره هو الجهد البشرى الساعى إلى تحسين حياة الفرد والمجتمع والدفاع عن الأوطان تحت راية الدولة، فإحياء الناس وعمارة الأرض هو النموذج الإلهى للجهاد.
ولفت مفتى الجمهورية فى مقاله إلى أن المتطرفين المتعصبين اعتبروا أن الجهاد المسلح غاية فى حد ذاته، على الرغم من أنه فى واقع الأمر وسيلة للهداية وليس القتل، مشددا على أنه من غير مقبول دينيا أو إنسانيا، أو عقليا أو منطقيا أن يعلن التكفيريون "الجهاد المسلح" ضد العالم نيابة عن 1.5 مليار مسلم.
وأكد أن الإرهابيين الذين يُقتلون وهم ينفذون أعمالاً إرهابية ضد الأبرياء لا يدخل ذلك فى نطاق الجهاد المعروف فى الشريعة الإسلامية، حتى لو اعتبر الإرهابيون أن ما يفعلوه شكلًا من أشكال الجهاد، ولا يشفع لهم فى ذلك نواياهم أو فعلهم ذلك عن جهل، لأن النوايا لا تبرر الأعمال غير المشروعة، كما أن الشريعة الإسلامية قد أكدت على قدسية الحياة، وحرمت بشكل قاطع قتل الأبرياء، مشددا أنها أمور لا تمت إلى الجهاد بصلة.
المفتى لـ"وول ستريت جورنال": الإرهابيون سقطوا فى مستنقع أخطاء عقدية