النصب باسم «القرآن الكريم»..قنوات الدجل والشعوذة تستغل أصوات كبار المقرئين للترويج للمنتجات الطبية «المضروبة».. وإعلانات فك السحر.. قاهر الجن وزلزال الرقية.. أسماء عجيبة للدجالين.. لخداع «المغفلين»

الجمعة، 17 أبريل 2015 09:45 ص
النصب باسم «القرآن الكريم»..قنوات الدجل والشعوذة تستغل أصوات كبار المقرئين للترويج للمنتجات الطبية «المضروبة».. وإعلانات فك السحر.. قاهر الجن وزلزال الرقية.. أسماء عجيبة للدجالين.. لخداع «المغفلين» صورة أرشيفية
كتبت: إيناس الشيخ - رضوى الشاذلى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

نقلا عن اليومى



تجلس أمام التليفزيون مهموما- ومن منا يخلو من الهموم والمتاعب؟- ووسط زحام القنوات يستوقفك الصوت العذب لتلاوة القرآن، فتترك الريموت كنترول من يدك، إجلال وتعظيما لكلام الله، وتوقف للإنصات أو التعرف على قناة جديدة تبث القرآن آناء الليل وأطراف النهار، فتفاجأ بمئات الإعلانات التى تتحرك على الشاشة على خلفية قرآنية لا علاقة لها بما يجرى أمامك من صور وأرقام تليفونات خاصة بكبار الدجالين المتخصصين فى فك السحر والعمل، وغيرهم ممن خصصوا وقتهم لإعادة المطلقة لزوجها، وتطليق أخرى من زوج آخر، أو تزويج من فاتها القطار، فضلاً عن علاج كل أنواع الأمراض المستعصية وغير المستعصية مع التركيز على المشاكل «الجنسية» بالرقية الشرعية والأعشاب المغشوشة، والأجهزة المضروبة والوصفات الغريبة التى لا يعرف مكوناتها أكبر أطباء وزارة الصحة.

قاهر الجن وزلزال الرقية.. أسماء عجيبة للدجالين.. لخداع «المغفلين»


ابن سينا.. الهدى.. سجايا.. النور.. أمير الشفاء.. الأبرار.. والبشرى.. أشهر قنوات النصب تحت ستار القرآن



آيات من الذكر الحكيم فى الخلفية، محتوى جذاب لملايين المتابعين، وعلى الشاشة إعلانات نصب صريح، عبر خطة محكمة لبيع الوهم على القنوات الفضائية بطريقة تافهة وسهلة ومضمونة لجنى الملايين.
حملات واسعة يتم شنها من فترة إلى أخرى على هذه القنوات من قِبل هيئة الاستثمار وجهاز حماية المستهلك ووزارة الصحة، وشكاوى وبلاغات تقدم من مواطنين تم النصب عليهم بالفعل، إلا أن مالكى هذه القنوات يمارسون عملهم وكأن شيئا لم يكن، فى جولة سريعة بين القنوات الفضائية استطعنا أن نجمع عددا كبيرا من هذه القنوات التى تمارس النصب العلنى متخفية وراء ستار إذاعة القرآن الكريم، من بينها: ابن سينا، ، الهدى، سجايا، النور، الرقية، أرزاق، كنوز، أمير الشفاء، العراب، جرين لاين، تى فى شوب، الأبرار، والبشرى، هذه القنوات التى اتفقت على الطريقة نفسها للدعاية لهذه المنتجات رخيصة الثمن وعديمة الفائدة، ففى اللحظة التى يقرأ فيها الشيخ عبدالباسط عبدالصمد أو غيره من الشيوخ بعض الآيات من القرآن الكريم ستجد على الشاشة إعلانا لتكبير العضو الذكرى، وآخر لتكبير حجم الثدى، هذه الإعلانات الطبية الخادعة والمزيفة بجانبها ستجد إعلانات أخرى لبعض الدجالين الذين سبق أسماءهم لقب شيخ لكى يطمئن قلب المشاهد.
ففى قناة ستجد إعلانا للشيخ أبو راشد المغربى الذى يتم الترويج له على أنه راق يحميك من المس والسحر وغيرها من الأشياء الأخرى، أما قناة دزاير ستجد فى الشاشة بأكملها إعلانا لمنتج باسم دهن الزيوت العشرة الذى يوهم المتابعين أنه يساعد مستخدميه فى التخلص من سحر العقم والتفريق بين الزوجين، وكذلك سحر التنجيم، حسبما يؤكد الإعلان.
قناة سجايا تروج لنوع آخر من العلاج، أن الشيخ العلامة أبوحواء لديه علاج لجميع المشكلات المستعصية فى خلال 48 ساعة فقط عن طريق خواتم وقلادات قادرة على حل كل الأمراض بسهولة. أما قناة النور تبحث عن ضحاياها بين المهاويس بالمنتجات الجنسية، ففى الخلفية يذاع القرآن، وعلى الشاشة ستجد إعلانا لمنتج فيجن إكس يروج له على أنه مصنع من الأعشاب الطبيعية ويعمل على تأخير القذف والزيادة فى القدرة والطول.
أما قناة الشفاء فتعلن عن شيخها سلطان وتقدمه وأنه قادر على فك جميع أنواع السحر.
اللواء عاطف يعقوب، رئيس جهاز حماية المستهلك، علق على هذه القنوات المسيئة لـ«اليوم السابع»: لدينا مجموعة من المختصين بمتابعة كل القنوات وبالفعل تمت إحالة عدد من القنوات إلى النيابة بتهمة الترويج لأدوية طبية وغيرها من المنتجات، خصوصا بعد مراجعة وزارة الصحة والتأكد من أن هذه المنتجات لم تحصل على تصريح من الوزارة بما يفيد أنها مزيفة وأن شكاوى المواطنين حقيقية.
ويضيف يعقوب أن من بين هذه القنوات التى تمت إحالتها للنيابة قنوات كايرو زمان، وماجيستك سينما، ودربكة، وبيروت، وستار 2، ودوللى سينما، وعدد من القنوات الأخرى التى تروج لمنتجات وهمية لم تسجل بوزارة الصحة ويشير اللواء عاطف يعقوب إلى أن الحملات ضد قنوات النصب بكل أشكالها مستمرة ونوصى المواطنين بعدم الانصياع لهذه القنوات والمنتجات مجهولة المصدر التى تهدف إلى النصب وجنى الأموال ليس أكثر من ذلك.

«الصحة» تتبرأ من إعلانات بيع الوهم وتنصح المواطنين: «ما تخليش حد يشتغلك»



منتجات طبية عديمة الفائدة يتم الترويج لها على مدار 24 ساعة كاملة على أنها الخلاص الوحيد من الأمراض المزمنة، فضلا عن منتجات وأدوية أخرى توهم المشاهدين أنها قادرة على حل مشكلات الضعف الجنسى، وتغنى السيدات عن عمليات التجميل مثل «تكبير الثدى»، وجميعها لم تحصل على أى تصريح من وزارة الصحة، فى محاولة لاستقطاب آلاف المواطنين المتلهفين إلى الشفاء أو الباحثين عن حلول لمشكلات يعانون منها.
وهو ما يعلق عليه دكتور «حسام عبدالغفار» المتحدث الرسمى باسم وزارة الصحة لـ«اليوم السابع»: «نحن دائما نعمل على تتبع مثل هذه القنوات التى تعرض منتجات غير مرخصة والتى تضر مستخدميها، ولكن فى حقيقة الأمر بعض هذه القنوات لا سلطة لنا عليها، لأنها لا تبث من القمر الصناعى نايل سات بل من أقمار أخرى، ولكنها فى المدار نفسه، لذا يمكن لمتابعى النايل سات مشاهدتها، ونسعى من جانبنا إلى تتبع هذه الإعلانات قبل إذاعتها على القنوات، وهذا هو الاتفاق الجديد بين وزارة الصحة وهيئة الاستثمار، أن يكون قرار الإعلان عن المنتجات والأدوية الطبية على الفضائيات خاص بنا، حتى لا نسمح لأحد بخداع المواطنين».
ويضيف عبدالغفار: «ولأننا لا نستطع إيقاف هذه الإعلانات، قررنا أن نخوض حملة أخرى وهى التوعية على القنوات الرسمية للمواطنين لمقاطعة هذه المنتجات التى لا فائدة لها.

كالعادة.. قنوات الإعلانات «المضروبة» لاتبث من مصر وإنما من «القمر الفرنسى»


«النايل سات»: قنوات الدجل خارج نطاق المنطقة الإعلامية الحرة


«هذه القنوات لا تبث من داخل مصر، ولا تخضع للرقابة المصرية»، هكذا فسر «محمد سميح» المستشار الإعلامى بـ«النايل سات» سر وجود هذه القنوات التى تم تأسيسها للإعلانات فقط، وتنتقل للمواطنين كقنوات فضائية مصرية، وأكمل حديثه لـ«اليوم السابع» قائلاً: معظم القنوات التى تبث إعلانات الأدوية غير المرخصة، والمشايخ، وغيرها، لا تخضع لـ«النايل سات»، أو المنطقة الإعلامية الحرة، ولا تثب من «النايل سات» فى الأساس.
وشرح «سميح» الأمر: معظم هذه القنوات تبث من القمر الفرنسى، الذى يتم الوصول إليه من خلال مجموعة من الشركات التى لا تشترط تراخيص، أو أوراق رسمية ولا تمت للحكومة المصرية بصلة، لذلك لا يمكن السيطرة أو الرقابة على هذه القنوات، كما أن «النايل سات» جهة بث، وليست جهة رقابة، والمنطقة الإعلامية الحرة هى جهة إصدار التصريحات.
الرقابة يجب أن تكون ذاتية، هكذا أكد «سميح» قائلاً: الرقابة يجب أن تكون ذاتية، ويجب أن يقوم الإعلام بدوره فى التحذير من هذه القنوات التى لا تستخدم أى تصريحات رسمية، ولا تخضع لأى رقابة، ويجب منعها ذاتياً من المنازل.

«اليوم السابع» تخوض رحلة مع نصابى القنوات القرآنية.. اتصلنا بالشيخ «أبو يس» فاتضح أنه سودانى يعيش فى الجبل ويرفض مقابلة ضحاياه.. ويطلب تحويل آلاف الجنيهات إليه عن طريق كروت شحن.. والعلاج حجاب فى طرد على حسابك


«اليوم السابع» خاضت رحلة التواصل مع الشيوخ العلامين الذين لا يضع معظمهم سوى أرقام تليفونات، مصحوبة بإعلان قصير يؤكد للمشاهد ضرورة الاتصال الفورى لحل جميع مشاكل حياته، من بين الإعلانات اخترنا رقم الشيخ أبويس الذى وصف نفسه بعلامة الزمان.
جرس طويل، يعقبه صوت أجش يتحدث بلهجة غير مصرية، يبدأ المكالمة بريبة واضحة حتى يطمئن لصوت المتصل، ثم يستهل كلامه قائلاً السلام عليكم، بصوت خفيض حاول خروجه منكسراً قدر الإمكان، أخبرته أننى فتاة فى منتصف العشرينيات أعانى من كوابيس مستمرة، وتعثر فى أداء فروض الصلاة، وتأخر فى الزواج، بصعوبة حاولت تمييز الحروف التى تخرج من فمه غليظة قبل أن تصيبنى الدهشة من سؤاله الأول «فى حد بينام معاكى فى الحلم؟»، استوضحت السؤال مرة أخرى ثم أجبت بنبرة حادة: «لا». سألنى عن محل إقامتى فأجبته أننى مقيمة فى القاهرة وعلى استعداد للقائه فى مكتبه، وكانت الإجابات التالية سيلاً من المفاجآت، فأخبرنى أنه لا يمتلك مكاناً ليرى فيه العملاء، وأن الكشف والعلاج سيتم عن طريق التليفون فقط، وأن الكشف المبدئى يتطلب أن أقوم بشحن كارت على رقم هاتفه المحمول بقيمة 50 جنيها، وبعد أن يتم شحن الكارت أقوم بإرسال اسمى الذى لم يسألنى عليه أصلاً، واسم والدتى.
حاولت التظاهر بالاقتناع، وسألته سؤالا مباغتا: «هو حضرتك مكانك فين؟»، لتدهشنى الإجابة: «أنا من السودان، ومقيم فى حلايب وشلاتين»، ابتلعت الصدمة، ثم استكملت دورى فى الأسئلة: «وما عندكش مكان حتى فى حلايب وشلاتين؟». قال مستنكرًا: «لا احنا عايشين فى الجبال، وكل شغلنا بيتم عن طريق التليفون، بتبعتيلى الكارت ثمن الكشف، وبعدها تبدأ الجلسات، بتبعتيلى تمنها فى حوالة مستعجلة، وأنا ببعتلك طرد فيه العلاج بإذن الله».
ابتسامة انفلتت عنى حمدت الله على أنه لم يرها، ثم سألته بجدية: «العلاج عبارة عن إيه؟» قال مترددًا: «مجموعة من الدهانات، وحجاب هتربطيه فى هدومك، وإن شاء الله نفتح باب الزواج»، شكرته ممتنة، ثم سألته سؤالاً أخيرًا: «هو الموضوع هيتكلف كام معلش؟» قال محاولاً تخفيف شعورى بالتعرض للنصب: «يعنى من 1000 إلى 3000 بإذن الله تعالى»، كررت شكرى مرة أخرى، وأنهيت المكالمة التى لم يسألنى طوالها عن اسمى، أو أى بيانات أخرى.
القصة التى مرت بها «اليوم السابع» محاولة كشف رحلة المواطن المصرى مع النصب من خلال قنوات تستغل القرآن كبوابة لجذب رجل الزبون هى التى تعتبر تجربة مبسطة، مقارنة بقصة المواطن «س.ع.ع» مدير عام سابق بمديرية التربية والتعليم بمحافظة المنوفية، بعد أن وقع فى فخ النصب من خلال هذه القنوات، استوقفه أحد الإعلانات لواحد من علامات الشيوخ، الذى أطلق على نفسه مدثر السودانى وأخته الشيخة سلطانة السودانية، وهو يذكر نص الإعلان وإنهاء الأعمال السحرية، ورد المطلقة لزوجها خلال ساعة، اتصل الآن، ولا تضيع فرصتك.
جذبته جملة رد المطلقة خلال ساعة، واتقد فى ذهنه مشهد زوجته التى طلقها منذ عدة أشهر، ومحاولاته اليائسة فى ردها دون جدوى، سارع إلى هاتفه المحمول وبدأ فى رحلة النصب التى يسردها لـ«اليوم السابع» مؤكدا إبقاء الأمر سرًّا، وقال: اتصلت بأحد الأرقام الموجودة بالإعلان، جاءنى صوت شاب يخبرنى بأنه سكرتير العالم العلامة الشيخ مدثر، حدثته بالمشكلة، وأخبرنى أنه سيعرض المشكلة على الشيخ مدثر الذى هاتفنى بعد ساعة بلهجة سودانية وأمرنى بإرسال اسمى واسم طليقتى للسكرتير، الذى أعاد الاتصال بدوره بعد ساعة أخرى وطلب منى شحن كارت محمول فئة العشرين جنيها على رقم أعطاه لى هاتفيا، قمت بشحن الكارت وانتظرت يومين، حتى اتصل بى السكرتير مرة أخرى يخبرنى أن الشيخ انتهى من الكشف، وسيبدأ العمل بالجلسات، وقيمة الجلسة الأولى 300 جنيه أقوم بإرسالها عن طريق كروت الشحن على الرقم نفسه، لم أسأل كثيراً، وقمت بتنفيذ الطلب.
يومان آخران مرا قبل أن يهاتفنى السكرتير مرة أخرى، ويطلب منى شحن كروت أخرى بقيمة 550 جنيها، قيمة الجلسة الثانية، فقمت بإرسالها على الفور، بعد عدة أيام تضاعف المبلغ الذى طلبه منى السكرتير قيمة الجلسة الثالثة التى وصلت إلى 700 جنيه. ازداد عشم «س.ع» بزيادة المبلغ فى كل مرة، وظل ينتظر النتيجة عدة أيام، حتى وصله اتصال من سكرتير آخر اسمه أحمد العروبة الذى أخبره أنه السكرتير المباشر للشيخ مدثر، وأنه ينتظر منه مبلغا قيمته 700 جنيه أخرى لتحصين العمل، فقمت بالاعتراض وارتفع صوتى قائلاً: «هو أنا شفت عمل عشان أحصن العمل؟»، فأكد لى أن المبلغ هو الأخير، وإن لم أقم بإرساله فسيضيع كل ما سبق، أرسلت المبلغ مضطراً، ثم انقطعت الاتصالات، أدركت ما تعرضت له من عملية نصب مكتملة على الرغم من سنى ومركزى، واستغلال هؤلاء المدعين لآلام الناس ومشاكلهم، فقمت بتحرير بلاغ للنائب العام بتاريخ 4 ديسمبر 2014، وحتى الآن لم تسفر البلاغات والتحقيقات عن أى جديد.
عملية النصب المنظمة التى تعرض لها المواطن «س.ع»، تكررت مع غيره بقنوات تستغل القرآن الكريم فى النصب بالإعلانات.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة