دائما ما نقول "الكل بيتجمع وقت الزنقة".. "الكل دايما إيد واحدة فى الشدائد".. "المصرى معدنه بيبان وقت الشدة".
لكن هل من مرة سألنا أنفسنا لماذا الاتحاد يكون وقت الأزمات فقط؟؟!!.. لماذا تظهر الاختلافات بل وتتحول إلى خلافات كبيرة فى كثير من الأوقات؟؟، ونكون ضاربين عرض الحائط، غير مؤمنين بقضية تقبل الآخر واحترام آراء الآخرين، ويصبح كل منا متشبث بوجهة معينة ورأيا معينا غير قابل للمرونة أو حتى الإنصات لوجهات أخرى من آراء الآخرين.
وبكل بساطة يتحول كل اختلاف إلى خلاف، بل يتطور الأمر فى بعض الأحيان وينقلب إلى عداء، فى حين أنه عند حدوث أى خطر ما، يصبح الجميع يدًا واحدة وعلى قلب رجل واحد، وكأننا أصبحنا كخلية النحل التى يعرف كل من فيها دوره من تلقاء نفسه ولا ينتظر من أحد أن يذكره بدوره، فما السر فى هذا التناقض الغريب؟؟ ما السر فى الفرقة وعدم الاتحاد؟.. طالما توجد القدرة على تحقيق الوحدة والتعاون؟؟ أعتقد أنه سؤال يستحق الـتأمل.
ترى يكون ذلك نتيجة الشعور بالخطر، مما يدفع الجميع إلى التعاون وتضافر الجهود؟ وإذا كانت تلك هى الحقيقة فلماذا لا نستمر بالاتحاد والتعاون فى أوقات الرخاء؟؟... فهل لا يوجد دافع للوحدة سوى الأزمات والشعور بالخطر عند المصريين بل وعند العرب جميعاً؟؟
فالاختلاف بين الناس أمر مقبول نتيجة الاختلاف فى الطبائع ، الميول ، الثقافة وطريقة التفكير، ولكن إذا كان الاختلاف أمرًا واقعًا فما هى أسبابه وآثاره وطرق علاجه؟؟
أولاً أسباب تربوية وثقافية:
فللأسف الشديد ينشأ البعض من خلال تربية أهملت الكثير من المفاهيم التى نعانى فقدانها اليوم مثل احترام الآخرين وآرائهم، حسن الإنصات للغير، تقبل الرأى الآخر وعدم تسفيه آراء الآخرين، وهو ما ساهم بدوره فى وجود شريحة كبيرة من الناس لا يوجد لديها ثقافة الاختلاف، فإذا كان الاختلاف بين الناس أمر مقبول فما هو مرفوض كل الرفض أن ينقلب كل اختلاف بين اثنين على أمر ما إلى خلاف بينهما يصل إلى حد العداء كما ذكرنا، وإن يعجب كل طرف برأيه بشكل يصل إلى الغرور ويرفض أن يتقبل رأى غيره بل يعمل على تسفيهه.
ثانيا أسباب اجتماعية ونفسية:
فقد ينشأ الخلاف بين البعض بسبب طمع أوحسد، فقد يطمع بعض الناس فيما عند غيره بشكل يقوده إلى الحسد والحقد أو أن يغر بما عنده إلى الحد الذى يجعله يزدرى ما عند غيره، وبالطبع إذا هبت ريح الطمع والحسد هبت ريح الخلاف والفرقة.
هذا وبالإضافة إلى حب البعض إلى الصدارة والزعامة وأن يشار إليهم بالبنان، أن يكونوا متبوعين وليسوا تابعين وآمرين وليس مأمورين، وهو ما الذى يقودهم إلى السيطرة التى يقترن بها الانفراد بالرأى وعدم الشورى فى حالات عديدة مما يخلق خلافات، بالإضافة الى التنازع والاختلاف للفوز بتلك المكانة.
هذا إلى جانب تغليب البعض لسوء الظن بالآخرين والتشاؤم إلى الحد الذى لا يثقوا عنده بأحد حيث يصبح أى عمل لم يقوموا به بأنفسهم أو يشرفوا على مصيره يكون فى نظرهم عمل فاشل ونهايته الخسران .
ثالثاً أسباب دينية أوغيرها:
فقد تكون أسباب الخلاف والفرقة نتيجة العصبية الممقوتة لدين، مذهب ، جنس ، لون أو بلد ، مما ينتج عنه بالطبع روح الانقسام والفرقة ونشوب الخلافات .
فالأسباب كثيرة والنتيجة واحدة وهى خلافات وعداوات وشجار وتعصب، لذلك لابد للجميع أن ينبذ الفرقة ويتحد مع أخيه للقضاء على الآثار السلبية للفرقة وعدم الاتحاد والخلافات لأنها كالسوس الذى ينخر فى العظام حتى يبليها، ولعل أبرز الآثار المدمرة هى تسلط وتكتل الأعداء على صفوفنا واستباحة دمائنا وأعراضنا، واستحلال أموالنا وأوطاننا، وكيف لا يجرؤ العدو على ذلك مادام أصابنا الوهن فى مواجهته ولعل أكبر وهن نعانى منه هو الشتات والفرقة والانقسام ومن ينظر إلى حال العرب اليوم يرى كم طمع بهم الأعداء حين تفرقوا واختلفوا، فالنتيجة واضحة وضوح الشمس، فيقول الله تعالى "وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين" سورة (الأنفال :46) .
هذا وبالإضافة إلى الآثار النفسية للاختلاف والفرقة حيث الإحباط وتبدد الطاقات وغياب الثقة وهو ما يصب فى مصلحة الأعداء .
لذلك لابد من الإيمان كل الإيمان بضرورة الاتحاد والترابط فى كافة الأوقات وليس فى أوقات الشده فقط ...فإْن اعتبرنا الترابط والاتحاد بناء شيدناه، ووقت الأزمات ووقت الرخاء هما جانبا هذا البناء وأن ما يوجد من تكتل للأعداء هو زلزال قوى يستطيع أن يهدد هذا البناء بالدمار والهدم، فهل يعقل أن أبنى وأسلح جانب واحد فقط من البناء وأترك الجانب الآخر هشاً ضعيفاً ؟؟!!.....فلابد أنه سيـتأثر بقوة الزلزال و سيخر حطاماً مهما كانت قوة الجانب الآخر .
لذلك لا أظن اننى أبالغ حينما أقول أننا لابد أن نتحد ونتفق على الاتحاد ونبذ الخلافات وتقبل الآخر والتحلى بمكارم الأخلاق، ولعل أكثر من يلقى على عاتقهم ذلك الحمل الثقيل هما دور العبادة ووسائل الإعلام لما لهم من دور هام ومؤثر فى نشر الوعى والثقافة .
وبذلك نكون قد وضعنا أقدامنا على الطريق الصحيح للوحدة الكاملة و الدائمة فى كل وقت.. وليس "وحدة موسمية" ترتبط بوقت أو ظرف معين وكأنه موسم لوجودها ، فيقول تعالى : "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً " سورة (آل عمران :103 ) .
يارا شامل تكتب: لماذا.. الوحدة الموسمية ؟؟!!!
الأربعاء، 22 أبريل 2015 12:00 ص
ورقة وقلم
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة