نقلا عن العدد اليومى ...
أعزائى القراء.. قررت أن أكتب لكم وأنا الزاهد فى نشر كلماتى للعلن.. ولكن هناك لحظات تُحتم على المرء فعل ما لم يكن فى خياله أن يفعله، وليس عندى أغلى من الوطن كى أهدم معابدى وطقوسى من أجله، فقررت أن أدلى بدلوى فى رحاب صاحبة الجلالة التى أصابها ما أصاب الكثير من ترهلات الزمن وانقضاض المرتزقة ومغامرات المراهقين صحفياً.. قررت ذلك القرار بنابع إنسانى وطنى متجردا من الهوى والمصالح.. حتى أننى قررت ألا أذكر اسمى فى خانة الكاتب واخترت اسماً رمزياً لى هو «ابن الدولة».
نعم أنا ابن الدولة المصرية الضاربة فى عمق التاريخ.. أنا ابن الأزهر الشريف رمز الإسلام السنى الوسطى الذى أنار العالم شرقاً وغرباً بالثقافة والتحضر والمعرفة قبل الدين، والذى ظل كذلك لما يقرب من ألف سنة من عمر البشرية.. أنا ابن الدولة المصرية التى لا تعرف تطرفاً دينياً أو مذهبياً، وتستوعب بثقافاتها المتنوعة وبثراء معارفها وموروثها الحضارى الجميع.. أنا ابن الكنيسة القبطية المصرية العريقة والتى بشرت بتعاليم المسيح وسماحته منذ أن أسسها القديس مرقس الرسول منذ حوالى ألفى عام وتلاقت فى مصر حولها باقى الكنائس الكاثوليكية والإنجيلية والبروتستانتية.
أنا ابن النيل هبة الله لنا.. النيل الذى وهبنا البقاء والذكريات.. البقاء أحياء بمياهه التى تسقى الحرث والنسل، والذكريات على ضفافه عندما اقشعر الجسد حين لامست يد الحب الأول، وعندما ضحكنا من القلب فوق ذلك القارب الصغير الذى رقص معنا فوق مياهه.. وابن الأهرامات والكرنك وخان الخليلى والسيد البدوى وقلعة قايتباى.. بذلك التنوع الحضارى الممتد منذ الفراعنة والرومان مروراً بالحضارة الإسلامية العباسية والأموية والمملوكية انتهاء بالعثمانية والبريطانية تنوعت المعارف والعلوم، وبقيت لمصر الدولة طابعها المميز المتفرد الذى لم يتغير ولن يتغير إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.. وأنا من تربى على كلمات نجيب محفوظ العبقرية، وأستمتع بفن يوسف وهبى وفاتن حمامة وعمر الشريف وسعاد حسنى، ودندن مع أم كلثوم وعبدالحليم ومحمد فوزى ونجاة وشادية.. أنا من ترتفع ضحكاته لعنان السماء عند مشاهدة تحفة إسماعيل ياسين وفطين عبدالوهاب «ابن حميدو».. أنا من سجد لله شكراً حين هبطت عدالة السماء على استاد باليرمو حين وضع مجدى عبدالغنى هدفه الأغلى فى شباك هولندا فى كأس العالم 90 وأنا الذى كاد أن يبكى حين أعلن محمود الخطيب اعتزاله ولعب آخر مبارياته فى ديسمبر 1987.. أنا الذى أستمع إلى إذاعة القرآن الكريم فى الصباح، فتتغذى الروح بكلمات الله على صوت الشيخ الحصرى وعبدالباسط عبدالصمد والطبلاوى، ثم تتمايل نفسى فى طقس صوفى صامت على ابتهالات النقشبندى ونصر الدين طوبار.
أنا الذى أنتظر ذكرى أكتوبر لأتجرع جرعة فخر بجيش بلادى الأعرق والأقدم فى تاريخ البشرية، حين أستمع لكلمات الرئيس السادات وهو يبشر المصريين بأنه قد أصبح لهم درع وسيف، وأنفعل مع كلمات ناصر الثورة حين يؤمم القناة وكأننى أسمعها للمرة الأولى، ولأننى لا أنكر الحقائق فإننى أهوى مشهد رفع العلم المصرى فوق العريش عام 1982 بيد الرئيس مبارك.
أنا ابن هذه الدولة العظيمة الفريدة فى الشكل والموضوع.. العبقرية فى جغرافيتها وثقافتها.. الغنية بأبنائها.. ولذلك كان حتماً علىّ أن ألبى نداء بداخلى أن أكتب لكم بقلم المنطق فى زمان كاد أن يقتله البعض، أو يغتصبه البعض الآخر على ورقة الوطن التى لوثها الكثيرون باسم الدين تارة وباسم الحرية تارة أخرى.. سأبحث لنا جميعاً، عن مساحات مشتركة تجمعنا وتوحدنا كما كانت مصر دائماً.. سأتحدث باسم الدولة المصرية ومن منظورها بكل فخرا وتجرد غير عابئ باتهام بالـ«خيانة» من متطرف فى التأييد أو بالـ«تطبيل» من طرف مفرط فى المعارضة، سنتحدث كما خبرنا الخال الأبنودى حديث النبات والطين.. سأكتب لكم ما يرضى الله ونبنى به الوطن من أجل الأبناء والأحفاد.. و.. للحديث غداً بقية..
«هذا الوطن يستحق أن نعمل ونموت من أجله».
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد
إفتتاحية جميلة ... بالتوفيق
بس كنت أفضل "إبن مصر".
عدد الردود 0
بواسطة:
ياسر
اخيرا كلام العقل
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرية
نعم مصر تستحق
عدد الردود 0
بواسطة:
د فوزى لاشين
نعم وطن يستحق ولكن ينبغى علينا أن نقضى على الفساد فبه فى جميع مراحله وأشكاله
عدد الردود 0
بواسطة:
mohammed
هل أنت صحفي واحد أم مجموعة تتناوبون المقالات؟
عدد الردود 0
بواسطة:
ossama Gaber
العقل الباطن
عدد الردود 0
بواسطة:
صبرى
ابن الدولة
كلنا هذا الرجل (ابن الدولة)
عدد الردود 0
بواسطة:
Ash
على على ابن بلدى ( انا المصرى )
عدد الردود 0
بواسطة:
ئشن
أحيك على هذه الافتتاحية الوطنية
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد
فعلا ابن مصر افضل