فى محاولة جديدة للبحث عن مواهبى المجهولة المشكوك فى وجودها أصلًا، قررت أن أتعلم "الكروشيه" بمساعدة "يوتيوب"، تابعت العديد من الفيديوهات وأخذت أقلد كل الحركات بالتفصيل.. امسكت الخيط السميك ولففته على إصبعى وفى اليد الأخرى أمسكت الإبرة معقوفة النهاية.. انهمكت فى العمل لساعات، أمرر الإبرة التى تمسك بالخيط بين النسيج حتى أخرج طرف الخيط وأكرر الخطوات مئات المرات إلى أن يأكلنى الملل. أعد الحلقات وأحسب المسافات وأشد الخيط مرة واتركه ينساب مرة.
مهم جدًا أن انتبه لطرف الخيط لأن جذبة بسيطة كفيلة بأن تفسد كل ما فعلت ويعود ما نسجته خيط وحيد كما كان، ويتلاشى مستقبله فى أن يصبح شيئا، والأهم ألا تحدث عقدة فى الخيط فتقف فى طريق الإبرة النشيطة.. اظل اعمل واعمل ويأخذ النسيج من عمر لفافة الخيط فينقص حجمها.
وقاية من الملل.. اضع فى إذنى سماعاتى الصغيرة واتركها تغنى ما يحلو لها، تسكب فى عقلى لحن فرح أحيانًا خائف دائمًا... اخبط قدمى فى الأرض كطفل غاضب فألوان خيوطى لا تعجبنى.. ألقى بالأبرة.. ألوم ما اسميه حظى العاثر مئات المرات لأعود أجدنى لا ألوم إلا ذاتى !! بعدها تأتى ألحان أحلامى لتلومنى.. وتتراقص الأغنيات حين تشتعل بكل ألوان المستقبل.. فابنى برج عاجى من الأشياء الباهتة اسكنه وحدى، واعود لامسك بالابرة كى انسج احلام جديدة..
الآن يجب أن اطوع حلقات النسيج لتصنع منعطف صغير لتكتمل الدائرة وتظل الإبرة تدور وتدور حولها..
أنا أعلق كبندول ساعة حائط.. اتأرجح بين شك رمادى ويقين زاهى الألوان.. إنها فراشة الأمل المراوغة، التى لا تحط على ازهارى، ولا ترحل بعيدًا فأنساها.. تظل تدور وتدور حولى..آه من ذلك الأمل الذى يعيدنى إلى بداية الطريق..لأبقى الهث وراء عقارب ساعتى.
أنا لدى لفافة خيط لا أعلم أى شكل أعطيها ولا كم إبرة لدى كى أتمكن من صنع شيئًا ما جميل.. أتمنىأالا تنتهى كل خيوطى قبل أن أنتهى أنا من صنع ما أريد..أعالج عقد الخيط كى أكمل النسيج الذى بدأ يتشكل..
كم يحلو لى أن أجلس لأحدق فى اللا شىء.. أبحث عن شىء غير مرئى.. شيئًا ما براق خلف الغيوم يلوح لى.. ينادينى وما من أحد يسمعه سواى.. يدعونى للطيران فأنظر فى أسف لاذرعى.. إنها لا تعرف الطيران!
سأظل أعمل إلى أن تنتهى كل خيوطى. سأنسج ما تعطينى الأيام من ألوان...
إبرة وخيط - صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة