أحمد إبراهيم الشريف يكتب:"الطليانى" لـ"شكرى المبخوت"رواية منزوعة" الخيال"

السبت، 16 مايو 2015 01:04 م
أحمد إبراهيم الشريف يكتب:"الطليانى" لـ"شكرى المبخوت"رواية منزوعة" الخيال" غلاف رواية الطليانى
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى كل سنة تثير جائزة البوكر العربية جدلا كبيرا هذا الجدل يتجاوز فكرة الرواية الفائزة لمحاولة منطق الاختيار، يذهب البعض للمحاصصة ويذهب آخرون للإثارة وتتحضن لجنة التحكيم خلف "الرؤية النسبية"، لكن هذا العام كان الجدل غريبا فاختيار رواية "الطليانى" للكاتب التونسى شكرى المبخوت صدمت كثيرا من المتابعين فالرواية ليست الأجمل ولا الأكثر حبكة بين الروايات المرشحة.

فعندما سألت المذيعة فى أحد البرامج الحوارية الروائى التونسى شكرى المبخوت عن روايته الحاصلة على جائزة البوكر وعن أحداثها: هل هذه حكايات حقيقية، قال لها فى لهجة تونسية محببة: ليست مهمة هذا الحكايات إنما المهم هو "الخيال".. فتعجبت إذ أن رواية "الطليانى" لـ"شكرى المبخوت" رواية بها كل شىء إلا "الخيال".

ونقص الخيال ليس اتهاما جاهزا نلصقه بالكتابات، لكن الأمر له حيثيات كثيرة، منها أن "الطليانى" رواية لا تثير حزنا أو فرحا، تمر الأحداث وتتالى دون أن تورطك معها بالحب ولا بالكراهية دون أن تجعلك جزءا من الحكاية، دون أى أثر عاطفى، فلا تجد نفسك تشبه شخصية "عبد الناصر" بطل الرواية ولا تخشى عليه ولا تتمنى نجاحه أو فشله، أنت فقط تقرأ ربما تريد أن تعرف كم امرأة التقاها "عبد الناصر" وهل سلمت له كل واحدة جسدها بهذه السهولة المبالغة، فلا يحزنك حزنه وارتباكه ولا تتمنى إزالة العقبات التى يلتقيها.

كما أنه يمكنك فى الرواية أن تتوقف فى أى وقت وتغيب أياما ثم تعود دون أن ينقص ذلك من شعورك بالرواية، تتحرك الرواية للأمام فى سهولة، غرضها الرئيسى كشف الفترة الزمنية التى يتحدث عنها فيستخدم شخصياته لذلك، لكنهم ليسوا الأصل الذى يسعى لتتبعه، الشخصيات فى الرواية هى مجرد "عرائس ماريونيت" معلق عليها "حدث" فى يوم كذا وعام كذا.

لا يوجد ابتكار فى أى شخصية، فـ"عبد الناصر" كتبه "شكرى المبخوت" كما يكون اليسارى "الحنجورى" الذى يملك "هيئة" تصلح أن تكون واجهة لشيء ما، يسارى فى "الجامعة" وفقط، لم يشأ أن يدخله السجن مثلا وأن يعتقل فتتعمق "الشخصية" لديه، وتصبح رؤيته للأشياء مغايرة، أصبح مجرد رجل أعجبته مجموعة من الأفكار فادعاها، واستفاد منها، وفى الوقت نفسه لم يقل "شكرى المبخوت" ذلك، بل دافع كثيرا عن "يسارية عبد الناصر"، وهذه اليسارية غير المكتملة مرت فى نموذج ربما "هرسته الأفلام العربى 3000 مرة".

من ناحية أخرى جاء فى حيثيات فوز "الطليانى" بـ"البوكر"، أن شخصية " زينة" جديدة على الأدب العربى، لكن فى الحقيقة عندما تقرأها وتقلب فيها لا تجد، أى جديد، إنها صورتنا "الشعبية" عن بنات القرى "المثقفات" فكل تصرفاتها متوقعة، ابنة قرية فقيرة مثقفة تعرضت لمشكلة ما فى صغرها "مشكلة متوقعة جدا - اغتصابها وهى طفلة"، لذا هى مصرة على النجاح وتحقيق ذاتها، فتتحرك بنصف قلب ونصف روح طوال الوقت، نموذج تقليدى رأيته أو تخيلته ألف مرة، لم أحبها، وعندما انتهى دورها فى الرواية وغادرت لم تترك أثرا، كما أن رمزها "مفضوح" جدا فهى دليل على مرحلة "بورقيبة".

لكن يظل الرمز الأكثر غرابة فى الرواية والذى يمثل خللا فى بناء الشخصيات يكمن فى "نجلاء" صديقة زينة التى أقامت علاقة "جسدية" مع عبد الناصر وهو زوج صديقتها، لكن بعد طلاقه من "زينة" بحيث أصبح من السهل التقارب بينهما فجأة عملت "عاهرة" بدون مقدمات، كل ذلك ليربط بينها وبين زمن "بن على" فهى وعبد الناصر التقيتا "جسديا" فى ليلة ما أسماه عبد الناصر "انقلابا" من "بن على" على "بورقيبة" ولما أراد أن يصور مستقبل "بن على" جعل "نجلاء" الرمز تعمل "عاهرة" فجأة، بدون بناء الشخصية وتهيئتها لذلك.

فى كلمة مريد البرغوثى فى إعلان اسم الرواية الفائزة قال بأن الروايات ليست قاعات محاضرات ومع هذا تجد أن شكرى المبخوت كانت لديه معلومات كثيرة، ويعرف الصراع الطلابى فى تونس جيدا وربما كان جزءا منه لأنه تقريبا فى عمر "عبد الناصر" ويعرف أن انفلات شخصية البطل وتعلقه بالنساء سيجذب عددا أكبر من القراء، وقد ألحت عليه هذه المعلومات الكثيرة وهذه التواريخ التى يحفظها فكتب رواية "الطليانى" التى أفسدتها "منهجيته" فى النقد الأكاديمى الذى يحترفه أيضا، فخرجت رواية منزوعة الخيال.


موضوعات متعلقة..


مريد البرغوثى يعلن فوز شكرى المبخوت بجائزة البوكر عن روايته " الطليانى "








مشاركة

التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

فيكتور

هل حقا قرأت الرواية!!

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة