وطرحت الدراسة تساؤلاً عاماً هل منح الإنترنت المرأة فى صعيد مصر فضاءات جديدة تتضمن التحرر والقوة وتدعيم شبكاتها وعلاقاتها الاجتماعية، أم أنه مجرد فضاء جديد لقضاء وقت الفراغ والانفصال عن الواقع الاجتماعى، الذى تحدد فيه الثقافة الذكورية وضعية المرأة ووجودها.
نطاق المجتمع الحديث عبر التعليم والعمل
وانتهت الدراسة لعدد من النتائج منها، أن المرأة دخلت فى صعيد مصر إلى نطاق المجتمع الحديث عبر التعليم والعمل واكتسبت صفات حديثة، إلا أن هذه الصفات تبقى صفات خارجية لا تحرر المرأة ولا تكسبها حرية فى الحركة وفى الحياة، وهذا هو التناقض الأساسى القائم والمُحدد لوجود المرأة فى مصر عامة، الوجود الذى يبدو حداثياً فى شكله وتجلياته، ولكن مضمونه قديم ذو طابع أبوى وذكورى يتأسس على الطاعة والتدرج والخضوع.
(47%) من عينة الدراسة يعرفون أطراف علاقاتهم على الإنترنت
وقالت الدراسة، إن استخدام المرأة فى صعيد مصر للإنترنت، أسهم فى دعم شبكات العلاقات الاجتماعية لديها، حيث إن (42.3%) من عينة الدراسة يعرفون ويلتقون مع أطراف علاقاتهم على الإنترنت، بينما (47%) من عينة الدراسة يعرفون أطراف علاقاتهم على الإنترنت، إلا أنهم لم يروا عدد كبير منهم، أو لا يلتقون معهم فى المجتمع الواقعى، سواء لسفرهم أو تواجدهم فى دول أخرى أو لأى أسباب أخرى، كما أن نسبة (69.8%) من عينة الدراسة أكدن أن علاقاتهن على الإنترنت هى علاقات مفيدة وتعود عليهن بالمنافع، كما منح الإنترنت معظم عينة الدراسة الفرص لأن يتحركوا بين المجموعات الإخبارية والقوائم البريدية ومواقع التواصل والدردشة.
76.5% من العينة على أن تعرضهن وملاحقتهن بالمواد الإباحية
وبالنسبة للمخاطر التى تهدد وجود عينة الدراسة عبر الويب، أكدت (76.5%) من العينة أن تعرضهن وملاحقتهن بالمواد الإباحية يهدد وجودهن فى المجتمع الافتراضى، ومثل هذه المخاطر تسبب العديد من المشكلات فى الواقع، حيث إن تعرض النساء لمواد البورنو أو التحرش الجنسى، يؤثر تأثيراً سيئاً على ثقة المرأة بنفسها وبوجودها على الإنترنت، وتكرار مثل هذه الممارسات قد يجعل النساء ينسحبن من مجتمعات التواصل الافتراضى.
73.8% التعامل أو التفاعل مع أحد عبر الإنترنت وهو يزيف بياناته
ومن المخاطر الأخرى، التى أشارت إليها عينة الدراسة بنسبة (73.8%)، التعامل أو التفاعل مع أحد عبر الإنترنت وهو يزيف بياناته، أو يظهر بصفة فى الإنترنت تخالف حقيقته، مثال أن يدخل رجل عبر مواقع التواصل الاجتماعى باسم امرأة، وتعرض عدد من عينة الدراسة لمثل هذا الموقف، يخلق حالة من عدم الثقة عبر المجتمع الافتراضى، وهذا يرتبط بأن نسبة (97.3%) من العينة لا يقبلن طلبات الصداقة عبر صفحاتهن على مواقع التواصل إلا بعد التأكد من شخصية مرسل الطلب ومعرفته بشكل جيد وهذا يرتبط بسمات التفاعلات الافتراضية، التى تتيح للأفراد إمكانية التنكر فى هويات مختلفة، ولعل هذا التنكر فى معظم الأحوال ضد المرأة، أو يلجأ إليه الرجال لإيقاع المرأة فى فخاخهم المنصوبة.
33.5% من العينة شعرن بالضيق والضجر
و أشارت البيانات الميدانية للدراسة أيضاً، إلى أن نسبة (33.5%) من العينة شعرن بالضيق والضجر من الإنترنت مع تزايد اتجاهات التشدد والتعصب فى مناقشة بعض القضايا، والتطاول من قبل بعض المستخدمين على كل من يخالفهم الرأى، ولعل هذه الفكرة ترتبط باتجاهات الاستقطاب السياسى التى يشهدها المجتمع المصرى خلال السنوات الأخيرة، ولعل الإنترنت من أهم أدوات الاستقطاب، إضافة إلى أنه أصبح أرضاً للنزاع والعنف بين الفرق السياسية المتنازعة فى مصر.
كما أشارت نسبة (30.2%) من عينة الدراسة إلى بعض المخاطر المرتبطة بالأسرة والعلاقات الاجتماعية، فبعض الحالات تحدثن عن غيرة الزوج من وجودهن عبر الإنترنت، وكذلك أن الإنترنت قد يلقى بتداعياته السلبية من خلال تقليل فرص وموضوعات التفاعل مع الآخرين فى الواقع.
الدراسة تحذر من المخاطر الاجتماعية والأخلاقية
كما كشفت الدراسة أنه حالة تمرد المرأة أو محاولتها الخروج عن ذلك، فإن الوصم الاجتماعى لمثل هذه المرأة موجود وحاضر، فالمرأة فى صعيد مصر (الأرملة، العانس، العاقر، المطلقة...إلخ) كلهن موصومات فى المجتمع الذكورى، دون إرادتهن ورغماً عنهن، وتعود مظاهر الوصم الاجتماعى إلى النظرة المتدنية للمرأة بشكل عام، والتعامل معها بوصفها مشكلة دائمة، ولذلك هى دوماً لابد أن تكون تابعة للرجل (الأب، الأخ، الزوج...إلخ). ومثل هذه الوضعية الوجودية الثقافية للمرأة، تتحول إلى شكل من أشكال السلطة الرمزية التى تدفع المرأة لإعادة إنتاجها باستمرار، حتى أن الأم تتولى بنفسها تهيئة بناتها لتقبل السلطة الذكورية.
حركة المرأة فى صعيد مصر محكومة بالذكورية
وأكدت الدراسة أن حركة المرأة فى صعيد مصر محكومة بالذكورية من ناحية، تلك الذكورية التى تطور العديد من الأدوات والمفاهيم الثقافية التى تحدد للمرأة حركتها وتوجهاتها، منها مثلاً مفهوم "العيب"، وهى فكرة شائعة فى المجتمع المصرى برمته.
عينة النساء فى صعيد مصر يصلن إلى الإنترنت بسهولة
كما أكدت الدراسة أن عينة النساء فى صعيد مصر، وعلى وجه التحديد بمحافظة سوهاج، يصلن إلى الإنترنت بسهولة؛ وترتبط سهولة الوصول هذه بتوافر العديد من وسائل الاتصال (الموبايل، أجهزة الحاسب.. وغير ذلك) بالإنترنت، يضاف لذلك توافر خدمة توصيل الإنترنت بتكلفة منخفضة أو فى إمكانية معظم الأفراد.
وأكدت البيانات السابقة، أن نمط استخدام عينة الدراسة من النساء فى محافظة سوهاج – الإنترنت لا يختلف كثيراً عن النمط الشائع لاستخدام الإنترنت فى باقى محافظات مصر أو فى الدول الأخرى، وهو الاعتماد على الإنترنت فى التواصل مع الآخرين، وفى تعميق علاقات الصداقة، وفتح خطوط التواصل مع الأصدقاء بشكل متواصل ومستمر ودون التقييد بحدود الزمان والمكان.
وبالنسبة لمستوى إحساس المرأة فى صعيد مصر بالإنترنت والمجتمع الافتراضى قالت الدراسة إنه مقبول جداً خاصة أننا بصدد مجتمع تسيطر عليه بعض الرؤى الثقافية والاجتماعية التقليدية، والتى تحد وتكبح دوماً محاولة المرأة للتحرر والاندماج مع الآخرين، كما أن فكرة الإحساس بالمجتمع الافتراضى تحتاج المزيد من بذل الوقت والجهد والحراك داخل هذا المجتمع والتحول من مجرد زائر لهذا المجتمع إلى عضو نشيط من خلال الإصرار على التشبيك الاجتماعى وتبادل صور الدعم والتعاون الممكنة عبر هذا المجتمع.
وحذرت الدراسة من المخاطر الاجتماعية والأخلاقية والثقافية التى يمكن أن تواجهه المرأة فى صعيد مصر وهى موجودة فى الفضاء المعلوماتى، ومن هذه المخاطر التعرض لبعض المواد الإباحية، أو الملاحقات والتتبع الجنسى من قِبل بعض المستخدمين الذين يعتمدون على الإنترنت كوسيلة لممارسة الأفعال المنحرفة التى تسبب الضيق والتنكيد لدى المرأة على وجه الخصوص، هذا بخلاف مخاطر تآكل وتدهور بعض العلاقات الواقعية أو توترها نتيجة وجود المرأة أون لاين.