وكتب بن لادن فى واحدة من هذه الوثائق: "الأولوية يجب أن تكون قتل ومقاتلة الأمريكيين وممثليهم"، مضيفاً "علينا وقف العمليات ضد الجيش والشرطة فى كل المناطق وخصوصا فى اليمن، والأولوية يجب أن تكون ضرب أمريكا لإجبارها على التخلى عن أنظمة الشرق الأوسط وترك المسلمين وشأنهم".
وتشير الوثائق، إلى أن زعيم تنظيم القاعدة كان مهتمًا بتجديد الكوادر، ويبحث عن وسيلة ليتمكن ابنه حمزة، الذى كان الخليفة المرجح له حسب الاستخبارات الأمريكية، من الانضمام إليه فى أبوت أباد.
وعلى مستوى إستراتيجى أكبر، كان يرى بن لادن أن "القاعدة" يجب أن يخطط لهجمات كبيرة ضد الولايات المتحدة مثل اعتداءات 11 سبتمبر 2001، وليس ضد الأنظمة فى الشرق الأوسط.
وتؤكد الوثائق، أن زعيم تنظيم "القاعدة" كان قلقًا من أن "الانقسام فى الحركة الجهادية قد يؤدى إلى هزيمتها".
وقالت الاستخبارات الأمريكية، إن بعض المقربين من بن لادن حاولوا إقناعه بشن هجمات أكثر تواضعًا وأكثر سهولة، بسبب تهديد الطائرات بدون طيار، بينما التنصت جارٍ فى كل مكان.
أسامة بن لادن مديرًا للموارد البشرية
وكشفت الوثائق، أن أسامة بن لادن كان يرى أن إدارة تنظيم القاعدة ليست بالأمر السهل، وكان واعيًا لذلك وتصرف كمدير فعلى للموارد البشرية، ففى استمارة التجنيد للتنظيم كانت تتطلب البيانات الشخصية المعهودة، مثل: "رجاء تعبئة الاستمارة بالمعلومات المطلوبة بشكل دقيق ونزيه، اكتبوا بخط واضح ومقروء الاسم واللقب والعمر والوضع الاجتماعى، وهل ترغبون فى تنفيذ عملية استشهادية؟"، ثم يأتى سؤال آخر فى الاستمارة "بمن يجب أن نتصل إذا استشهدت؟".
وفى أحد الوثائق يقول أسامة بن لادن فى رسالة: "انسوا تشكيل دولة إسلامية وركزوا على قتل الأمريكيين"، فكان يرى أن إنشاء "الدولة الإسلامية" قبل "استنزاف الكفر العالمى" هو كــ"وضع العربة قبل الحصان".
بن لادن كان مهووسًا بالاحتياطات الأمنية
من الحرص على التحرك حين تكون السماء ملبدة بالغيوم لتفادى الطائرات دون طيار، إلى الخوف من أجهزة التصنت الدقيقة، كان أسامة بن لادن مهووسًا وحريصًا جدًا على المسائل الأمنية، ففى رسالة حملت تاريخ 26 سبتمبر 2010 يعطى بن لأدن أوامر دقيقة حتى تتمكن زوجته من الانضمام إليه دون مخاطر أمنية قد تنجم عن الإهمال، بحسب وثائق جمعت أثناء الهجوم الأمريكى الذى قتل فيه زعيم القاعدة فى باكستان وحصلت وكالة فرانس برس على نسخة منها.
وكتب بن لادن فى رسالته: "قبل وصول أم حمزة إلى هنا يجب أن تتخلص من كل شىء بما فى ذلك الملابس والكتب، وكل ما كانت تملكه فى إيران".
ويضيف: "وبما أنه لا يمكننا الوثوق بالإيرانيين فإنه من الممكن زرع شريحة فى بعض الأغراض التى تأتون بها معكم".
وأم حمزة، وهى السعودية خيرية صابر، كانت إحدى زوجات بن لادن الثلاث اللواتى كن فى المنزل لدى قيام فرقة خاصة أمريكية بالهجوم على مقر الإقامة السرى لـ"بن لادن" فى أبوت أباد الباكستانية، وأوقفتها السلطات الباكستانية بعد الهجوم.
وفى رسالة أخرى لا تحمل تاريخًا لخص بن لادن فلسفته فى المجال الأمنى قائلاً: "ستسير الأمور على ما يرام طالما التزمنا بالتعليمات، ويؤكد: "أن الإجراءات الأمنية فى وضعنا يجب أن تطبق بشكل دائم من دون أدنى هامش للخطأ".
وفى الوثائق يقدم بن لادن ومساعدوه نصائح عملية
ومما جاء فى تبادل رسائل بين بن لادن ومساعديه: "لا يمكننا زيارة الأطباء، ولهذا عليك أن تأخذ احتياطاتك وخصوصًا بالنسبة للأسنان، وعليك أن تحتفظ بوصفات جميع الأطباء الذين زرتهم، حتى نتمكن من الحصول على الأدوية حين تنضم إلينا".
وكتب زعيم تنظيم القاعدة: "بشان استخدام الإنترنت فى المراسلة يمكن القيام بذلك فى الرسائل العامة جدًا، لكن السرية التى يجب أن تحيط بالمجاهدين لا تتيح استخدامها، والرسول هو الوسيلة الوحيدة لذلك".
ويرد عطية عبد الرحمن المسئول الثانى فى التنظيم عليه قائلاً: "هذا معقد جدًا، فكيف سيمكننا التواصل فى الجزائر والعراق واليمن والصومال؟ أحيانًا لا تكون هناك وسيلة أخرى "غير الإنترنت متى اتخذنا الاحتياطات".
وينصح أيضًا بتدمير "الشرائح الإلكترونية" التى ترسل بينه وبين القائد، ويدعو إلى تغييرها بانتظام.
ويضيف بن لادن: "أثبتت الوقائع أن التكنولوجيا الأمريكية والأنظمة الفائقة التطور لا يمكنها القبض على مجاهد إذا لم يحصل انتهاك للقواعد الأمنية".
ذكرى هجمات 11 سبتمبر
وكتب أسامة بن لادن، فى رسالة غير مؤرخة، وفقًا لمضمونها: "نترقب الذكرى العاشرة للهجمات المباركة على نيويورك وواشنطن خلال تسعة أشهر".
وأضاف، فى الرسالة التى لم يعرف الطرف الموجهة إليه: "تدركون جيدًا أهميتها وأهمية الإفادة من هذه الذكرى فى وسائل الإعلام، لتمجيد انتصارات المسلمين ولننقل إلى العالم ما نريد نقله".
وقال بن لادن فيها "إنه على اتصال بأشقاء ليزودوا قناة الجزيرة بتصريحات عندما ستبدأ تغطيتها (للذكرى) فى الأول من سبتمبر".
وشكا زعيم القاعدة الذى كانت الوسائل اللوجستية للاتصال بالعالم الخارجى تزداد صعوبة عليه على مر السنين، من أنه بعث "شريط فيديو قبل حوالى شهرين ولم يبث بعد فى الإعلام"، وأضاف "سأعيد تصوير الشريط قبل العمل على بثه".
وفى وثيقة أخرى مؤرخة فى الخامس من أبريل 2011 - أى أقل من شهر قبل اغتياله - بعث شخص يدعى محمود برسالة إلى بن لادن قدم فيها مقترحات حول الرسالة التى يجب أن يوجهها بمناسبة الذكرى العاشرة لاعتداءات 11 سبتمبر.
وكتب لـ"بن لأدن" أن الرسالة: "يجب أن تتضمن توجيهات وتذكيرات للشباب، يجب أن تكون عامة ولا تتوقف عند تفاصيل، وتدعو إلى مواصلة الجهاد".
رسائل نجل زعيم القاعدة لوالده
أكد حمزة نجل أسامة بن لادن فى رسائله إلى والده، الذى كان يعيش معزولاً فى باكستان، أنه كان راغبًا بالانضمام للتنظيم.
لكن حمزة الذى كان يبلغ من العمر حينذاك 22 عامًا، لم يكن مجندًا عاديًا، فقد كان الابن المفضل لأسامة بن لادن، الذى كان يريد أن يجعل منه وريثه على رأس تنظيم القاعدة، كما تفيد وثائق رفعت السرية عنها وتمت مصادرتها خلال هجوم القوات الأمريكية الخاصة التى قتلت بن لادن فى مايو 2014 فى مدينة أبوت أباد الباكستانية.
وكتب حمزة فى يوليو 2009 عندما كان فى الإقامة الجبرية فى إيران، أن "ما يحزننى فعلاً هو أن كتائب المجاهدين تتحرك وأنا لم التحق بها".
وأضاف: "أخاف أن أمضى شبابى وراء القضبان، أبى العزيز، أعلن لك أننى على غرار آخرين سنسلك بمشيئة الله الطريق نفسه طريق الجهاد".
ويصف حمزة، الذى لم يكن قد التقى والده الهارب منذ ثمانية أعوام: "آلام الفراق" فى سن الـ13 والأمل برؤيته من جديد، ويقول: "قلت لنا إلى اللقاء ورحلنا، كما لو أنه كبدنا انتزع وبقى هناك".
وقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لأدن فى الثانى من مايو 2011 - أى قبل أكثر من أربعة أشهر على ذكرى الاعتداءات على الولايات المتحدة الأمريكية.
وأوقعت اعتداءات 11 سبتمبر 2001 التى أعلن تنظيم القاعدة مسئوليته عنها، حوالى ثلاثة آلاف قتيل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة