"زمن الثورة" لسلامة كيلة فى سلسلة "كتاب الهلال"

الخميس، 07 مايو 2015 08:00 ص
"زمن الثورة" لسلامة كيلة فى سلسلة "كتاب الهلال" غلاف الكتاب
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى سلسلة (كتاب الهلال) مايو 2015، صدر للكاتب الفلسطينى سلامة كيلة كتاب جديد عنوانه "زمن الثورة.. الأزمات والفرضيات الأولى" بغلاف لافت صممه الفنان محمود الشيخ.

والمؤلف الذى نشر نحو 40 كتابا يسعى فى هذا الكتاب لاستكمال تحليل المشهد العربى المرتبك بعد أكثر من أربع سنوات على الحراك الشعبى فى العالم العربي، وسقوط أنظمة مستبدة، ومحاولة أنظمة أخرى للاستمرار، فى استهانة بالغضب الشعبى وتوالى أرقام الضحايا، حيث الشعب مجرد "أرقام" لا بشر لهم أسماء وذكريات ومحبون.
وبعد النشوة التى رافقت انتصار بعض الثورات العربية ساد وجوم، حيث لم تحقق الثورات أيا من أحلام الشعب الذى ثار وهو يعرف مطالبه المباشرة، وشارك فى الثورة لأنه يريد تحقيق هذه المطالب. ما جرى تغيير "فى الشكل" دون المضمون، تغير اسم الحاكم، وظلت الأوضاع التى فرضت التهميش والفقر والبطالة وانهيار التعليم وتراجع الاهتمام بالصحة العامة. وقد أدى ذلك إلى ردود فعل متعددة.. من الانكفاء والإقرار بالفشل، إلى اليأس والاقتناع بأن شيئا لم يتحقق، إلى الاندفاع نحو الفهم ومعرفة الأسباب التى جعلت ثورات كبيرة لا تقود إلى تغيير عميق.
كل ذلك فرض متابعة المشكلات التى رافقت صيرورة الثورات العربية، منذ خلع زين العابدين بن على فى تونس فى يناير 2011، وتلمس أسباب العجز عن تحقيق التغيير المنشود، ومتابعة ردود الأفعال التى واجهت الثورات.. ردود فعل الطبقة المسيطرة، والدول الإقليمية والدول الإمبريالية. وبالتالى تحوّل الحراك الشعبى إلى صراعات وتدخلات عالمية، وميل عميق لإجهاض الثورات وتدميرها، وإطفاء نيرانها لكى لا تتوسع أكثر بعد أن امتدت من تونس ومصر إلى اليمن والبحرين وليبيا وسوريا، وطالت دولاً أخرى، ليظهر أن احتقاناً هائلاً يسكن العالم العربي. فى عالم يعانى من أزمة رأسمالية عميقة، وحلول تدفع حتى شعوب المراكز إلى الهامشية نتيجة سياسة التقشف.
ويرى المؤلف أن "الربيع" صار "خريفا" بسرعة لا مثيل لها، أو هكذا بدا الأمر، وتعمم فى الإعلام، وتردد على ألسنة "النخب" والأحزاب الكهلة. فعادت الأمور أكثر سوداوية وإحباطا، والأفق ظهر مسدودا، حتى قال البعض إن ما جرى لم يكن ثورة بل "مؤامرة"، وإن كل ثورة هذه "الدهماء" لم يكن بفعلها الذاتى نتيجة أزماتها، بل بفعل "الروموت كونترول" الإمبريالي. ورغم مرور أكثر من أربع سنوات، فما زلنا نعيش "لحظة الارتداد" والتى تبدو كذلك فقط، هكذا تظهر فحسب. هى لحظة الندب والعويل، والخوف من الأصولى والرعب من التغيير، ومن ثم القبول بعودة "الاستقرار"، الاستقرار فقط. فقد مُسِخت الأحلام، وتطايرت الأوهام، وظهرت حدود الواقع التى لم يرد هؤلاء وعيها.
الكتاب يحاول أن يواجه هذه الموجة من اليأس، وسوء الفهم، والتخبط، ليقول إن ما جرى مفتتح مسار ثوري، قد يطول وقد يقصر، لكنه مستمر. ولقد كان مفتتحاً فقط لأن عفوية الشعب بالغة القوة التى ظهرت فيها لم تلاقِ من القوى من يستطيع تحديد مسارها، ووضعها فى سياق يفرض "إسقاط النظام" بمعناه الاقتصادى السياسي. لهذا لم تفعل العفوية سوى إضعاف النظم، وفرض تغيير فيها، النظم التى حاولت المناورة من أجل الاستمرار فقدّمت تنازلات شكلية. وما يجعل هذا المسار يطول أو يقصر، بالتالي، هو معالجة النقص الذى ظهر فى الثورات منذ البدء، حيث كانت ثورات شعبية عفوية بكل معنى الكلمة. فشباب الفئات الوسطى والفقيرة، هو من حاول أن يديرها، لكن دون أن يكون قد امتلك وعيا سياسيا وفكريا، أو رؤية للبديل الضروري، أو مقدرة على تنظيم الحشود لكى تفرض انتصارها. لا شك، فقد كان ذلك نتيجة استبداد طويل، وتدمير قصدى للتعليم والثقافة، وأزمة اقتصادية أتت بالبطالة والفقر والتهميش، دفعت الشباب إلى الانكفاء الذاتي، والهرب من مواجهة واقعهم هذا إلى سياقات تنفى السياسية.
وفى رأى سلامة كيلة أن الإسلاميين لا ينجحون فى الحكم، نتيجة أن برنامجهم الاقتصادي، ورؤيتهم الديمقراطية سوف يفرضان استمرار صراع الطبقات الشعبية ضد كل حكومة جديدة، وضد كل حزب لا يحمل حلا لمشكلات هذه الطبقات. بالتالى فقد دخلنا فى مرحلة عدم استقرار على صعيد النظم، مع استمرار حركات الاحتجاج بمستويات مختلفة. وهو ما ظهر واضحا فى مصر، حيث انتهى حكم الإخوان بثورة شعبية، وفى تونس حيث تراجعت حركة النهضة بعدما شهدت ما جرى فى مصر.
ويقول: الآن وقد سقط حكم الإخوان المسلمين بزحف مليونى لم يحصل ضد حسنى مبارك، ماذا سيقول هذا وذاك؟
تبيّن أن المسألة أبسط من أن تخيف أو أن يجرى التعلّق بها. وأن الأمر كان زوغان نظر ليس أكثر. فالشعب الذى أتى بالإخوان لم ينتظر السنوات الأربع التى يحددها الدستور لكى يغيّرهم، بل زحف إلى الشوارع لكى يسقطهم. الملايين التى ملأت الشوارع كانت تحمل غلا لم يظهر ضد حسنى مبارك، وهذا ما يحتاج إلى تفسير، حيث أن الشعب الذى ملأ الشوارع ليس ملحدا ولا علمانيا بل متدينا فى غالبيته. مصر التى يتسم الشعب فيها بالميل إلى التدين، وهذا ما كان يخيف العلمانيين واليساريين، حيث اعتقدوا بأن سطوة الإسلام السياسى سوف تركب على تدين الشعب، وأن خطاب الإخوان المسلمين سوف يكون حاسماً فى استقطاب ملايين المصريين.

باختصار، عن الثورة والكتاب، فإنه "لا أحد يراهن على الاستقرار قبل تحقيق مطالب الشعب، أو يراهن على توقف الثورة بعد أن تفجرت قبل أن يحقق الشعب مطالبه. تمرّد الشعب ليس حالة عابرة، ولا هو سياق عادي، أو حركة يمكن أن تحدث فى أى وقت. إنما هو لحظة، لكنها تفرض تحقيق التغيير بالضرورة، بغض النظر عن الزمن الذى يمكن أن يتحقق فيه ذلك، لكن الواضح هو أن الثورة مستمرة إلى أن تتحقق مطالب الشعب... الأساس الذى فرض الثورات هو الذى لن يسمح بانطفائها، بل بتحقيق مطالبها. ولا يظن أحد أنه يمكن اللعب على الشعب، وتمرير الوضع دون تغيير حقيقي، فإما التغيير الحقيقى أو الثورة من جديد".
والمؤلف سلامة كيلة الذى ولد فى مدينة بيرزيت فى فلسطين سنة 1955، خرج للدراسة الجامعية سنة 1973 ولم يعد يستطيع العودة إلى فلسطين، لأنه أصبح مطلوبا للدولة الصهيونية.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة