نقلا عن اليومى..
أطباء يؤكدون خطورتها.. ومديرة التفتيش بالإدارة المركزية للصيدليات: لا نعلم شيئا عن هذه الحقن ويجب على الجميع التوقف عن بيعها
لم يعد علاج السمنة قاصرا على اتباع حمية غذائية أو ممارسة الرياضة، بل أصبح الترويج لأدوية وعقاقير تساعد على التخلص من الوزن الزائد دون بذل مزيد من الجهد، هو الحل الأنسب الذى تلجأ إليه العديد من المراكز والأطباء المتخصصين فى التخسيس. المشكلة ليست فى استخدام العقاقير لإنقاص الوزن، وإنما فى الترويج لعقاقير غير مصرح بها من قبل وزارة الصحة، وما يعنى عدم التأكد من مدى مطابقتها للاشتراطات الصحية اللازم توافرها، وهو ما يحدث فعليا مع عقار يسمى بحقن «الميتابوليتس»، وهو ما تكشف عنه «اليوم السابع» فى هذا التحقيق، من خلال بيع هذا العقار فى عدد من الصيدليات ومراكز التخسيس دون رقابة، رغم عدم حصوله على ترخيص للبيع داخل البلاد، فضلا عما كشفه عدد من الأطباء عن المخاطر المتعددة التى تنتج عن استخدامه لفترات طويلة.
البداية كانت على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، الذى انتشرت فيه إعلانات عن شركة تسمى «سليما دايت»، تؤكد أنها المستورد الوحيد له من إسبانيا، وجاء فى صدر الإعلان «حقن ميتابوليتس للسيطرة على السمنة بشكل آمن والحصول على جسم متناسق ومظهر مثالى جذاب»، مؤكدة أن هذه الحقن لا تسبب أى أضرار جانبية، لأنها تتكون من مواد طبيعية وتعتبر من أقوى منتجات الطب البديل، وأنها قادرة على إنقاص الوزن فى 3 أشهر فقط من استخدامها.
وبالتواصل مع الشركة عبر الهاتف جاء شرح من قبل أحد العاملين فيها، لما أسماه بفوائد العلاج بـ«الميتابوليتس» دون أهمية إجراء كشف أو فحوصات بالمعنى المفهوم، وفى الاتصال اتفقت «اليوم السابع» على شراء كمية من هذه الحقن، وذلك لبيعها داخل مركز تخسيس تابع لنا.
فى اليوم المحدد، حضر مندوب عن الشركة، ومعه الحقن التى أخذ يعدد مزاياها ونتائجها السريعة، خاصة أنها مستوردة من دولة إسبانيا، وأن شركتهم هى الوكيل الوحيد فى مصر للشركة الأم، مشيرا إلى أن ذلك المنتج يوجد إما فى صورة حقن أو أعشاب أو كبسولات.
وأكد المندوب أن شركتهم تتعامل مع كبرى الصيدليات التى نذكر الحروف الأولى منها فقط وهى «س»، «ر»، «ع»، إلى جانب عدد من المراكز الطبية الشهيرة العاملة فى مجال التخسيس فى منطقة الدقى، ومدينة نصر، والمهندسين، موضحا أنه يقوم بتوصيل الحقن بنفسه إلى تلك الفروع منذ 5 سنوات.
جولة على عدد من الصيدليات التى ذكرها المندوب، كشفت عن أنها تباع للجمهور دون السؤال عن الروشتات الطبية، فالبداية كانت مع صيدلية «ر» بشارع قصر العينى، التى أكد الصيدلى فيها أنه بالفعل توجد لديهم هذه الحقن وسعر الـ20 «أمبول» هو 1500 جنيه، إلى جانب بيعها أيضا فى فروع صيدلية «م» بشارع شبرا والمهندسيين.
أما صيدلية «ع»، فقد أكد العاملون بها عدم بيع هذا العقار مطلقا، حيث كشف أحد الأطباء بها أن إدارة الصيدلية ترفض إدراجها فى إطار المستحضرات التى تقوم ببيعها، لأنها غير مسجلة فى وزارة الصحة وتأتى عن طريق التهريب.
بيع وتداول هذه الحقن ليس قاصرا على الصيدليات فقط، بل يتم بيعها والترويج لها من خلال مركز يدعى «النوران» فى منطقة 6 أكتوبر، الذى يعلن فى صفحته على الفيسبوك عن علاجه للسمنة عن طريق استخدام هذه الحقن خلال 30 يوما فقط.
« الحقن دى ملهاش أى أثار جانبية وبقالنا 5 سنين بنتعامل بيها ومحدش اشتكى منها» هذا ما أكده مدير المركز عند الاتصال لحجز موعد للكشف، مضيفا أن الحقن تنجح فى إذابة الدهون بأى كمية والوصول إلى المعدلات القياسية للجسم دون الحاجة إلى اتباع أى تمارين رياضية.
داخل المركز الذى لا يزيد على غرفة صغيرة وصالة استقبال، تحدثت طبيبة التخسيس معنا- بصفتنا زبائن للمركز- عن فوائد حقن الميتابوليتس فى تغيير الشكل والوزن، وأن الكمية التى يحتاج إليها المريض من هذه الحقن تتوقف حسب معدل الحرق الخاص به، على أن يبدأ كورس العلاج من مرة إلى ثلاث مرات فى الأسبوع الواحد.
وأكدت الطبيبة أن المركز يبيع الحقن بسعر أقل من الصيدليات التى تتاجر فيها، على حسب قولها، حيث يقومون بيعها بـ60 جنيها للحقنة الواحدة، مشيرة إلى أن السبب وراء انخفاض سعرها لديهم هو أنهم يتعاملون مباشرة مع المستورد لها من الخارج.
خدعة كبيرة
من جانبه أكد الدكتور عماد صبحى، استشارى التغذية وإنقاص الوزن، أن هناك فوضى كبرى فى مجال أدوية التخسيس تتطلب مواجهة حاسمة من قبل المسؤولين، قائلا: الحقن دى عبارة عن خدعة كبيرة ووهم تستغله الشركات لتحصيل أكبر مكاسب ممكنة، وأضاف صبحى: إن كلمة «ميتابوليتس» تعنى التمثيل الغذائى ولا توجد لها دلالة علمية، مؤكدا أن بعض الشركات تستخدم مصطلحات أجنبية للتأكيد على أنها حقن مستوردة من الخارج لإيهام الجمهور بجودتها، مشيرا إلى خطورة مثل هذه المنتجات، حيث يتم إضافة مواد ومركبات تؤدى إلى الإصابة بالأورام السرطانية.
الأمر لا يتعلق فقط بعدم فاعلية هذه الحقن فى إنقاص الوزن، وإنما بما ينتج عنها من مخاطر صحية كبرى، وهو ما يوضحه د. محمد عبدالرؤوف أستاذ علم الأدوية ونائب رئيس قسم هيئة البحوث والرقابة الدوائية سابقا، بقوله: «الحقن دى كارثة ويجب منعها فورا من التداول»، كاشفاً أن تلك الحقن تتكون من مواد هرمونية تؤدى إلى إحداث خلل عام فى جميع وظائف الجسم، ولها تأثير سلبى على القلب والجهاز العصبى، مؤكدا أنه من الناحية العلمية لا يجوز بيع أو تداول أو عرض مستحضرات طبية للبيع نظرا لخطورتها. ومن جانبه قال د.محمد مسعود أستاذ علم التغذية: انتشرت فى الآونة الأخيرة بعض الأدوية التى يتم الترويج لها بهدف تحقيق ربح مادى حتى أصبحت مهنة استشارى التخسيس مهنة من لا مهنة له. وأكد مسعود أن بعض مركبات هذه الحقن والعقاقير قد تحتوى على مواد تؤدى إلى الإصابة بالأورام الخبيثة، وتؤثر بصفة مباشرة على الجهاز العصبى وتحدث خللا به.
فيما كشفت الدكتورة مديحة أحمد، مدير إدارة التفتيش بالإدارة المركزية للصيدليات، أن هذه الحقن غير مسجلة بوزارة الصحة، ويجب على الصيدليات أن تمتنع عن بيعها، وأشارت إلى أن وجودها فى الصيدليات وبيعها للجمهور مخالفة كبرى، لأنه لا أحد يعلم شيئا عن مكونات تلك الحقن، هذا إلى جانب مخالفة بيعها فى المراكز الطبية التى لا يحق لها من الأساس بيع أى مستحضرات طبية، مؤكدة أن ذلك الأمر تعدى حدود الترخيص الممنوح لها من إدارة العلاج الحر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة