فى كل طريق نمشيها لنا قصص وحكايات لا يعرفها سوى الأرض التى نخطو عليها، فما بين الخطوة والخطوة وفى تلك اللحظة التى تفصل خطوة عن خطوة نلقى على تراب الأرض حكايات لا حصر لها وأفكار لا آخر لها فقط تدور برؤوسنا وربما تشغل عيوننا حتى عن زحام الطريق، ولكنها الأرض تتحملنا جميعا فبها الصبر يليق، ولعله أمر عتيق، فما هو يا ترى هذا السر العميق؟ الذى يجعلها طريق العمر وفى نفس الوقت خير رفيق.
تحرقها حرارة الشمس ومازالت صامدة، لا تعرف فنون الهمس وللضعف رافضة، وأسيرة لقانونين أحدهما قانون الطبيعة والثانى قانون البشر.. فماذا لو رفضتنا الأرض؟ ماذا لو ثارت على أطراف أقدامنا، وما عادت تهتم بما يدور فى رؤوسنا، وصاحت بصوت من شدته ربما تسقط أهدابنا، وتصبح عرايا عيوننا، فلا نقوى على الرؤيا ولا نحركها أجفاننا.. أحقا تكلمت الأرض وصاحت وثارت وقررت ورفضت وضاقت بنا.
فلو تكلمت الأرض لخلعت من بين الضلوع قلوبنا فثقيلة هى حكاوينا هى أثقل من طوب الأرض، وربما نحن من أثقلنا طوب الأرض، فعندما يعترينا بعض الفرح نطير طيرا ولا تسعنا حدود الأرض، وإذا تثاقلت بنا الهموم نسحبها سحب خطاوينا وتتحملها وتتحملنا الأرض، فلا هذا قيد ولا ذاك فرض إنه فقط قانون الأرض، صامت حجرها ولا يصدر صوت مهما تخبطنا طولا وعرض لا تشتكينا حجار الأرض، فلا هى تضعفها لمسة ثقيلة منا ولا يفسدها سوء استخدام مقارنة بأجهزة التاتش الحديثة التى تفسد سريعا بالرغم من خفة لمساتنا عليها، وبنفس المنطق فما نفعله نحن البشر على سطح الأرض هو "تاتش" بأقدامنا بأجسادنا بأحلامنا بهمومنا، فتحتوينا ولا يشغلها غيرنا، تطرح ثمارنا تحمل بيوتنا تنشق لمياهنا، وربما لو نطقت يوما لسألت ماذا بنا؟ وربما انتفضت لتحتضننا وتبكى قائلة: كل شىء بخير، ها أنا هنا .
عجيبة أنت أيتها الأرض يا من تتقنين كل فنون الصمت لا تحملين دما فى العروق ولا من لحم خلقت ولديك من الصبر والحلم ما ليس بنا نحن البشر، فعظيمة أنت يا من لا صوت لك ولكن تحت الخطاوى بصمتك تنطقين دوما "اطمئنوا ها أنا هنا".
شخص يمشى فى طريق - أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
نايتي الجميلة
روعة