ويتهم الأسقف "سيرل" بالتحريض ضد هيباتيا، التى تعتبر أول شهيدة علم فى التاريخ، لأنه كان يدعو لبقاء النساء فى منازلهن لعدم أحقيتهن فى العمل، وحظر حتى التفكير عليهن أو الاستماع لآرائهن، وهو أول من أطلق لقب "ساحرة" على الفيلسوفة التى كان يتوافد عليها طلبة العلم من كل صوب وحدب.
كانت هيباتيا ابنة أستاذ الرياضيات الشهير بجامعة الإسكندرية ثيون، وكانت أول عالمة فى الفلك والرياضيات، عاشت فى فترة القرن الرابع الميلادى، ودرست فى جامعة الإسكندرية على نفقة الدولة فى فترة الحكم الرومانى، وكان ذلك استثناء لعبقريتها، بدأت التدريس فى الجامعة وهى فى سن الـ25.
خاضت هيباتيا فى مجالات العلم التى كانت حكرا على الرجال فى ذلك الوقت، الذى حرمت المرأة فيه من العديد من حقوقها واعتبرت "فتنة"، وكان لها وضعها بين طلبة العلم لما امتازت به من ذكاء وعبقرية، وتعتبر "أما" للعلوم الطبيعية الحديثة.
تميزت هيباتيا فى شرح الفلسلفة، فى مجالس العلم التى اكتظت بطالبى العلم الذين تعرفوا على رموز الفلاسفة مثل أفلاطون وأرسطو من خلالها، وكانت هذه المجالس بمثابة حلقات للتفكير والأسئلة والتطرق إلى كل ما ليس "مألوفا"، وانتمت إلى المدرسة الأفلاطونية الجديدة.
يعود إلى هيباتيا، بحسب الرياضيين، الفضل فى ابتكار طريقة جديدة فى "القسمة الستينية"، كما نقحت شروح أبيها فى علم الفلك، وكتبت تفسيرات لقوانين بطليموس الفلكية.
لم يكن قتل هيباتيا، من قبيل المصادفة فقد شهدت فترة القرن الرابع الميلادى فى مدينة الإسكندرية العديد من الممارسات العنيفة، كان من بينها اقتحام عناصر للجماعات المتطرفة لمكتبة الإسكندرية التى كانت صرحا من صروح العلم، والاعتداء على المعابد الإغريقية والرومانية، وهدم التماثيل وحرق الأبحاث العلمية والخرائط التى انتمت إلى العصر "الوثنى"، فى الوقت الذى حاول بعض أصحاب الدين الجديد "المسيحية" اثبات ولائهم لدينهم وتجنيب كل ما يمكنه تعكير صفو المؤمنين به.
وانتشرت فى ذلك الوقت أيضا دعوات الفتك باليهود والاعتداء على ممتلكاتهم وقتلهم، والتى تبناها الأسقف سيرل أيضا الذى حرض ضد هيباتيا.
موضوعات متعلقة..
القومى للترجمة ينشر الأيام الأخيرة من حياة "هيباتيا"