الشِبْشِب لغة : حذاء خفيف، ليس له كعب، يمكن ارتداؤه ونزعه بسهولة، وعادة ما يلبس داخل البيت، ويمكن ارتداؤه فى الشارع فى الأحياء الفقيرة. واصطلاحاً : هو أداة تستخدم لحماية باطن القدم من الاحتكاك المباشر بالأرض، أياً كان نوعها . وللشبشب فى المفهوم الشعبى المصرى استخدامات عدة، بخلاف كونه درعاً لباطن القدم، فهو يستخدم كأداة من أدوات التربية، والتأديب ،والتهذيب، والإصلاح . كما أنه يستخدم كسلاح فتاك ضد الحشرات، والصراصير، إذا لزم الأمر . والشبشب يستخدم كبديل فعال للغة الكلام، عندما تتعطل الأفهام، ويصيب العقول العطب . والواقع أن الشبشب لغة واصطلاحاً أصبح نجماً من نجوم الشباك فى السينما المصرية، بعد أن فقدت روادها الأوائل، من كتاب السيناريو الأدباء، الذين يملكون ناصية اللغة والتعبير، والتصوير بالكلمات، وحل محلهم كتاب سيناريو، فقدوا اللغة، والقدرة على التعبير، والحاسة الأدبية، التى تضفى على العمل، لمسة جمالية، ترتقى بالذوق العام . وفى إطار تبرير ضحالة الفكر والذوق والموهبة الأدبية، يقال لك بأن الفن هو محاكاة الواقع، وأنهم يغترفون من معين هذا الواقع، ولا ذنب لهم ـ إذا اعتبرنا ما يقدمونه ذنباً وليس فناً ـ فيما تقدمه أعمالهم من انحطاط وتدنى وإسفاف، لأنه وارد الواقع الذى نعيش فى أتونه . وهو بالقطع عذر أقبح من ذنب، لأن الفن فى الأصل، له رسالة، ومهمة، وفلسفة وجود، إذا فقدها فقد مبرر وجوده، هذه الرسالة هى الإرتقاء بالذوق العام فى الحد الأدنى . أما الإتجاه العبثى والعدمى، فى الفن والأدب، فقد نبت فى بيئة مختلفة قد تربى ذوقها العام، ونضج، ولذا ـ فإن تلقى العبثية والعدمية، ومذهب الفن للفن، أمور محتملة فيها، لأنه يتم تلقيها فى بيئة ناضجة تأخذ هذه الأعمال فى هذا الإطار، ولا تتعداه، وحتى فى هذا الإطار تستهدف الترفيه، وليس تكريس الواقع، ودعمه، ونحته فى الوعى الجمعى، وإعادة تشكيل الإنحطاط والتدنى والإسفاف فى ذلك الوعى، حتى لا يكون له منه فكاكاً . وتدريجياً، ومع دخول القطاع الخاص لمجال الإستثمار فى القنوات الفضائية، دخلت عدوى السينما إلى هذه القنوات . وبدلاً من القول بأن الجمهور السينمائى قد ذهب إلى الأعمال المعروضة بملء إرادته، ويمكنه الإمتناع عن ذلك، أصبح الرد بأن مشاهد التلفزيون يملك فى يده ريموت كنترول، يمكنه به أن يتحول إلى قنوات أخرى، أن كان لا يرغب فى المشاهدة . ومن هنا أصبحت لغة الشباشب ـ إلى جانب لغات أخرى ـ تقتحم عليك بيتك، وتدخل إلى غرف نومك، وتفرض عليك نفسها، لغة ومنهاجاً، وسلوكاً . والمدهش حقاً هو انتقال لغة الشباشب إلى دهاليز السياسة، وبدلاً من الإلتجاء إلى القوانين واللوائح لحل أى أزمة أو خلاف بين المسئولين السياسيين، أن كانت لغة الحوار والتفاهم قد فقدت مبررها ومعناها وجدواها، جرى الإلتجاء إلى لغة الشباشب . ومع أن القانون قد فرض حدأ أدنى من الإحترام الواجب ؛ لتسيير الأعمال فى المرافق العامة، أن كان الإحترام الشخصى قد فقد مبرر وجوده، واعتبر أن الإعتداء على الموظف العام، باللفظ أو القول أو الإشارة، جريمة تستوجب المساءلة القانونية، إلا أن مسئولاً سياسياً بحجم وقدر وزير، يتجاهل القانون، ويتغافل عن أحكامه، وضوابطه اللوائحية، ويتجاوز الإحترام الشخصى بين البشر، ويكسر حاجز الإحترام الواجب قانوناً للموظف العام، بل ويتعدى الإحترام المفروض عليه بقوة القانون لوظيفته هو، ويلتجيء فى غفلة منه، أو فى غفلة من الزمن، إلى لغة الشباشب كبديل موضوعى عن كل تلك البدائل، فذلك يعد مؤشراً خطراً يعادل مؤشر ريختر لقياس الزلازل المجتمعية، وجرس إنذار زاعق لمنزلق خطر تهوى فيه منظومة القيم المصرية بلا توقف . فلو أضفنا إلى ذلك السيرة الذاتية للمسئول السياسى المعتدى، والسيرة الذاتية للمسئول المعتدى عليه، لأصابتك لوثة عقلية من فورك، لأنك ستدرك أن منظومة لغة الشباشب وقيمها، قد وصلت إلى الجامعة بجلال قدرها، وعظم شأنها، وعمق تأثيرها. ولله الأمر من قبل ومن بعد .
حــســــن زايــــــــد يكتب: الـشـِــبْـشِــب من الحــارة إلى دهـالــيز الـفــن الســيـاســة
الخميس، 25 يونيو 2015 08:04 ص
ورقة وقلم
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة