مذكرة التحريات الأولية فى القضية
«اليوم السابع» حصلت على ملامح مذكرة التحريات الأولية التى أعدتها الأجهزة الأمنية عن القضية، وتحصلت بناء عليها على إذن الجهات القضائية لبدء التحرك القانونى تجاه المتهمين المتورطين، وبحسب ما جاء فى المذكرة التى يصل عدد أوراقها إلى 29 ورقة، وشارك فى إعدادها ضباط بالأمن الوطنى، وجهاز سيادى آخر، فإن تكوين خلية خيرت الشاطر جاء فى سرية شديدة وبتعليمات من التنظيم الخاص بمكتب الإرشاد فى يناير 2012 بعد حصول جماعة الإخوان على الأغلبية فى البرلمان قبل وصول مرسى إلى كرسى الحكم، وكانت التعليمات الأساسية لجميع القيادات الإخوانية هى نشر أكبر عدد من قيادات الإخوان على المصالح الحكومية للسيطرة عليها تنفيذيًا، فيما عرف بعد ذلك بأخونة الدولة، إضافة إلى جمع أكبر قدر من المعلومات عن المصالح والهيئات الحكومية لتدعيم السيطرة المعلوماتية على مفاصل الدولة.
وبحسب مذكرة التحريات، تكونت فرق عمل مختلفة تم توزيعها على المصالح والمؤسسات الحكومية، سواء وزارات خدمية كالتموين والتعليم والصحة، أو حتى وزارات سيادية، كالخارجية والشرطة والدفاع، وكان لكل فريق 4 طرق فى الحصول على المعلومات، من بينها طريق شرعى و3 طريق غير شرعية، والطريق الشرعى هو جمع المعلومات المنشورة بالأساس على المواقع الرسمية للوزارات وتخزينها، أما الطرق الثلاثة غير الشرعية فكانت جمع كل قواعد البيانات المدرجة بالوزارت والمصالح المحظور نشرها أو تداولها أو رفعها على شبكات الإنترنت، إضافة إلى الحصول على قوائم بأسماء القضاة بكل محاكم الجمهورية، وأسماء ضباط الشرطة بديوان الوزارة وبمديريات الأمن بالمحافظات، فضلًا على القائمة الأخطر بأسماء أفراد القوات المسلحة وضباطها، واستندت مذكرة التحريات الأولية إلى محاولة اختراق إحدى صفحات الجهات السيادية على مواقع التواصل الاجتماعى، غير أن المحاولة باءت بالفشل، وتبين فيما بعد أن القصد من ورائها كان السيطرة على الصفحة ونشر تعليق عليها يسىء للجهة السيادية، ويعكس سهولة اختراقها وعدم سيطرتها على صفحاتها الإلكترونية، وهو ما لم يحدث.
وتظهر مذكرة التحريات أن المعلومات التى يتم تجميعها لم ترفع مجردة لخيرت الشاطر «صاحب الخلية»، إنما كانت ترفع بعد تحليلها وربطها بالمعلومات الأخرى التى تم الحصول عليها من جهات ووزارات أخرى، وكان يعمل على تحليل المعلومات فريق آخر غير فريق الجمع، لديه القدرة على التحليل والربط.
سر مقر الإخوان بشارع منصور بجوار الداخلية
اللافت فى مذكرة تحريات خلية خيرت الشاطر أنها استندت إلى معلومة سبق أن ذكرها ضابط الأمن الوطنى محمد مبروك فى تحرياته بقضية التخابر الكبرى، المتهم فيها الرئيس المعزول محمد مرسى، وهى أن الأجهزة السيادية، وتحديدًا المخابرات العامة والحربية، رصدت قيام خيرت الشاطر بتشكيل فريق للمراقبة والتجسس على عدد من المصالح الحكومية المهمة، مستعينًا بعدد من أجهزة الاتصالات التى تم استيرادها من ألمانيا، وتمريرها إلى الأراضى المصرية بطرق غير مشروعة وبعيدًا عن رجال الأمن وقت حكم المعزول، فضلًا على أن إتمام الشاطر للمراقبة والتجسس تطلب منه تخصيص فريق دعم فنى لحل أى مشكلة تطرأ مع الاستخدام أولًا بأول. وأشارت مذكرة التحريات أيضًا إلى معلومة فى غاية الخطوة، مفادها أن اختيار حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان، أن يكون مقرهم الرئيسى بشارع منصور بوسط القاهرة، وتحديدًا على بعد أمتار قليلة من مقر وزارة الداخلية، ومبنى الأمن الوطنى بلاظوغلى، كان الهدف من ورائه هو التمكن فيما بعد من تركيب أجهزة حديثة تتمكن من التقاط الموجات اللاسلكية لقيادات الداخلية والأمن الوطنى، والتى تتضمن كل التحركات والأوامر الخاصة برجال الأمن، وهو ما تطلب فى وقت سابق من رجال الأمن تغيير موجات اتصالاتهم اللاسلكية بشكل دورى لعدم الوقوع فى فخ التجسس من قبل خلية خيرت الشاطر.
سر اسم أيمن جاب الله ضمن قائمة المتهمين فى خلية الشاطر
لا يحظى أيمن جاب الله بشهرة واسعة فى قطاع قيادات الإخوان لأنه لم يشغل يومًا منصبًا قياديًا فى مكتب الإرشاد، أو حتى فى الدرجات التنظيمية الأقل فى جماعة الإخوان، غير أن مذكرة تحريات الأجهزة الأمنية وصفته بأنه العنصر الأكثر خطورة على مصر فى الشهور الماضية، وذلك لتأثيره القوى إعلاميًا فى تشويه صورة مصر بالخارج، فأيمن جاب الله هو مؤسس قناة الجزيرة مباشر مصر، والمسؤول الأول عن ظهور كل قيادات الإخوان على شاشتها، وسخرها بالتنسيق مع الإدارة القطرية على أن تكون الجزيرة الذراع الإعلامية الأساسية للجماعة، وحتى بعد أن تم إغلاق الجزيرة مباشر مصر فى القاهرة، ونقل بثها إلى الدوحة، كان جاب الله هو المسؤول الأول عن كل الأخبار المصرية على الجزيرة والمنسق الأساسى لإخراج صور مظاهرات الإخوان فى الشوارع المصرية على شاشة الجزيرة، حتى وإن كانت مظاهرت بأعداد قليلة.
بحسب مذكرة التحريات فإن الاتهام الثانى الوارد بها يتعلق بأيمن جاب الله تحديدًا، وهو بث أخبار كاذبة تضر بالمصالح القومية للبلاد، ولم تشر مذكرة التحريات ما إذا كان جاب الله سبق اتهامه فى قضايا تتعلق بالتحريض على العنف أو غيره منذ 30 يونيو حتى الآن، غير أن البحث القانونى الأولى يكشف أن جاب الله لم يرد اسمه فى أى قضية من قبل إلا فى قضية واحدة قديمة، عندما شنت مباحث المصنفات حملة موسعة على مقر قناة الجزيرة مباشر مصر فى العجوزة، وحررت محضرًا ببث مواد إعلامية وحيازة أجهزة دون ترخيص، ووقتها خضع أيمن جاب الله للتحقيق لساعات ثم حصل على إخلاء سبيل من النيابة العامة.
دور محمود عزت ومحمود حسين فى الخلية الإرهابية
وصفت مذكرة التحريات الأولية عن خلية الشاطر القياديين فى جماعة الإخوان محمود عزت ومحمود حسين أنهما القياديان الأخطر فى الجماعة ممن لم يقبض عليهم حتى الآن، رغم الملاحقات الأمنية المستمرة لهما، بمجرد ورود أى معلومات جديدة عن مقرات اختبائهما، وتفيد المذكرة أن «عزت» و«حسين» هما الرأس المدبرة حاليًا لجماعة الإخوان، وأن عزت تحديدًا هو القائم بأعمال المرشد فى مصر، ويجمع كل مراكز القوى للجماعة بعد القبض على محمد بديع وباقى القيادات والخاضعين لمحاكمات قضائية، ويتولى مسؤولية إدارة خلية الشاطر بعد 30 يونيو، أما محمود حسين فهو يتولى التنسيق مع الإخوان خارج مصر، خاصة أنه استطاع الهرب بعد 30 يونيو.
وكررت مذكرة التحريات فى أكثر من فقرة أن «عزت» و«حسين» هما مركز صناعة التكليفات لقيادات الجماعة الوسيطة لتنفيذ الأعمال الإرهابية بناء على المعلومات التى جرى تجميعها فى وقت سابق، وتحديدًا العمليات الإرهابية المتعلقة بضرب مؤسسات الدولة، واستهداف ورجال الجيش والشرطة.
ما لم يذكره البيان عن جهاد الحداد
لم يرد فى بيان الأجهزة الأمنية أى إشارة لجهاد الحداد، المتحدث السابق باسم جماعة الإخوان، غير أن مذكرة التحريات ورد بها شرح تفصيلى لدور «جهاد» فى بث شائعات كاذبة عن البلاد وقت فض رابعة وبعدها، وجاء بالمذكرة الآتى: «لم يتوقف عمل خلية خيرت الشاطر بعد القبض عليه فى يوليو 2013 أو حتى بفض اعتصام رابعة فى 14 أغسطس من نفس العام، إنما استمرت الخلية تعمل، ولكن بشكل مغاير وفقا لتطورات الأحداث فى البلاد». ودللت مذكرة التحريات بواقعة كان طرفها الأساسى جهاد الحداد، المتحدث الرسمى للإخوان، حيث كان جهاد على رأس فريق فنى لبث أخبار على مواقع التواصل الاجتماعى من داخل مصر ضد الأمن القومى المصرى، مستخدمًا فى ذلك إحدى التقنيات الحديثة عبر موقع يدعى Private Internet Browsing، وهو موقع يكفل لرواده التصفح السرى دون أن يتحدد مكان دخولهم على الإنترنت، وذلك عبر شراء حسابات خاصة تسمى Virtual private network، وبحسب مذكرة التحريات، فإن الأجهزة الأمنية رصدت استخدام «جهاد» وفريق عمله تلك المواقع، ورصدت أيضًا مكالمات هاتفية مسجلة عن تفاصيل استخدامها وشراء حسابات عليها.
بدء التحقيقات فى القضية
بحسب المعلومات، فإن مذكرة التحريات الأولية للأجهزة الأمنية عن خلية الشاطر تم إرسالها مع ما تم ضبطه من أحراز مع عدد من المتهمين المضبوطين إلى النيابة العامة المصرية لبدء التحقيقات الرسمية فى القضية بشكل سرى، خاصة أن خيوط الخلية الإرهابية لم تكتمل بعد، وبحسب المعلومات أيضًا فإن جهات التحقيق ستستدعى الثنائى خيرت الشاطر وأيمن على من محبسهما لسؤالهما فى الاتهامات المنسوبة إليهما والأعمال العدائية التى خططا لها ضد البلاد، واختراقات المصالح الحكومية التى كانا وراءها الشهور الماضية.
موضوعات متعلقة..
- كواليس 620 يوما قضاها محمود غزلان خارج السجن منذ فض رابعة.. اختبأ فى الإسكندرية وجمعته شقة فى أكتوبر بـ"عبد الرحمن البر".. تولى الإشراف على اللجان النوعية بعد حبس الشاطر.. واستخدم مفتى الجماعة للتحريض