قال علماء ضمن مهمة المسبار الآلى (نيو هورايزونز) التابع لإدارة الطيران والفضاء الأمريكية (ناسا) أمس الجمعة أن صورا جديدة أرسلتها أول مركبة فضائية تزور الكوكب القزم بلوتو أوضحت وجود تكوينات مضلعة الشكل وتلال ملساء وسط سهول خالية من الحفر وهى جميعها مؤشرات على أن هذا العالم المتجمد نشط من الوجهة الجيولوجية.
وقال الآن ستيرن كبير الباحثين فى معهد بحوث (ساوث ويست) فى بولدر بولاية كولورادو "لم تكن لدينا أى فكرة عن أن بلوتو سيكون له هذا السطح الذى يفيض شبابا من الناحية الجيولوجية. إنها مفاجأة مثيرة".
والهدف من مهمة المسبار التى تكلفت 720 مليون دولار هو رسم خريطة لسطح بلوتو وتشارون أكبر أقماره وتحديد المواد المكونة لهما فضلا عن دراسة الغلاف الجوى لبلوتو.
وأطلق (نيو هورايزونز) فى يناير من عام 2006 وقطع مسافة 4.88 مليار كيلومتر حتى أصبح يوم الثلاثاء الماضى عند أقرب نقطة من الكوكب. ولم ينقل المجس (نيو هورايزونز) إلى الارض سوى نحو واحد فى المئة فقط من معلومات حجمها 50 جيجابايت سجلت على مدى عشرة أيام منذ اقترابه من الكوكب القزم.
ولا تزال النتائج الأولية توضح أن بلوتو المتجمد -حيث تصل درجة حرارة سطحه إلى 240 درجة تحت الصفر- يتحدى نظريات تتحدث عن كيف أن أجساما متجمدة يمكنها أن تولد حرارة تكفى لإعادة تشكيل معالم أسطحها.
على سبيل المثال فإن منطقة ساطعة قرب خط استواء بلوتو لم تظهر عليها آثار حفر ناجمة عن اصطدام صخور بها ما يشير إلى سطح يقل عمره عن نحو 100 مليون عام وهى فترة وجيزة نسبيا بمقياس الأزمة الجيولوجية.
وقال عالم الجيولوجيا جيفرى مور الذى يعمل لدى مركز أبحاث اميس التابع لناسا بمنطقة موفيت فيلد بكاليفورنيا للصحفين فى مؤتمر صحفى "من المحتمل أن يكون فى مرحلة التشكل الآن بفعل العمليات الجيولوجية وقد يكون عمر هذه العمليات مجرد اسبوع حسب علمنا".
ويتخلل قسم من هذه السهول مسافات تتراوح بين 19 إلى 32 كيلومترا بها تكوينات مضلعة الشكل تحف بها منخفضات ضحلة يحيط ببعضها شريط من مادة معتمة. ومن بين الألغاز الأخرى المحيرة أيضا كتل من التلال أو التكوينات تتخذ هيئة الوهاد وتطوق الأشكال المضلعة.
وقال مور "نشك فى أن هذه التلال ربما تكون قد انبثقت من جوف الكوكب عبر تصدعات فى سطحه".
ومن بين الاحتمالات الأخرى هو أن السهول شهدت عوامل تعرية حول التلال لتترك خلفها اكواما متراكمة من المواد المقاومة للنحت.
وقال مور "لا ندرى أى من هذين التفسيرين هو الصحيح".
وقد تكون هذه التكوينات المضلعة الشكل أدلة على حدوث ظاهرة الحمل فى السطح الجليدى لبلوتو -وهى عملية تماثل سطح سائل يغلى فى إناء به شوفان مجروش- ولم يتحدد بعد مصدر الحرارة الداخلية لبلوتو أن كانت موجودة أصلا.
وأضاف مور أن هذه التكوينات المضلعة ربما تماثل تصدعات طينية نجمت عن انكماش سطح الكوكب القزم.
وقال "التضاريس أمور مذهلة للغاية".
وكانت باكورة النتائج التى تمخضت عنها رحلة المسبار متوجا رحلته التى استغرقت تسع سنوات ونصف السنة اكتشاف منخفضات وصخور ووديان وجبال شاهقة على بلوتو -يصل ارتفاع أطولها إلى 3350 مترا أى ما يعادل ارتفاع جبال روكى فى كندا- بعد أن أصبح على مسافة 12550 كيلومترا من الكوكب النائى وأقماره الخمسة يوم الثلاثاء الماضى.
ويتجه المسبار الآن إلى أعماق حزام كويبر الذى اكتشف عام 1992 وهو منطقة متجمدة تدور بها كويكبات صغيرة فى أفلاكها حول الشمس بعد كوكب نبتون ويعتقد أن هذه المنطقة تخلفت عن نشأة المجموعة الشمسية قبل 4.6 مليار عام. وحزام كويبر آخر منطقة مجهولة على أطراف مجموعتنا الشمسية وتم اكتشاف أكثر من 40 جرما فلكيا فى نطاقه.
واللغز المحير الآخر هو كيف احتفظ بلوتو بهذا الوجه الشاب إذ كان يعتقد أن هذا الجرم المتجمد -الذى يبدو حجمه أصغر من القمر الذى يدور حول الارض- حافلا بالحفر والوهاد نتيجة لاصطدام صخور حزام كويبر بسطحه والكتل الصخرية الأخرى التى انهمرت عليه على مر العصور.
وبدلا من ذلك أوضح المسبار أن سطح بلوتو متجدد النشاط وهى الظاهرة التى قد تكون مرتبطة بوجود محيط تحت سطحه أو جبال بركانية جليدية أو مظاهر جيولوجية أخرى تنبعث منها الحرارة.
ولا يزال 99 فى المائة من المعلومات التى جمعها المسبار خلال اقترابه من بلوتو داخل ذاكرته ما يبرز أن المسبار الآلى (نيو هورايزونز) هو أهم مكونات هذه الرحلة التى تجئ ضمن مهام استكشاف المجموعة الشمسية التى بدأت منذ أكثر من خمسين عاما.
وفيما كان بلوتو يعتبر مجرد كوكب قزم متجمد إلا أنه ظهرت بوادر أنشطة جيولوجية على سطحه بما فى ذلك تحركات محتملة سابقة وحالية للكتلة البنائية للقشرة الخارجية أو ما يسمى بالحركات التكتونية.
ويدور بلوتو حول الشمس مرة كل 248 سنة فى مدار يتغير ويتبدل مع تغير الفصول والمواسم. ويقترب بلوتو فى دورانه حول الشمس على مسافة أقل من تلك التى يقترب بها كوكب نبتون.
وبعد إطلاق المسبار بستة أشهر وفيما كان فى طريقه للكوكب حرم الاتحاد الدولى الفلكى بلوتو من لقب كوكب ومن كونه الكوكب التاسع من كواكب المجموعة الشمسية وبات كوكبا قزما بعد أن اكتشف أكثر من ألفين من أمثاله منذ اكتشافه ضمن حزام كويبر ضمن ما يقدر بمئات الآلاف من الأجرام الفلكية.
وأمام المسبار فى رحلته التى تعادل الدوران حول الارض 120477 مرة- نحو 16 شهرا لينقل إلى الأرض آلاف الصور والقياسات التى جمعها وخلال ذلك يكون المسبار قد سبح إلى مسافات أعمق داخل حزام كويبر وربما سافر فى مهمة لاحقة لأحد الأجرام القريبة من بلوتو.
ومنذ اكتشافه عام 1930 لا يزال بلوتو لغزا محيرا ويرجع ذلك فى جزء منه لكونه صغير الحجم بالمقارنة بالكواكب الأخرى. ويبذل العلماء جهدا خارقا فى تفسير كيف أن كوكبا قطره لا يتجاوز 2302 كيلومتر يمكن أن يستمر فى الوجود وسط كواكب عملاقة مثل المشترى وزحل واورانوس ونبتون. ويعتقد العلماء أن حزام كويبر يحتفظ بحفريات منذ نشأة المجموعة الشمسية.
ولا يحمل المسبار كما كافيا من قوة الدفع التى تمكنه من إبطاء سرعته لاتخاذ مسار له حول بلوتو فى منطقة حزام كويبر. وجاذبية بلوتو ضعيفة للغاية لدرجة أن أى مركبة فضائية ستستهلك كما كبيرا من الوقود لاستخدام مكابحها واتخاذ مدار.
العلماء فى حيرة بعد رصد تكوينات مضلعة الشكل على سطح كوكب بلوتو
السبت، 18 يوليو 2015 01:10 م
كوكب بلوتو - أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة