وفى مقال له بصحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، قال فضيلة المفتى إن كثيرًا من الناس فى الغرب قد ربطوا كلمة الفتوى بتصريحات من جماعات إرهابية وآخرين باعتبارهم قادة الإسلام، إلا أن تلك التصريحات تمثل تشويهها، الفتاوى هى وسيلة للعلماء المسلمين والمسئولين عن الإفتاء الذين يفسرون الشريعة الإسلامية لتقديم الإرشاد والتوجيه للمسلمين فى القضايا الدينية، وعلى هذا النحو، فإن الفتوى واحدة من أهم الأدوات التى نمتلكها لمكافحة الإرهاب المتطرف.
النبى محمد "ص" كان مفتيا
وتابع قائلا إن النبى محمد- صلى الله عليه وسلم- كان مفتيا من بين الأدوار العديد التى قام بها كمصلح اجتماعى وقائد عسكرى ورجل دولة، فأجاب على أسئلة دينية وأصدر أوامر لمعالجة مخاوف الناس، وكانت الكثير من فتواه تعتبر سوابق قانونية، ومن بين ما أفتى به النبى، كما يقول د. علام، تحريم وأد الفتيات، وأكد على حق المرأة فى اختيار زوجها وفى الحصول على الطلاق، وتأكيد حقوق النساء فى الميراث، كما أسس بيئة آمنة أيضا للأقليات الدينية، ووضع مبادئ المساواة والمواطنة، وقدمت هذه الفتاوى التوجيه لعلماء المسلمين لاحقا ليسيروا على طريق الرحمة والعدالة.
ووصف د. علام الفتاوى والمفتيين بأنهم جسر بين التقليد الفكرى والقانونى للإسلام والعالم المعاصر، وهم الصلة بين الماضى والحاضر، وبين المطلق والنسبى، وبين النظرى والعملى، وقال إن هناك قضايا جديدة تظهر مثل استخدام الخلايا الجذعية فى الأبحاث العلمية وتأجير الأرحام وبنوك الحيوانات المنوية وغيرها، وسيتطلب هذا فتاوى جديدة، لافتا إلى أن التحدى الذى يواجهه المسلمون المعاصرون هو التمسك بروح الإسلام مع التكيف مع الحياة المعاصرة، مضيفاً "للأسف، ليست هذه هى الطريقة التى يعرف بها كثيرون فى العالم الغربى مفهوم الفتوى بسبب التصريحات الصادرة من المتطرفين الذين هم علماء زائفون أنصاف متعلمون ضعاف العقل، وشملت فتواهم الوهمية طرد الأقليات الدينية من منازلهم، وإخضاع النساء ومعاملتهن كعبيد جنس، وإشعال النار فى أشخاص بسبب آرائهم، وذبح من يعتبرونهم أعداءهم بدم بارد"، ويؤكد المفتى أن تلك الأعمال لا تمثل الإسلام، ولا تعكس سوى عقلية بشعة متعطشة لسفك الدماء.
ويشير المفتى إلى أن تلك التصريحات تحظى بالاهتمام لأن المتطرفين يستغلون الوسائل التكنولوجية مثل السوشيال ميديا، واستخدموا تلك المنصات لتبرير كل شىء بدءا من تدمير الكنائس وحتى قطع رؤوس الأبرياء، فى حين أن القيادة والعلماء المسلمين الحقيقيين يقفون بحزم ضد هذه الأعمال فظيعة التى تستخدم الدين قناعا لإخفاء شهوة السلطة.
المتطرفون لا يعلمون شيئا عن تعاليم الإسلام
وتابع فضيلة المفتى فى مقاله بوول ستريت جورنال قائلا "إن المتطرفين لا يعلمون شيئا عن التعاليم الإسلامية الحقيقية، فعلى سبيل المثال حرم الإسلام سوء معاملة النساء، وسمح لهن بالانخراط فى المجال العام والوصول لمناصب سياسية عليا، والإسلام فى صورته الحقيقية ينص أيضا على التوازن مع الأقليات الدينية، وألا يعامل أتباع العقائد الأخرى كمواطنين من الدرجة الثانية ونص على احترام حقهم فى الحرية الدينية والعبادة"، لافتاً إلى أن المتطرفين اعتمدوا على المعانى الظاهرة للنصوص الدينية دون فهمها، واعتمدوا على الآيات القرآنية التى تقول "واقتلوهم حيث ثقفتموهم" على سبيل المثال، بينما تجاهلوا أحكاما لاحقة وآراء للعلماء تحمى الكتاب من التلاعب به لغايات شريرة، كما تجاهلوا أهداف ومقاصد الشريعة الإسلامية، وكانت النتيجة الحتمية هى التطرف".
حرب فكرية ضد المعتقدات السيئة
وختم فضيلة المفتى مقاله فى الصحيفة الأمريكية بالقول "إنه بذلك، كان لزاما على دار الإفتاء المصرية أن تشن حربا فكرية ضد المعتقدات السيئة والفهم المشوه والتفسيرات المقززة للنصوص الكتابية والتى تحدث
عندما يتم إخراج الآيات القرآنية من السياق"، وأكد على أن تلك الجهود اتخذت أشكالا عديدة من نشر كتب إلى إلقاء محاضرات فى المؤتمرات، وهذا التعليم للطبيعة الحقيقية للإسلام يعد وسيلة قوية لمحاربة الفكر الضال للمتطرفين.