العمل الدرامى الذى لا يجذب المشاهد من أولى حلقاته لا يستحق الاستمرارية فى التعايش مع أحداثه، ونجاح الدراما الاجتماعية حتى وإن كانت متسقة بالواقع الذى نعيشه لا تنال التقدير الكلى للممثل والمخرج وطاقم الإنتاج ككل، بل لمؤلف العمل دور مهم جدا فى نجاح العمل نفسه، وإن كان هو الدور الأساسى، حيث ابتكاره للأحداث وإبداعه فى الحكى وسرده للواقع بطريقته الشيقة ومعالجته للمواقف بحسه الدرامى، ولنا فى الكاتبة والسيناريست مريم ناعوم أسوة حسنة فى مسلسلها "تحت السيطرة"، ذلك العمل الدرامى المميز الذى خطف الأضواء من شاشات الفضائيات فنجد المؤلفة جسدت واقعية المجتمع فى مخاطره وخيره وحبه وأمله ووضعته تحت مجهر السيطرة النفسية لكى تلعب الإرادة الشخصية التحكم فى الأمور.
إذا كانت السينما المصرية قد تناولت قضية المخدرات من تعاطى واتجار فى أربعينيات القرن الماضى بداية من فيلم "الطريق المستقيم" تأليف يوسف وهبى 1943 وإخراج توجو مزراحى مرورا بفيلم "الباطنية" عام 1980 عن رواية الكاتب إسماعيل ولى الدين وسيناريو وحوار مصطفى محرم فإن معالجة الأعمال الدرامية على مر السنين الماضية يشوبها شىء من الروتين الذى تعلوه طبقة من العطب والخمول الفكرى، ومن هنا يظهر إبداع السيناريست وتطور أسلوب المعالجة والأخذ بالكتابة الإبداعية، فمؤلفة مسلسل تحت السيطرة أحدثت طفرة فى تناول قضية علاج الإدمان بالسينما المصرية، حيث إنها أظهرت الجانب الإيجابى فى تناول قضية الإدمان والمدمنين، وسلطت الضوء على الإرداة الشخصية كأحد أهم أركان علاج الإدمان وقناعة المدمن بذاته وإيمانه بالعلاج.
المسلسل لا يسلط الضوء على الإدمان والمدمنين فحسب، فهناك زاوية أخرى نظرت منها المؤلفة وهى الجانب الرومانسى الذى يفوح منه رائحة حكايات الحب الأول وتتحكم فيه العاطفة والمشاعر فتؤثر فى أحداث المسلسل، فمثلا علاقة الحب الأول بين شريف زهران وشيرين بالرغم من زواجها الذى دام قرابة العشرين عاما، وأنجبت خلالها هانيا الفتاة التى أدمنت المخدرات، فلجأت الأم لحبها الأول شريف كى يعينها فى محنتها بصرف النظر عن كونه مدمنا متعافيا، وكذالك علاقة الحب الأول التى تربط بين طارق المدمن الذى لا يملك الإرداة فى التعافى وسلمى الزوجة المخلصة لحبها الذى يمنحها القوة فى الصبر والتحدى حتى بعد الانفصال عنه، رفضت كل الرجال وفاء لحبها الأول طارق، رغم أن طارق نفسه مشغولا بحبه الأول مريم، وهنا يلعب الجانب النفسى للحب بالنسبة للمرأة دوره، فهى مخلصة لحبيبها الأول عكس الرجل، وبذلك ممكن القول إن مريم ناعوم عزفت على أوجاع المجتمع المصرى ووضعته تحت السيطرة النفسية.