اتهمت مجلة (فورين بوليسي) الأمريكية القادة السياسيين فى جمهورية أفريقيا الوسطى بالمسؤولية عما تشهده البلاد من مآسى بدأت منذ الاستقلال عن فرنسا عام 1960 وبلغت ذروتها مؤخرا.
وأكدت -فى سياق تقرير بثته على موقعها الإلكتروني- أن الحرب الأهلية التى تطحن رحاها البلاد منذ أكثر من عشر سنوات ليست بسبب الدين، وإنما هى نتاج عقود طويلة من التهميش والتجهيل والفقر.
ودللت (فورين بوليسي) على ذلك بشهادة اللاجئين الذين هربوا بحياتهم من ويلات تلك الحرب إلى دولة تشاد المجاورة، مؤكدين أن الصراع لم تشعله أبدا نزعات دينية، واسترجعوا أعواما طوالا من الوفاق بين مسلمى أفريقيا الوسطى ومسيحييها كمثل يحتذى.
وقالت المجلة إن القادة السياسيين عبأوا الشباب وسلحوهم وجندوهم لتحقيق أطماعهم الشخصية، والبلد (أفريقيا الوسطى) هو الذى يدفع الثمن الآن.
ونوهت عن أن هؤلاء الشباب كانوا صيدا سهلا لأولئك الساسة الطامعين لأنهم مهمشون اقتصاديا واجتماعيا وقليلو الحظ من التعليم ومعدومو الفرص الوظيفية ومحبطون فى ظل سحابات متراكمة من الفساد وسوء الإدارة تخيم على الدولة.
واتهمت (فورين بوليسي) المجتمع الدولى بالتأخر فى الالتفات لهذه الظاهرة غير المقصورة على جمهورية أفريقيا الوسطى؛ والمتزايدة الانتشار فى المنطقة.
وقالت المجلة إن النجاح فى تقليص عدد الوفيات بين الأطفال، متزاوجا مع الفشل فى تقليص معدلات الخصوبة، أثمر عن تضخم فى المرحلة السِنيّة بين 15 و 24 سنة فى كل من شمال نيجيريا والنيجر وتشاد وجمهورية الكونغو الديمقراطية والسودان وجنوب السودان.
ولفتت إلى أن أفريقيا جنوب الصحراء تزخر بأعلى نسبة شباب -18 سنة- على مستوى العالم، لكن هؤلاء الشباب مهددون بالبطالة أكثر من آبائهم بضعفين.
وأضافت (فورين بوليسي) أن ثمة عاملا آخر وراء ما تعانيه أفريقيا الوسطى وجيرانها، هو ضعف الإقبال على التعليم، وهذا يمكن تعليله بالعديد من الأسباب: من ذلك على سبيل المثال عدم اقتناع الكثير من هؤلاء الرعاة بجدوى التعليم على تحسين ظروف معيشتهم الرعوية .. ومنها أيضا اعتناق الكثيرين فكرة ضروة رفض التعليم باعتباره رمزا لدول الغرب الأوروبية التى استعمرت بلادهم واستغلتهم.
ورصدت المجلة تقريرا لمنظمة اليونسكو مفاده أن الثمانى عشرة دولة الأقل فى مستويات التعليم عالميا جميعها تقع ضمن دول أفريقيا جنوب الصحراء، وأن نسبة الذين يعرفون القراءة والكتابة فى غينيا لا تتجاوز 31 بالمئة، فيما لا تشكل نسبة هؤلاء فى أفريقيا الوسطى والنيجر أكثر من 37 بالمئة .. وبالإجمال، تبلغ أعداد الأميين فى كل من أفريقيا جنوب الصحراء وأجزاء من جنوب آسيا وغربها نحو 48 مليون شاب أميّ.
وقالت (فورين بوليسي) إن حكومات تلك الدول فشلت فى تقليص الفجوة بين المناطق الريفية والحضرية من حيث توفير فرصة التعليم.
ورأت المجلة أن لجوء الشباب إلى الميليشيات المسلحة فى أرجاء أفريقيا يرجع بالأساس إلى حرمان المناطق الريفية من التعليم إلى جانب مقومات حياتية أخرى.
وأوضحت أن غير المتعلمين من الشباب يكونون صيدا أسهل للوقوع فى حبائل الميليشيات؛ التى تطرح وجهة نظر بسيطة وسطحية لمجريات الأمور فى العالم تكون قائمة: إما على الدين، على غرار ما تفعل جماعة "بوكو حرام" فى نيجيريا.. أو قائمة على إتاحة فرص للنهب على غرار جماعات الـ "جنجويد" فى السودان وغيرها من الميليشيات المتنوعة الولاء سواء مع أو ضد الحكومة فى جنوب السودان وشرق جمهورية الكونغو الديمقراطية.
فورين بوليسى: الفقر والتهميش دوافع شباب وسط أفريقيا نحو الميليشيات
الأحد، 05 يوليو 2015 12:48 ص
ميليشيات مسلحة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة