ويبقى المستقبل هو الشراكة التى تجمع جميع مكونات المجتمع فى إطار وطنى. وتبقى عدالة المستقبل مرتبطة بعدالة المشاركة فيه والقدرة على الاستمرار به نحو مراحل أكثر تطورا.
وهنا فإن شراكة المستقبل هى جمع لمجموعة محددة من العناصر الممثلة لقدراتنا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحضارية، ويصبح دورها هو تحمل مسئولية تلك التنمية وقيادتها وإدارة أهدافها وشكلها، على أن يصبح المجتمع هو المستفيد من عمل تلك الشراكة.
ويجب أن أوضح أكثر مفهوم "شراكة المستقبل"... شراكة المستقبل هى تمثيل لفئات قوية داخل المجتمع تملك المؤسسات الاقتصادية وقدرات التحكم والتأثير السياسى والتنوير الثقافى والقدرة على التخطيط للمستقبل، ولا يشترط أن تكون بأيديها مقاليد الحكم أو الإدارة بل يتطلب منها بشكل ما أن تصبح مستقلة عن الحكم واتجاهاته وإدارة سياسات الدولة، بل تصبح كياناً فى حد ذاته يخدم على الشعب، ويصحح مسار التوجهات الحكومية فى كافة الملفات.
ويجب أن توزع الأدوار فى هذه الشراكة بشكل محدد دون تعارض للأدوار حتى لا ينعكس ذلك على المجتمع من خلال فوضى اقتصادية واجتماعية، ويجب أن أنوه أيضاً أنه ليس هناك أوضاع سياسية واجتماعية تفرض تشكيل تلك الشراكة وقد نختلف على شكلها ولكن الأهم أنها بالفعل متواجدة وتستطيع أن تقود قطار التنمية وتحدد أفاقه مع الإشارة أنها يجب أن مؤهلة لدور الإرشاد الوطنى للمجتمع، والإشارة إلى أنه – فى رأى – بعض الأعضاء الواجب تواجدهم فى هذه الشركة مازالوا يحتاجون أنفسهم إلى مزيد من الإرشاد الوطنى.
علينا أن نتفق على فكرة محدودية الموارد الاقتصادية للبلاد واتساع آفاق التنمية والتطوير، وهناك تمويل لازم قد لا تستطيع مواردنا فى لحظات ومواقف معينة من تمويلها أو القدرة على سدادها، وهنا توجد معادلة ألا وهى، أن هناك حكومة وشعب على جانب سيحصدون نتائج التنمية، بينما على الجانب الآخر شراكة التنمية والتى ستتولى ملكية التنمية وقيادتها فى نقاط ومراحل معينة، وفى ظنى يعتبر هذا اتفاقا عادلا، ولأجل هذا تظهر أهمية فكرة "شراكة المستقبل".
ودعونا نحفظ لهذه الشراكة الجانب الأخلاقى والوطنى فى دورها – وهو حق للمساهمين – بمنحهم الحق بمسمى "عناصر صناعة التنمية"
ويبقى هنا سؤال أود أن أطرحه :-
"ماذا نريد من هؤلاء – عناصر التنمية – حتى يصبح اتفاقنا ملتزما بالعدالة وتحقيق أهدافه دائماً؟"
وهنا فإن الإجابة تكمن فى النقاط الآتية :
( 1 ) أن تلتزم العناصر المساهمة المشاركة فى الشراكة بأن يكونوا فقط مسئولون عن التنمية وقيادتها، دون إنشاء طبقة خاصة على قمة المجتمع تقتصر على أفرادها وتمنع استقبال أى أفراد أو كوادر جديدة من خارجها للانضمام إليها على مدار مراحل المستقبل المختلفة، وأن لا ينتج عن هذه الشراكة – يوماً ما – زواجا بين المصالح الاقتصادية والامتيازات الاجتماعية والسلطة الدستورية ينتج عنها قيام جيل جديد من البرجوازيين ليصبحوا على قمة الهرم الاجتماعى باسم التنمية والتقدم الاقتصادى.
( 2 ) أن تلتزم هذه الشراكة بالقيام على أسس وطنية تحترم جميع الفئات القادرة على القيادة بالمجتمع، دون اى تصنيفات طائفية، بل الموائمة السياسية والاجتماعية.
( 3 ) أن تلتزم عناصر الشراكة فى التنمية بعدم القيام على بعضها البعض بعد ذلك فى المستقبل،، أو أن يستغل أحد العناصر قوته أو قدرته الأكبر على التأثير فى الأوضاع السياسية ليفرض وصايته أو يحدد لنفسه شروط معينة للاستمرار فى دعم تقدم التنمية أو البقاء عنصرا فى هذه التنمية، لأن ذلك سوف يحدث تضاربا فى الأدوار ينتج عنه أن التنمية لن تصل بنا إلى بر بناء الحضارة وهى ثمرة العمل الجاد والشاق والمضنى فى التنمية.
( 4 ) ان تلتزم هذه الشراكة بالاستعانة بالعناصر المبدعة والقادرة من الشباب، وأن تلتزم بتحقيق طموحاتهم فى الارتقاء الاجتماعى والاقتصادى فى المقام الأول.
( 5 ) أن تلتزم هذه الشراكة بعد الشخصنة والارتباط بشخصية معينة مهما كان تأثيرها فى بناء التنمية، لأن بناء التنمية والنهضة هو بناء كبير للغاية ومهما كبر نصيب شخص فيه فإنه يبقى فى النهاية مشاركة ضمن مشاركات كثيرة لخبرات أخرى سوف تحل بعد ذلك مضيفة للتنمية بعدا جديدا أكثر اتساعا، بل تلتزم بجداول زمنية وخطط قصيرة ومتوسطة وطويلة الأمد.
( 6 ) يجب أن تلتزم عناصر صناعة التنمية وقادة هذه الشراكة بالمرونة والتعاطى مع الواقع السياسى بحيث تصبح قدرتهم على البقاء والاستمرارية تحت أى وضع أو ضغط سياسى، دون أن تتوقف عملية النمو الاقتصادى وتحقيق الأهداف الاجتماعية له، فصعود أى تيار سياسى له توجه معين ورؤى اقتصادية والاجتماعية تختلف مع توجه هذه الشراكة، لا يعنى ابدا فضها والتفرغ لخلافات السفسطة السياسية.
( 7) أن تلتزم تلك الشراكة دائما بفكرة المراجعة الدورية خلال مدد معينة، لتقييم مدى نجاح اهدافها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وعند التأكد من فاعلية الرؤى وخطط يتوجب الاستمرار، وعند اكتشاف خطأ ما فى الرؤى يتوجب التوقف والمراجعة والمحاسبة وإعادة تقييم دور كل عنصر من عناصر الشراكة والوقوف على سبب حدوث خطأ لتلافيه فى مراحل أخرى أكثر تقدما.
وتبقى فكرة استقرار التنمية واستمراريتها الدافع الأول لبناء شراكة وطنية مستقبلية تنموية هادفة مستقلة تستطيع قيادة سفينة التنمية بسلام.