أحبابنا.. خلف الحدود
ينتظرون حبّةً من قمحهم
كيف حال بيتنا التريك
و كيف وجه الأرض.. هل يعرفنا إذا نعود ؟!
يا ويلنا..
حطامَ شعب لاجئ شريد
يا ويلنا.. من عيشة العبيد
فهل نعود ؟ هل نعود ؟!
مرت أمس الذكرى الأولى لرحيل الشاعر سميح القاسم الذى توفى 2014 والذى يعد واحداً من أبرز شعراء فلسطين، ولد لعائلة درزية فلسطينية فى مدينة الزرقاء الأردنية عام 1929، وتعلّم فى مدارس الرامة والناصرة، وعلّم فى إحدى المدارس، ثم انصرف بعدها إلى نشاطه السياسى فى الحزب الشيوعى قبل أن يترك الحزب ويتفرّغ لعمله الأدبى.
كانَ والده ضابطاً برتبةِ "رئيس" فى قوّة حدود شرق الأردن وكانَ الضباط يقيمونَ هناك مع عائلاتهم، وحينَ كانت العائلة فى طريق العودة إلى فلسطين فى القطار، فى غمرة الحرب العالمية الثانية ونظام التعتيم، بكى الطفل سميح فذُعرَ الركَّاب وخافوا أنْ تهتدى إليهم الطائرات الألمانية، وبلغَ بهم الذعر درجة التهديد بقتل الطفل إلى آن اضطر الوالد إلى إشهار سلاحه فى وجوههم لردعهم، وحينَ رُوِيَت الحكاية لسميح فيما بعد تركَتْ أثراً عميقاً فى نفسه: "حسناً لقد حاولوا إخراسى منذ الطفولة سأريهم سأتكلّم متى أشاء وفى أى وقت وبأعلى صَوت، لنْ يقوى أحدٌ على إسكاتي" .
سجن القاسم أكثر من مرة كما وضع رهن الإقامة الجبرية بسبب أشعاره ومواقفه السياسية.، حيث إنه يتناول فى شعره الكفاح ومعاناة الفلسطينيين، أنشأ مسرح فلسطينى يحمل رسالة فنية وثقافية كما يحمل فى الوقت نفسه رسالة سياسية قادرة على التأثير فى الرأى العام العالمى فيما يتعلّق بالقضية الفلسطينية.
ما أن بلغ "القاسم" الثلاثين كان قد نشر ست مجموعات شعرية حازت على شهرة واسعة فى العالم العربى، ومن أشهر قصائده "أشد من الماء حزنا"، "أمطار الدم"، "بوابة الدموع" وغيرهم، وكان له أعمال مع الشاعر محمود درويش مثل "الرسائل" حيث كان صديقا شخصيا له.
كتب أيضاً عدداً من الروايات، وأسهَمَ فى تحرير "الغد" و"الاتحاد" ثم رَئِسَ تحرير جريدة "هذا العالم"، ثُمَّ عادَ للعمل مُحرراً أدبياً فى "الاتحاد" وآمين عام تحرير "الجديد" ثمَّ رئيس تحريرها، كما حصل "سميح" على العديد من الجوائز والدروع وشهادات التقدير وعضوية الشرف فى عدّة مؤسسات.
توفى الشاعر الفلسطينى، بعد صراع مع مرض سرطان الكبد الذى داهمه وأدى إلى تدهور حالته الصحية حتى توفى يوم الثلاثاء 19 أغسطس 2014.
تقدموا تقدموا
كل سماء فوقكم جهنم
وكل أرض تحتكم جهنم
تقدموا يموت منا الطفل والشيخ ولا يستسلم
وتسقط الأم على أبنائها القتلى ولا تستسلم
تقدموا تقدموا
بناقلات جندكم وراجمات حقدكم
وهددوا وشردوا ويتموا وهدموا
لن تكسروا أعماقنا
لن تهزموا أشواقنا
نحن القضاء المبرم
تقدموا تقدموا
طريقكم ورائكم
وغدكم ورائكم
وبحركم ورائكم
وبركم ورائكم
ولم يزل أمامنا طريقنا
وغدنا وبرنا وبحرنا وخيرنا وشرنا
فما الذى يدفعكم من جثة لجثة
وكيف يستدرجكم من لوثة للوثة
سفر الجنون المبهم
تقدموا وراء كل حجر كف
وخلف كل عشبة حتف
وبعد كل جثة فخ جميل محكم
وإن نجت ساق يظل ساعد ومعصم
تقدموا كل سماء فوقكم جهنم
وكل أرض تحتكم جهنم
تقدموا تقدموا
حرامكم محلل حلالكم محرم
تقدموا بشهوة القتل التى تقتلكم
موضوعات متعلقة..
منتصب القامة "مشى".. ورحل شاعر العربية الكبير سميح القاسم صوت المقاومة الناصع وصاحب "غزة تبكينا لأنها فينا" ورفيق درب محمود درويش والقابض على جمرة الشعر حتى النفس الأخير