فتمكن " محفوظ" من خلال أعماله الأدبية من طرح قضايا سياسية واجتماعية تؤكد أن الأحداث المتشابهة تتكرر وأن التاريخ كان ومازال يعيد نفسه، لتخرج أعماله عن كونها مجرد روايات منسوجة من وحى خيال الكاتب إلى راصد للواقع المصرى عبر الأزمنة، ليبق "محفوظ" غائبا عن الحياة ولكن حاضرا بأعماله التى ترسخت فى ذاكرة المصريين.
وفى ذكرى وفاته التاسعة تستعرض "اليوم السابع" 10 أبطال من روايات الأديب العالمى " نجيب محفوظ" مازالت تنبض بالحياة حتى الآن.
سى السيد" بطل من دم ولحم
السيد أحمد عبد الجواد "سى السيد" لم تكن هذه الشخصية بعيدة عن واقع "أديب نوبل" إنما استقاها من شخصية حقيقية لتاجر كان يعيش إلى جواره ويتعامل مع أسرته بقسوة مفرطة، ونقلها إلى روايته بعد أن نسج خياله ملامحها التى تحولت من لحم ودم إلى رمز أدبى ومثال واقعى لشخصيات متناقضة تحرم ما تحلله لنفسها مازالت تعيش وسطنا حتى الآن.
عاشور الناجى يجسد الصراع الطبقى دون نهاية
"عاشور الناجى" الشخصية التى تحولت إلى "أسطورة الفتونة" ونقلت ملامح الحارة المصرية فى قرن ماضى من وجهة عصرية جعلتها صالحة لكل العصور، فاستكمل " محفوظ" مسيرته فى تقديم أبطال لهم طابع مركب ومعقد بعض الشىء من خلالها، كما جعلها تقدم نموذجا حيا لمفهوم السلطة وفكرة العدل والصراع الطبقى من خلال الصراع الممتد بين أبنائه وحلم السيطرة على الحارة.
محجوب عبد الدايم من القاهرة 30 إلى 2015
من منا لم يصادف شخصية المتسلق المنافق الذى فى أتم استعداد دائما ليتنازل عن أى شىء فى مقابل تحقيق أهدافه متخذًا من مقولة " الغاية تبرر الوسيلة" مبدأ له، فلم تقتصر الشخصية على القاهرة 30 وحسب، إنما امتدت عبر السنوات حتى وصلت إلى القاهرة 2015، والمفاجأة هنا أنها شخصية حقيقية مستنبطة من الواقع كما ذكر الأديب فى أكثر من حوار له.
مصر تتجسد فى شخصية "زهرة" ماريمار
فى ميرامار كانت شخصية "زهرة" رمزا لمصر فجسد محفوظ من خلال الشخصيات المحيطة بها مخاوفه على الوطن بعد ثورة 52، من خلال أحداث الرواية التى تدور حول مجىء الفتاة الريفية إلى الإسكندرية وتعرضها لنماذج مختلفة من البشر ومنهم الثرى العابث والشاب المثقف و الإقطاعى الذى يحقد على الثورة، وإذا أمعنا النظر فى تلك الحبكة نجدها تجسد حال مصر مع كل تطور سياسى تمر به البلاد ولم تقتصر أحداثها على ما بعد عام 52 فقط إنما يمكن تطبيقها أيضا على ثورة 25 يناير وتعرض البلد لأكثر من تيار لكل منه مصالحه الشخصية.
"أنيس" فى ثرثرة فوق النيل شخصية تعرف الخلود
لا يمكن أن ننسى شخصية " أنيس زكى" فى "ثرثرة فوق النيل" ذلك البطل الذى يدور حديثه دائما داخل نفسه، والذى اختار الصمت والبعد عن الواقع بعد أن هزمته ظروف مجتمعه وأطاحت به خارج الواقع، و جعله الأديب مدرسا للتاريخ ليجسد من خلاله شخصية المثقف العاجز عن التغيير، لتكون من الشخصيات الخالدة فى تاريخ التغيرات السياسية داخل المجتمع المصرى حتى الآن.
"عيسى الدباغ" يجسد تخبط رجال الأحزاب
أما "عيسى الدباغ" ذلك الشاب الذى ينتمى لأحد الأحزاب التى انتهى دورها بعد ثورة يوليو، فتخبط فى حياته بعد أن استبعد من المراكز الحساسة التى كان يعتليها، نجح "محفوظ" بعبقريته فى رسم حياة هذا النموذج الذى يعتمد على منصبه لفرض سطوته وهنا يمكننا أن نرصد حال بعض الأحزاب التى أحلت بعد ثورة 25 والتى فقد أهم وأبرز رجالها قبضتهم على الدولة.
"سعيد مهران" المجتمع جعله مجرما فى اللص والكلاب
كذلك استقى محفوظ شخصية "سعيد مهران" بطل رواية "اللص والكلاب" من واقعة حقيقية بطلها كان السفاح "محمود سليمان" الذى شغل الرأى العام فى أوائل عام 1961، وخرج عن القانون لينتقم من زوجته الخائنة، لذلك ارتكب العديد من الجرائم فى حق الشرطة وبعض أفراد المجتمع، وهنا حاول " محفوظ" عرض الجوانب الخفية لشخصية نجح المجتمع فى دفعها إلى الإجرام.
كمال عبد الجواد ونجيب محفوظ وجهان لعملة واحدة
اتفق كثير من النقاد أن هذه شخصية " كمال عبد الجواد" فى الثلاثية هى الأقرب لشخصية الأديب ذاته، وما يؤكد ذلك أن كليهما من مواليد شهر ديسمبر، أيضا تشابه تجاربهم فى الحب والشك والانتماء لسعد زغلول، فضلا عن تشجيع نادى الزمالك وغيرها من الملامح المشتركة التى أقر بها " محفوظ نفسه" فى كتاب" نجيب محفوظ يتذكر" قائلا ": كمال عبد الجواد يحمل كثيرا من تجاربى وآلامى وهمومى واهتماماتى.
" كامل" فى رواية السراب يتسبب فى إطلاق النار على " محفوظ"
هناك أيضا شخصية واقعية نقلها "محفوظ" بكل صفاتها النفسية المتشابكة، لتجسد الشاب الذى يتسبب تعلقه المرضى بأمه لمشكلة نفسية تطورت لتتحول إلى عجز جنسى، واستقاها الأديب من شخصية كان على صله بها واعتمد على كونه بعيدا تماما عن قراءة الروايات، لكن عندما أخبره أحد أصدقائه عن الرواية فأخذ مسدسه وذهب ليطلق النار على محفوظ، مما دفع الأديب إلى الاختفاء لحين عودة الهدوء للبطل الحقيقى.
أحمد عاكف بطل لم يعرف ببطولته يوم
الشقيق الأكبر الذى شاءت الظروف أن يكون مسئولا عن أسرته، ويضحى بكل شىء من أجل أشقائه، نموذج عرضه محفوظ لينقل لنا قصة كفاح متكررة داخل مجتمعاتنا الشرقية، وأكد الأديب فى أكثر من تصريح أنه نقلها بحذافيرها من شخصية حقيقية لم يدرك حتى وفاته أن قلم محفوظ سرد قصة حياته.
" حميدة "المرأة اللعوب فى زقاق المدق
حميدة الفتاة التى يمكنك أن تقابلها فى كل زمن " اللعوب" التى حددت هدفها المختصر فى استغلال جمالها وأنوثتها للإيقاع بالرجال للخروج من الزقاق والارتقاء بحالتها المادية والاجتماعية وتبيع أعز ما تملك لتشترى السراب.