يكفى الموسيقى فخرا وجود اسم بين صناعها بحجم المبدع والعبقرى رياض السنباطى، والذى أبدع فى ألحانه ونوع فيها بدرجة تحمل قدرا كبيرا من المفاجآت فمن يسمع "الأطلال" ولحنها الشجى الموجع يذهل عندما يعلم أن صاحب هذا اللحن هو من أبدع أيضا فى لحن أغنية "يا ليلة العيد" رياض السنباطى والذى يعد واحدًا من أهم الموسيقيين فى تاريخ الموسيقى المصرية والعربية، حيث لحن أم كلثوم فقط 107 أغنيات ما بين أغانى رومانسية خفيفة مثل "افرح يا قلبى" و"يا ليلة العيد" و"غلبت أصالح" و"عودت عينى" ومن القصائد "سلو كئوس الطلا" و"قصة الأمس" و"ثورة الشك" و"أراك عصى الدمع" وبعد وفاة أم كلثوم عام 1975، وقال عنها السنباطى "أم كلثوم هى قصة حياتى"، ولحن برشاقة لليلى مراد وهدى سلطان وفايزة أحمد ووردة.
وكانت الصدفة وحدها هى التى جمعت بين أم كلثوم والموسيقار الكبير رياض السنباطى الذى تحل ذكرى رحيله الـ34 عندما كان رياض مع والده السنباطى فى محطة سكة حديد قرية "درين"مركز نبروه، وكانت أم كلثوم ووالدها وشقيقها وأولاد عمها يغنون فى أحد الأفراح هناك وكان رياض السنباطى هو ووالده يتبادلان الغناء فى فرح وانتهى الفرحان فى وقت واحد متجهين إلى المحطة فى انتظار القطار وأشار السنباطى الكبير لابنه رياض وقال له "أم كلثوم التى يتحدثون عنها" ونظر رياض السنباطى لأول مرة فى حياته ليجد أم كلثوم، ولم يكن قد سمع لها، وإنما سمع عنها فقط وكانت ترتدى بالطو رجالى وتلف رأسها بالعقال والذكاء كان يطل من عينيها كانت فى ذلك الوقت فى الثانية والعشرين من عمرها وكان رياض السنباطى مطربا ناشئا ويقدم بعض الوصلات الغنائية فى الإذاعة وظل هذا اللقاء العابر محفورا فى ذهن رياض السنباطى وبعدها بحوالى 15 عاما قامت أم كلثوم بالاتصال بالسنباطى ليتفقا على العمل سويا.
ويصف الموسيقار الراحل عمار الشريعى السنباطى بأنه من أكثر الموسيقيين موهبة ويحتل مكانة خاصة لا ينافسه فيها أحد وضرب مثلا بلحن قصيدة الأطلال، حيث يروى الشريعى قصة لحن "الأطلال" وما دار بين السنباطى والست فى ذلك الوقت، حيث قال "إنه لحن معقد، فيه كل ما قلته عن التعقيد، الكبرياء، الرصانة، العمق، الشجن، أم كلثوم خافت منه رغم عبقرية اللحن، لكن ثقتها فى السنباطى مقدمة على كل شىء»، وتقول له: خايفة يا أستاذ، يرد عليها: «متخفيش»، هذه الثقة دفعتها لإنجاح الأطلال بغنائها ثلاث مرات، فى أول حفلة استقبل الناس اللحن بصمت، ثانى حفلة بصمت أقل، ثالث حفلة بهياج وفرقعة، خلاص كان دواء السنباطى تسرب لوجدان الناس، فأصبحت قصيدة على كل لسان، فى كل قلب، ست بيت لا تقرأ ولا تكتب لكن تقول لك: «يا فؤادى لا تسل أين الهوى/ كان صرحا من خيال فهوى/ اسقنى وأشرب على أطلاله طالما الدمع روى».
ولد رياض السنباطى عام 1906، فى مدينة فارسكور بمحافظة دمياط، لأب مطرب وعازف عود هو الشيخ محمد السنباطى، وكان وحيدًا بين شقيقاته البنات، انتقل مع عائلته إلى مدينة المنصورة وتعلم فى مدارسها وظهر شغفه بالموسيقى والغناء منذ طفولته، فتعلم العزف على القانون أولًا، وتعلم من والده الأدوار والموشحات القديمة، كما رافقه فى سهراته التى كان يحييها فى الريف المصرى، واتجه رياض إلى تعلم العود وبدأ يحيى الحفلات حتى ذاع صيته ولقب ببلبل المنصورة وبدأ مشواره فى عالم الموسيقى.
وكانت علاقة السنباطى بالتمثيل غير جيدة، حيث اشترك فى بطولة فيلم وحيد وهو "حبيب قلبى" لكنه لم يكرر التجربة حيث رأى أن التلحين هو عالمه وليس الثمثيل إلا أن العلاقة بينه وبين السينما ظلت مستمرة من خلال تلحينه لأغانى العديد من الأفلام، والتى وصلت لما يزيد عن خمسين فيلمًا، منها "شادية الجبل" و"رابعة العدوية" و"ثورة المدينة" و"الحبيب المجهول" و"لحن الوفاء" و"خطف مراتى" و"بنت الأكابر"، وحصل السنباطى على عدة تكريمات خلال مشواره الفنى منها تكريم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر له وحصوله على وسام الفنون كما قام السادات بمنحه وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى وحصل السنباطى أيضًا على جائزة اليونسكو العالمية عام 1977، باعتباره "الموسيقى المصرى الوحيد الذى لم يتأثر بأى موسيقى أجنبية وأنه استطاع بموسيقاه التأثير على منطقة لها تاريخها الحضارى" بحسب تقديم الجائزة، وأحد خمسة موسيقيين فقط نالوا هذه الجائزة على فترات متفاوتة، وفى 10 سبتمبر 1981 رحل رياض السنباطى تاركا وراءه رصيدا كبيرا من الألحان جعلت اسمه خالدا حتى الآن.
فى ذكرى رحيله الـ34.. رياض السنباطى شمس الأصيل المخلص دائما للموسيقى و"القلب اللى عشق كل جميل".. لم يفشل له لحن واحد.. وقدم أرقى الكلاسيكيات الموسيقية ولقب بـ بلبل المنصورة..ولحن لـ أم كلثوم 107أغنيات
الخميس، 10 سبتمبر 2015 08:09 م
رياض السنباطى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة