السرطان "الجماعى" يضرب عائلة "غفير" فى ظاهرة فريدة من نوعها.. وفاة الأب وواحدة من البنات.. والأم و4 أبناء يصارعون للبقاء بعد اكتشافهم الإصابة بالمرض الخبيث بالصدفة

الأحد، 13 سبتمبر 2015 08:50 ص
السرطان "الجماعى" يضرب عائلة "غفير" فى ظاهرة فريدة من نوعها.. وفاة الأب وواحدة من البنات.. والأم و4 أبناء يصارعون للبقاء بعد اكتشافهم الإصابة بالمرض الخبيث بالصدفة عائلة غفير
كتب - أمل علام وتصوير صلاح سعيد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

نقلاً عن اليومى



لا يمكن وصف الأمر سوى بالحالة النادرة، فالسرطان لم يأت فرديا لتلك الأسرة التى أصيب كامل أفرادها بالمرض الخبيث، وهى الأسرة التى لا يمكن اعتبارها صغيرة فهى مكونة من 5 أطفال بالإضافة إلى الزوج والزوجة.

رب الأسرة يدعى أشرف الجزيرى وقد كان يعمل غفيرا بمزرعة على طريق الإسكندرية الصحراوى، أما الزوجة فهى تدعى سهير وقد أصيبا بالسرطان بالإضافة إلى أبنائهما بعدما كانوا يعيشون فى مزرعة لمدة ثلاث سنوات.

الأب توفى بعد إصابته بسرطان فى النخاع، وتوفيت ابنته بعده مباشرة لإصابتها بنفس النوع من السرطان، أما الأم والأبناء الأربعة فيتم علاجهم بمستشفى سرطان الأطفال 57357 فى ظاهرة إصابة جماعية اعتبرها الأطباء حالة نادرة وغريبة، فليس معتادا أن يصيب السرطان أسرة بكاملها وبأشكال مختلفة دون أن يفلت منه أحد.

القصة مأساوية وغريبة فقد تحول حلم الأسرة إلى كابوس مزعج لم تستطع الأم الاستيقاظ منه، فسهير الأم التى تبلغ من العمر 30 عاما توفى زوجها فلم تجد من ينفق عليها، فهى تعيش بلا مأوى يائسة مريضة، كما أنها مصابة هى الأخرى بسرطان فى القولون، وقامت بإجراء عملية جراحية لاستئصال جزء منه. أما أبناؤها فيتم علاجهم جماعيا حاليا بمستشفى سرطان الأطفال، الأم لم تستطع أن تحمل ابنتها الصغيرة عندما تحاول الجرى منها، فلا زال جرح العملية جديدا ولكنها تقاوم المرض وتأتى إلى مستشفى سرطان الأطفال لكى تتابع علاج أولادها مع أنه من الأفضل لها تبقى فى سريرها حتى تتماثل للشفاء، إلا أنها تسير فى حرارة الشمس وتتحمل عناء السفر من المنوفية حيث تقيم إلى القاهرة حيث تعالج هى وأبناؤها.

«سهير» تقوم بكل تلك الجهود على الرغم من أن جرحها لم يلتئم بعد نتيجة العملية، كما أن جرحها أعمق بعد رحيل زوجها الذى فقدته وأبنائها الأربعة الموجودين فى المستشفى ما بين الحياة والموت.

جسمها النحيل ووجهها الأصفر يجعلانها لم تعد قادرة على البكاء على زوجها وأبنائها، فليس لديها القوة حتى للبكاء ولم يعد الفقر فقط الذى يلاحقها بل المرض أيضا، فهى تخاف أن تموت وتترك أبناءها الأربعة المصابين بالسرطان فمن سيرعاهم إذا توفيت، ومن سينفق عليهم، ومن سيتحمل مرضهم.. أسئلة كثيرة تدور فى ذهنها ولا تستطيع الإجابة عليها.

تحكى «سهير» قصتها قائلة: «كنا شغالين فى مزرعة فى الصحراوى الكيلو 45 كان جوزى غفير فيها وكان فى المزرعة جميع أنواع الفاكهة والخضار وقعدنا فيها 3 سنوات فيها وكان عندى 5 أبناء هم شيرين وشريف ومريم وملك ونور».

وتقول: «كنت باساعد جوزى فى المزرعة فكنت أقوم بحلب البهايم، كنا نأكل كل حاجة من المزرعة حتى كنا نهمل غسيل الخضار والفاكهة كنا نقطفها من الشجرة ونأكلها، موضحة أن صاحب المزرعة كان يعيش فى الإسكندرية وقام بتأجير جزء منها لشخص فرنسى يزرع فيها الورد ويصدره للخارج».

وتضيف «لم يكن يسكن فى المزرعة سوى أنا وزوجى وأولادى فقط، فالعمال كانوا يأتون لرش الكيماوى ووضع السماد على الشجر ويذهبون بعد ذلك، أما نحن فكنا نقيم فى بيت مهجور صغير داخل المزرعة». وأضافت وهى مجهدة ولا تستطيع استكمال كلماتها أن صاحب المزرعة كان يأتى إليها مرة واحدة كل أسبوعين وكان أولادى فرحانين أنهم يقومون بقطف الفاكهة من الشجرة، فكان جوزى غفيرا يعمل فى المزرعة لحراسة الفيلا الموجودة فيها نظير مبلغ 350 جنيها فقط وعندما علم صاحب المزرعة أننا جميعا أصابنا السرطان قام بطردنا منها..

تقول سهير: «كنا سعداء فكان صاحب المزرعة يوفر لنا كل شىء، الأرز والمكرونة والبيض واللبن والطيور، حتى الشاى، كل الطعام الذى تتخيله والذى يفضله أبناؤها».

وتستطرد: «فجأة شعر زوجى بآلام شديدة فى جسمه كله حيث أصيب بسرطان فى النخاع وتوفى لأنه انتشر فى جسمه كله وأصيبت ابنتى مريم بنفس المرض بسرطان فى النخاع، ثم ابنتى شيرين أصيبت بسرطان فى المخ والنخاع، ولم أستطع علاجها فى معهد ناصر لأن العلاج فيه يحتاج إلى فلوس وناس قالوا لى «روحى بيها مستشفى سرطان الأطفال وثبت أنها مصابة بسرطان بالنخاع والمخ وقامت بإجراء عملية جراحية فى المخ وأثناء إجراء العملية توفيت ابنتى الأولى مريم 10 سنوات».

وأضافت: «الأطباء عرفوا أن أولادى الآخرين مصابين بالسرطان عندما كانوا يحتاجون زرع نخاع لشيرين فقاموا بعمل تحليل لأخيها شريف فوجدوا أنه يعانى من سرطان فى النخاع العظمى وقال الأطباء إن هذا الطفل لا يمكن أخذ نخاع منه لأنه مصاب بالسرطان، وعندما حاولوا أخذه منى اكتشفوا إصابتى بالسكر والضغط وسرطان القولون، وأخذوا الطفلة ملك 4 سنوات وجدوا عندها سرطان تحت الإبط فى الغدد الليمفاوية وفى الرقبة».

وأشارت إلى أنهم قالوا «نحاول نأخذ النخاع من ابنتى نور 6 سنوات ومن التحاليل عرفوا أنها مصابة بسرطان فى المعدة»، وتقول إن المستشفى عندما علم أنه لا يوجد أحد صالح لها، فقاموا بشراء نخاع من بريطانيا من أحد بنوك زرع النخاع، موضحة أنها هى أيضا مصابة بسرطان القولون وتم استئصال نصف القولون، موضحة أن عم الأولاد وجدهم كانا مصابين بسرطان فى النخاع، كما أن جدتها كانت مصابة بسرطان فى القولون وقامت بإجراء عملية استئصال القولون.

وقالت: «أريد مكانا نعيش فيه أنا وأولادى ومحافظ المنوفية عندما قدمت له طلبا أعطانى غرفة فى مركز الشهداء و«دورة المياه» مشتركة وذهبت لهذا المكان ووجدت كله بلطجية وكل يوم بوليس الآداب يأتى إليه فخفت أن أسكن فيه ولولا مستشفى سرطان الأطفال مش عارفة كنت حعمل إيه ومش عارفة ماذا سيكون مصير أولادى».

تفسير الأطباء لهذه الحالة النادرة



وعن تفسير هذه الظاهرة النادرة تحدثنا مع أطباء علاج الأورام لمعرفة السبب ولتفسير إصابة أسرة كاملة بالسرطان كما سألت «اليوم السابع» بشأن ما إذا كانت تلك الظاهرة ناتجة عن العامل الوراثى فقط أم أن هناك عوامل أخرى تعرض لها أفراد الأسرة أدت إلى إصابتهم بالسرطان.

الدكتور أحمد إبراهيم استشارى علاج أورام الأطفال بمستشفى 57357 ومدرس أورام الأطفال بالمعهد القومى للأورام يؤكد أن معظم أورام الأطفال غير معلومة السبب ولكن عندما يصاب أكثر من شخص فى العائلة يكون هناك جين نتيجة خلل فى الجينات، حيث يصابون بجميع بأنواع السرطانات نتيجة وجود خلل جينى.

وأوضح أنه حتى الآن لا يوجد علاج جينى موجه لمثل هذا النوع من السرطانات وهو لازال قيد التجارب، و99% يعانون من الخلل الجينى، وإذا كان لديهم أطفال لابد أن يحملوا الجين، ولابد أن يكونوا تحت الملاحظة، موضحا أنه منذ 10 سنوات لم نكن نرى هذا العدد من السرطانات نتيجة تطور أجهزة التشخيص، ومنذ سنوات كان يأتى المريض وهو فى حالة متأخرة، حاليا أصبح التشخيص مبكرا وتمثل السرطانات ثانى سبب للوفاة.

وقالت الدكتورة أسماء حمودة استشارى أمراض الدم بمستشفى 57357 ومدرس الأورام بالمعهد القومى للأورام إن أهم أسباب الإصابة بالسرطان هو التعرض للإشعاع أو المواد الكيميائية أو التعرض للتلوث والنفايات الذرية، وإذا كانت الأم حاملة للجين والأب حاملا للجين فيولد الأطفال معرضين للإصابة بالسرطان، حيث يمكن أن يصاب الأولاد بأنواع مختلفة من السرطان ولا تقتصر الإصابة على الأبناء فقط وإنما على الأقارب الأخرى أيضا.

من جانبه أكد الدكتور حسين خالد، أستاذ علاج الأورام بالمعهد القومى للأورام وزير التعليم العالى الأسبق، أن العامل الوراثى يلعب دورا كبيرا فى إصابة أولادهم بالسرطان، فهناك عائلات كاملة تصاب بالسرطان وتكون نسب الإصابة مرتفعة، وهناك أنواع من السرطان العامل الوراثى فيها يكون له تأثير كبير مثل سرطان الثدى والقولون لكن هناك أنواعا أخرى العامل الوراثى فيها أقل ظهورا.

وأشار إلى أن هناك مسببات للإصابة بالسرطان مثل العامل الوراثى أو الجينى أو التعرض للملوثات البيئية مثل التدخين والتلوث البيئى والنظام الغذائى المختل، وقلة ممارسة الرياضة البدينة، كل هذه العوامل تؤدى إلى الإصابة بالسرطان، موضحا أن البيئة التى يعيشون فيها قد تكون أحد المسببات التى تتضافر مع العوامل الوراثية فى حدوث الورم، وهذه العوامل ناتجة عن عدم الالتزام بالقياسات المتعارف عليها فى التعامل مع المبيدات والأسمدة المستخدمة، وخاصة أن الفلاحين قد لا يكون لديهم دراية بالطرق الصحيحة لتخزين الأسمدة والتسيب والعشوائية وعدم الالتزام بالقواعد والنظام فى استخدام المبيدات.
وأكد أن الأضرار الناتجة عن التلوث البيئى قد تسبب بعض الأمراض ثم تتحول إلى السرطان وهذا التلوث يتمثل فى استخدام الأسمدة الكيماوية والمبيدات، حيث يمكن أن تكون منتهية الصلاحية، مضيفا: «لا نستطيع أن نجزم أنها السبب الوحيد وإنما من المؤكد أن الوراثة هى السبب الأقوى فى الإصابة.

من جانبه قال الدكتور حسام كامل، أستاذ أمراض الدم وزرع النخاع بالمعهد القومى للأورام رئيس جامعة القاهرة السابق، إن السرطانات أنواع وليست نوعا واحدا، فهناك مسببات كثيرة للإصابة بالسرطان مثل استخدام الكيماويات فى رش المزارع، وهناك فيروسات تسبب السرطان أو نتيجة حدوث اختلال فى الجينات أو التعرض للإشعاع.

وأكد الدكتور هشام الغزالى، أستاذ علاج الأورام بطب عين شمس رئيس الجمعية الدولية لأورام الثدى والنساء، أننا نستطيع أن نمنع الإصابة بالسرطان، موضحا أن مسببات السرطان تنقسم إلى أسباب جينية أو وراثية وأخرى بيئية، نتيجة عوامل خارجية تؤدى إلى الانقسام العشوائى للخلايا أو ما يسمى بالسرطان.

وقال: من الثابت عالميا أنه يمكن تقليل معدلات الإصابة بالسرطان عن طريق تقليل هذه الأسباب المعروفة والتى تؤدى إلى هذا الانقسام العشوائى للخلايا، ومن الأسباب المعروفة لحدوث السرطان الملوثات مثل التدخين والتلوث، والذى يؤدى إلى الإصابة بسرطان الفم والحنجرة والمرىء والمعدة والرئة والمثانة، مشيرا إلى أنه تجرى حملات طبية وعلمية وإعلامية فى مختلف أنحاء العالم لتقليل معدلات الإصابة بالسرطان الناتجة عن التدخين، حيث إنها تقلل نسب الإصابة بالسرطان بنسبة 10% نتيجة الإقلاع عن التدخين.

وأضاف أنه من المعروف أن من أهم مسببات سرطان الكبد الإصابة بفيروس سى، وأن الإصابة بفيروس سى تؤدى إلى متتالية من الأحداث فى خلايا الكبد تنتهى فى حوالى 20% من الحالات بحدوث سرطان الكبد والتى للأسف هو الأكثر انتشارا فى مصر حسب إحصائيات السجل القومى للأورام ومنظمة الصحة العالمية، مشيرا إلى أن هناك خطة طموحة للتخلص من فيروس سى من خلال وزارة الصحة ومنظمات المجتمع المدنى، والتى ربما تنتهى إلى تقليل الإصابة بسرطان الكبد بنسب تصل من 80: 90% من معدلات الإصابة الحالية.

وأوضح أن الأسباب الجينية والوراثية التى كانت تعد من العوامل التى لا يمكن الحد منها أصبح الآن من الممكن الكشف عنها والتنبؤ باحتمالية حدوث الأورام وأصبح من الإجراءات العلمية إعطاء بعض العلاجات الهرمونية أو إجراء بعض العمليات الجراحية الاحترازية تعطى مردودا كبيرا فى منع الإصابة فى هؤلاء الأشخاص الذين يحملون جينات وراثية تؤدى إلى حدوث السرطان، مشيرا إلى أن الجمعية الدولية لأورام الثدى والنساء ستطلق مشروعا ضخما لمحاولة تقليل معدلات الإصابة بسرطان الثدى، وزيادة معدلات الشفاء عن طريق ما يسمى بمشروع بنك السرطان والذى سيتم الإعلان عنه قريبا.


اليوم السابع -9 -2015









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة