يسود كثيراً من المجتمعات العربية اعتقاداً مفاده أنّ المرأة عندما تصبح من دون رجل، سواء أكان بسبب طلاقها أم وفاة زوجها، يحرم عليها الزواج مرة أخرى. فى حين أنّ الرجل لو واجه الموقف نفسه وفقد زوجته لأى سبب، فإنّه يجد تشجيعاً على الزواج مرة أخرى، وإذا لم يمارس هذا "الحق" اعتُبر موقفه قمة التضحية. أما لو تزوجت المرأة ثانية اعتبرت "خائنة"، وينظر إليها على أنها لم "تصن العشرة"، خصوصاً إذا كان لديها أبناء.
وتواجه المرأة الأرملة أو المطلقة صراعاً كبيراً فى حياتها بعد أن تفقد الرجل الذى كانت تتزوج به، خاصة عندما تكون قد أنجبت منه أبناء، فكثير منهن يفضلن التضحية من أجل أبنائهن، ويواصلن حياتهن بمفردهن لتربية أبنائهن وتقديم كافة التضحيات التى قد يقدّرها الأبناء لهن، وهناك من لا يُقدّرها؛ لأنه يرى أنها تدخل ضمن حقوق ومفهوم الواجبات، وتبقى المرأة بعاطفتها المُتسعة وبجروحها الكبيرة ومخاوفها تعيش حياتها برفقة أبناء تحبهم كثيراً، ولكنها تتطلع إلى أمل يُذكّرها دائماً بإنسانيتها وأنها مخلوق يحق له أن يعيش مشاعر الحياة بكل انفعالاتها.. وتُضحّى المرأة الأرملة أو المطلقة وتُقرر أن تُدير ظهرها للحياة وتبقى لدى أبنائها، ولكنها لا تستطيع أن تتجاهل حجم تلك التضحية التى لا تعرف كيف سيكون شكلها بعد سنوات، وكيف سيكون لونها إذا مابقت وحيدة.
إن المجتمع يفرض صعوبات ومآسى على المرأة حينما تفقد زوجها سواء أصبحت أرملة أو مطلقة، فتضحيات المرأة كبيرة والمجتمع والمقربين يزيدون من تلك المعاناة، فى الوقت الذى قد يتزوج الرجل بعد وفاة زوجته أو طلاقها بأيام فيصفق المجتمع له ويعطيه كل الحق فى ذلك دون انتقاد، حتى أصبحت التضحية أيضا لاخيار فيها للمرأة.
الأرملة تواجه العديد من الصعوبات منها على سبيل المثال لا الحصر إلقاء العبء على عاتقها فى تربية أبنائها والاهتمام بشؤونهم، فضلا عن مشاكل حضانة الأبناء بالإضافة إلى الفراغ العاطفى ونظرة المجتمع لها وخوفها على أبنائها ومستقبلهم والضغوط التى تتعرض لها نتيجة لما ذكر، كما أنها تعانى من عدم القدرة على مواجهة أبنائها بالرد على استفساراتهم بشأن والدهم حيث تتعرض لصراع شديد وبخاصة إذا كانت فى مقتبل العمر، وتعتبر معاودة الزواج برجل آخر عدم وفاء لزوجها الراحل ولـو أرادت أن تتزوج ولديها أبناء تبدأ مشاكل الحضانة، حيث يتغلب عليها الخوف على مصير ومستقبل أولادها فتكرس بقية حياتها لهم.
إن دور الإعلام ضعيف فى توعية المجتمع بهدف تغيير النظرة السلبية تجاه الأرامل وتثقيف المجتمع بأبسط حقوق الأرملة بحقها فى الحياة الهانئة، أسوة بباقى البشر عن طريق التوعية الدينية وتشجيعها على تغيير نمط حياتها لتكون عضواً فعالاً فى المجتمع.
«إن دور المنظومة الإعلامية ضرورى لتفعيل دور الأرملة فى المجتمع والابتعاد عن الصور النمطية التى رسمتها لها الكثير من وسائل الاعلام المختلفة فى أنها ذات ظروف خاصة وبحاجة للعون، ويكون ذلك من خلال تقديم التثقيف والتوعية وتوفير الدعم المعنوى لها ومحاربة العادات والتقاليد التى تقلل من دورها وشأنها وتشكك فى قدرتها على العمل وصنع القرار، إضافة إلى عدم إظهارها بمظهر العاجزة التى تحتاج لعطف ومواساة من حولها بل هى بحاجة للدعم والنصيحة والمساعدة فى إنماء شخصيتها وإبراز صورتها الحقيقية ودورها فى تنمية المجتمع التى تعيش فيه والارتقاء بفكرها وأهدافها.
فوزى فهمى محمد غنيــــــــــــم يكتب: عندما المرأة تصبح بدونن "ضل راجل"
السبت، 19 سبتمبر 2015 04:00 م
صورة ارشيفية