كيف حولت إيران حادث مقتل الحجاج إلى صراع مذهبى مع السعودية؟..الحديث عن تدويل إدارة الأماكن المقدسة فى طهران وأنقرة ينقل صراع النفوذ الإقليمى من ساحات الصراع فى اليمن وسوريا إلى ساحات البيت الحرام بمكة

السبت، 26 سبتمبر 2015 08:32 ص
كيف حولت إيران حادث مقتل الحجاج إلى صراع مذهبى مع السعودية؟..الحديث عن تدويل إدارة الأماكن المقدسة فى طهران وأنقرة ينقل صراع النفوذ الإقليمى من ساحات الصراع فى اليمن وسوريا إلى ساحات البيت الحرام بمكة مقتل الحجاج
تحليل يكتبة أكرم القصاص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء


لم يكن حادث وفاة وإصابة مئات الحجاج صبيحة عيد الأضحى هذا العام، الأول فى تاريخ مواسم الحج، وبالرغم من ذلك فقد كان هذا الحادث هو الأكثر إثارة، لأنه جاء بعد سقوط رافعة فى الحرم ومقتل العشرات، وفتح باب الانتقادات لهيئات التنظيم، ودعوات لتوظيف التكنولوجيا، وإزالة الإهمال مع الأخذ فى الاعتبار تجمع ملايين فى مساحة جغرافية واحدة بوقت واحد، لكن الحادث أخذ بعدا سياسيا لأنه وقع فى وقت تخوض فيه المملكة العربية السعودية حربا فى اليمن ومعها الدول العربية، مما جعل السلطات الإيرانية تدخل على الخط وسارع المرشد الإيرانى الأعلى آية الله على خامنئى، بتحميل السلطات السعودية ما وصفه بـ«سوء الإدارة»، ومسؤولية حادث تدافع الحجاج فى منى، وأعلن الحداد فى إيران بعد مقتل 122 إيرانيا وإصابة 150 آخرين فى الحادث، ودعا خامنئى، فى بيانه: الحكومة السعودية إلى تحمل مسؤولية ما جرى فى الحادث المأساوى بمشعر منى، وأضاف: «من غير الممكن عدم الأخذ بعين الاعتبار سوء الإدارة السعودية والتعامل غير الصحيح فى التسبب بوقوع هذا الحادث الأليم».

وجاء رد الفعل الإيرانى الغاضب بالرغم من أنه ليس الحادث الأول، فقد شهدت المملكة حوادث مشابهة، على مدى الأربعين عاما الأخيرة كان آخرها حادث كبير أثناء الحج فى 2006 لقى 346 حاجا على الأقل حتفهم أثناء رمى الجمرات، وفى عام 1998 قتل أكثر من 118 حاجا فى تدافع منى أثناء رمى الجمرات، وفى 1997 وقع حريق أتى على مخيم الحجاج فى منى، وقتل 343 حاجا وجرح أكثر من 1500 آخرين، وفى عام 1994 قتل 270 حاجًا دهسا بالأقدام بعد تدافع أثناء رمى الجمرات، وفى عام 1990 وقع حادث نفق منى الذى كان الأكبر فى حصيلة الضحايا، إذ قتل 1426 حاجا نتيجة للتدافع فى النفق وتوقف أجهزة التهوية، وفى عام 1989 قتل حاج وأصيب 16 آخرون، بعد أن هاجم 16 كويتيا شيعيا الحجاج بالقرب من المسجد الحرام فى مكة المكرمة، وفى العام نفسه قتل خمسة باكستانيين وجرح 34 آخرون إثر حريق فى مخيم بالقرب من مكة، وفى موسم 1975 وقع حريق فى مخيمات للحجاج بالقرب من مكة أسفر عن مقتل 200 حاج، وأرجعت السلطات وقتها أسباب الحادث إلى انفجار أسطوانة غاز فى أحد الخيم.

وكانت إيران لها سوابق فى موسم الحج وكان الحجاج الإيرانيون يمارسون الهتاف أو التظاهر فى الحرم، بينما تحرص السعودية على إبعاد السياسة، وكانت أحداث موسم الحج فى 31 يوليو 1987 هى الأكثر أثارة ومواجهة حيث نظم بعض الإيرانيين مظاهرات حاشدة أثناء موسم الحج رفعت فيها صور الخمينى وهتفوا ضد الولايات المتحدة وضد العراق ورئيسها وقتها صدام حسين، وحاولوا التوجه إلى المسجد الحرام رافعين شعارات الثورة الإيرانية والعداء لـ«إسرائيل»، وصور الخمينى، ودخلت قوات الأمن السعودية فى مواجهة مع التظاهرات لفضها بالقوّة، وأسفرت هذه المواجهات عن مقتل 402 شخص منهم 275 إيرانيا، و85 سعوديا، و45 حاجا من بلدان أخرى، وأصيب أكثر من ألف، وقطعت السعودية علاقتها الدبلوماسية حتى عام 1991.

وخلال موسم 2015 كانت هناك توقعات بأن يشهد الموسم تحركات إيرانية، بسبب الخلاف مع السعودية فى الملف السورى والمواجهة فى اليمن، ويرى محللون أن إيران حولت حادث منى الذى سقط فيه أكثر من 100 إيرانى إلى مناسبة لمهاجمة السعودية، ولهذا سارع المرشد الإيرانى بالحديث إلى تحميل السعودية المسؤولية، بينما لم يسبق أن علق على أحداث كانت أشد منها نفق منى الذى سقط فيه مئات، والسبب أن إيران تتواجه مع المملكة باليمن وحولت الصراع إلى صراع مذهبى وتواجه طهران التحالف السعودى وتحوله إلى فارسى عربى، أو شيعى سنى وليس مجرد صراع على السلطة، وحتى على عبدالله صالح الرئيس اليمنى تحالف مع الحوثيين خصومه السابقين.

ومرات كان الحجاج الإيرانيون يرفعون شعارات سياسية أو يهتفون «لبيك على» وكانت أحداث يتم احتواؤها. ويرى بعض المحللين أن إيران تريد توظيف الحادث، وتعيد المطالبة بتدويل الأماكن المقدسة، مع سوابق محاولات إيرانية لتسييس الموسم، وأن تكون لإيران أيادى فى الإشراف على الحج، وهو ما يجعل الحادث فرصة لمحاولات تركية أردوغانية للبحث عن نفوذ بموسم الحج، الأمر الذى منح الحادث بعدا إقليميا كشف عن الطموحات السياسية الإقليمية لطهران وأنقرة.

فقد كتب رئيس الشؤون الدينية التركية على حسابه الرسمى بتويتر: «إن هناك مشكلة واضحة فى إدارة الحج، ونعتقد أنه أصبح من الضرورى عقد اجتماع دولى لمناقشة تأمين أمور الحج»، وهى تدوينة أثارت غضبا سعوديا، وعاد رئيس الشؤون الدينية التركى، ليحذف التدوينة بعد أن بدا وقعها الكبير وعاد لينشر تصحيحا قال فيه: «تصريح وتصحيح: رئيس الشؤون الدينية التركية تحدث عن خطأ فى تفويج الحجاج فى منى ولم يقصد إدارة المملكة للحج كما زعمتم».

الحادث فى منى كبير وضحاياه بالمئات، ويستلزم المحاسبة ويكشف عن أخطاء، لكنه أيضا يكشف عن «كيف يمكن للسياسة أن تضاعف من الحدث؟».

وحيث انعكس الصراع الإقليمى على التعامل مع الحادث من الجانب الإيرانى وبدرجة أقل الجانب التركى لأنه كشف عن صراع النفوذ الذى انتقل من ساحات الحرب والصراع فى اليمن وسوريا إلى ساحات البيت الحرام فى مكة وجسر الجمرات فى منى.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة