فى كل عام دراسى جديد يتجدد الجدل حول الدروس الخصوصية ما بين مؤيد ومعارض وبين باحث عن تقنين أوضاعها، فالبعض يرى أن الظاهرة يصعب إلغاؤها فيما يذهب البعض الآخر إلى أبعد من ذلك ويعتبرها أخطر ملفات التربية والتعليم فى الوقت الحالى، وذلك لما تسببه من استنزاف أموال الأسر المصرية على مدى العام وتهديد وإلغاء لمجانية التعليم فى بعض مراحل التعليم خاصة الثانوية العامة.
لا توجد أسرة مصرية لا تعانى من الدروس الخصوصية بدءا من مراحل التعليم الأساسى وما قبله وصولا للتعليم الجامعى أيضا، حتى أصبحت الظاهرة كابوسا وصداعا يهدد عرش أى وزير يتولى حقيبة وزارة التربية والتعليم، عشرات التصريحات والقرارت صدرت من الوزراء السابقين للتربية والتعليم لبتر الظاهرة ومكافحتها، لكن حتى الآن لم يحدث شىء، وكل ما يصدر ما هو إلا مسكن للرأى العام وكلام دون جدوى.
فى هذا الملف نتعرض لأكثر قضية شائكة فى المجتمع.. ونطرح أسئلة كثيرة حولها، لنواجه بمتناقضين أحدهما رغبة شديدة من المسؤولين فى القضاء على الظاهرة، والآخر استمرار الظاهرة وتزايدها عاما بعد عام بل الأخطر من هذا أن هذا النشاط غير المشروع يتم فى ظل اعتراف رسمى من قبل وزارات الكهرباء والإسكان والتنمية المحلية والمالية والاتصالات من خلال التصريح بتوصيل المرافق للمراكز التعليمية تحت اسم «الدروس الخصوصية»، فيما تتواصل بل تتزايد معاناة الأهالى والأسر المصرية.
المدرسون وأصحاب مراكز الدروس الخصوصية اعتبروا غلق المراكز الخصوصية خراب بيوت لهم، مبررين ذلك بأنهم يسهمون فى زيادة الدخل القومى لمصر عبر دفع الضرائب والأموال مقابل استهلاك الكهرباء والماء والاتصالات وغيرها من مرافق الدولة، كاشفين عن أسرار فشل الوزراء السابقين فى مواجهة الظاهرة أبرزها غياب التشريعات والقوانين وتضارب القرارات وغياب التنسيق بين الوزارات وقلة وضعف المرتبات المعلمين، كما اقترحوا سيناريوهات لمكافحة الظاهرة ومواجهتها منها زيادة مرتبات المعلمين وتعيين خريجى التربية والتعليم واستخراج كارنيه «مدرس خاص» لغير العاملين فى الوزارة.
أما الطلاب وأولياء الأمور فأعربوا عن رفضهم لمحاربة الدروس الخصوصية فى ظل عدم وجود تعليم فعال داخل المدارس، مؤكدين أنهم كطلاب لا يحصلون أى شىء داخل الفصل الدراسى، وأن الدروس الخصوصية هى ملاذهم الأخير والأهم لتحصيل المادة العلمية واجتياز سنوات الدراسة.
«اليوم السابع» عاشت التجربة مع المدرسين المتهمين من قبل وزارة التربية والتعليم بأنهم وراء تفشى الظاهرة وأنهم يحاربون الوزارة ويرفضون تنفيذ قراراتها، لتكشف المستور وحقيقة تمثلت فى وجود تخبط فى القرارات بين الوزارات وغياب التنسيق أدى إلى اعتراف وزارات الكهرباء والمالية والتنمية المحلية والاتصالات والإسكان بشرعية المدرسين والمراكز الخصوصية بشكل قانونى فى إعطاء الدروس الخصوصية.
بداية الأزمة حينما سمحت الحكومة رسميا للمدرسين بإقامة مراكز دروس خصوصية، وأصدرت لها التراخيص وذلك بقرار رسمى من وزير المالية، وتبعها تعليمات من رئيس مصلحة الضرائب بالبدء فى تحصيل الضرائب من مراكز الدروس الخصوصية فى عام 2010.
وحددت مصلحة الضرائب نسبة %20 ضريبة على كل مركز دروس خصوصية، وبناء على اتفاق سرى بين وزارتى المالية والتربية والتعليم تم رفع القيمة الضريبية إلى %25.
وأكد رئيس مصلحة الضرائب فى حينه اتخاذ إجراءات مشددة على مراكز الدروس الخصوصية، وقال إن الحرب ستكون هى كيفية إخضاع تلك المراكز للضريبة حيث تم تجميع المستندات الدالة على تهربهم ضريبيا لاتخاذ الإجراءات القانونية حيالهم.
وكشف المدرسون عن تسديدهم للضرائب تحت اسم مراكز دروس خصوصية شهريا، وتأكد ذلك بإصدار وزارة المالية والكهرباء فواتير ورخصا رسمية لمراكز الدروس الخصوصية وكذلك شركة مياه الشرب والصرف الصحى، والاتصالات، وهو ما يعنى سداد الضرائب للمرخصين رسميا، وهو ما يعنى تضاربا فى قرارات الوزراء.
وحصلت «اليوم السابع» على مطالبات رسمية مازالت تصدر حتى الآن، ومنها مطالبة بتاريخ 9 سبتمبر الجارى نصها «مطالبة وتنبيه بسداد الضريبة، المستحقة على دخل الأشخاص الطبيعيين، وفقا لأحكام المادة 103 من قانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 2005، ونصت القسيمة المذكورة على أن هناك شعبة المهنة الحرة ويتفرع منها نشاط «درس خصوصى».
وتضمنت القسيمة صافى إيرادات المهنة ومجموع صافى الدخل والصافى الخاضع للضريبة وبندا موضحا فيه «يخصم مبلغ 5 آلاف جنيه - الشريحة المنصوص عليها فى المادة 7 من القانون، وصافى الوعاء الخاضع للضريبة المستحقة، وإجمالى المستحق وكان 3684 جنيها».
وتعدد الأمر مع جميع المدرسين المرخصين رسميا، وهو ما يعنى حال إغلاق الدروس المرخصة ضياع مبالغ تقدر بمليارات على الدولة.
والشاهد فى صدور تلك المحررات الرسمية الصادرة من وزارة المالية، ومصلحة الضرائب المصرية تحديدا نموذج رقم 35 سداد حتى تاريخه يعتبر تصريحا رسميا بالعمل، وأن مصلحة الضرائب ضربت بقرارات وزير التربية والتعليم عرض الحائط، وما زالت تحصل وتقنن أوضاع المدرسين بشكل قانونى ورسمى.
فى البداية يقول محمد صابر، مدرس: «أدفع كامل مستحقات الدولة من مياه وكهرباء وضرائب وفاتورة تليفون وكلها مرخصة كونها مركز دروس خصوصية، والأرقام التى صرح بها المسؤولون غير موجودة، فالحصة لا تتعدى 15 جنيها، والأرباح عادية مقابل أتعاب شأنها شأن أى مهنة حرة، فلماذا تحاربنا الحكومة؟»، مطالبا بمحاربة منتحلى الصفة وغير المتخصصين، على حد قوله.
فى الوقت الذى حصلت فيه «اليوم السابع» على محررات رسمية صادرة من الضرائب تفيد تحصيل مبالغ مالية نظير الدروس الخصوصية، قال مصدر مسؤول بمصلحة الضرائب: «إن نشاط هذه المراكز غير مدرج لدى مصلحة الضرائب ولذلك لم تتمكن الجهات المسؤولة من تحصيل أى مبالغ ضريبية منها»، مشيرًا إلى أنه يتم رصدها بناء على شكوى تصل إلى مفتشى الضرائب بناء عليه عمل تقديرات بحسب عائد المركز لتحصيل الضريبة المستحقة وإذا لم تكن هناك فواتير أو كشوف توضح حجم الأعمال يتم عمل تقديرات جزافية على صاحب المركز. وبالتالى ضياع مئات الآلاف من الجنيهات على الدولة، مؤكدا أنه من الاستحالة أن يدلى مدرس بصافى دخله وقيمة المبالغ المالية المحصلة، والواقع يثبت ذلك جيدا، حيث إن قيمة المبالغ المحصلة لا تتجاوز ربع المستحقات المالية.
لم تسلم وزارة الكهرباء أيضا ولا الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى من الوقوع فى هذه المهزلة، وساعدتا على تقنين وضع مراكز الدروس الخصوصية منذ زمن، ووافقت وزارة الكهرباء على استخراج عدادات كهرباء شريحة دروس خصوصية وحاسبتهم تجاريا- وقننت أوضاعهم، وتم تحصيل مقابل استهلاك مياه من هذه المراكز بموجب ايصالات رسمية.
«اليوم السابع» حصلت على فواتير كهرباء صادرة من شركة جنوب الدلتا لتوزيع الكهرباء، نصت على أن النشاط «دروس خصوصى» ويتم تحصيل فواتير شهريا ومازالت.
وتساءل عدد من المدرسين: لماذا الحرب على من يدفع حقوق الدولة من مياه وكهرباء وضرائب فى الوقت الذى يهرب فيه الآلاف من سداد حقوق الدولة؟
ولم يتم وقف نشاطهم لعدم ثبوت ذلك عليهم، وكل أعمالهم تتم من دون تراخيص تحت « بير السلم»، وبالتالى لا مبرر لحرب الوزير على الملتزمين بسداد حقوق الدولة، ومساعدة المتهربين، وزيادة أنشطتهم.
وقال «خ. أ. ح»، مدرس، لقد وافقت وزرة الكهرباء على توصيل التيار الكهربائى وتمت محاسبتى تجاريا، فى الوقت الذى يتهرب فيه آلاف من المتنمين لمهن مختلفة من سداد الفواتير، كما أن هناك عشرات الآلاف من المبانى المخالفة قد قامت بتوصيل تيار كهربائى سرقة رغما عن شركة الكهرباء واضطرت الشركة إلى الإذعان وتقنين أوضاعها بعد سنوات من سرقة التيار.
ورغم قرارات الوزير وبعض المحافظين، فإن لافتات الدروس الخصوصية غزت الشوارع والميادين ونافست مرشحى البرلمان، ولم يخل شارع أو ميدان من إعلان عن الدروس الخصوصية، وتفنن كل معلن فى إعلان بضاعته وتنوعت وسائل الإعلان ما بين بانرات ولافتات تملأ الشوارع، وبوسترات يتم توزيعها على المارة وقائدى السيارات، وبين ورق معلق على الحوائط وأعمدة الإنارة.
وتنوعت وسائل الإعلان عن الدروس وأخذت شكلا هزليا، فمثلا علق أحد المدرسين لافتة «انتهز الفرصة مع فارس الكيمياء»، و«قاهر المعادلات»، آخر كتب على لافتة «رئيس جمهورية اللغة العربية» فى إشارة لمهارته فى تخصص اللغة العربية، بينما قال آخر متخصص فى الفيزياء فى إعلانه «زويل الفيزياء»، بينما انتشرت لافتات السنترات المجمع فى أكثر من تخصص بشكل جماعى ويعلن كل سنتر عن أسماء مدرسيه والعاملين به فى صور دعائية لافتة ومتنوعة.
يقول «محمد عبدالمجيد»، ولى أمر 4 طلاب فى مراحل التعليم، إن الحكومات السابقة قننت الأوضاع رسميا بشكل غير قانونى، وحينما قررت الحكومة التعامل معها كان لا بد أن يكون بالغلق وإيجاد البديل، وهو ما لم يحدث، وما حدث رسميا هو تقنين الأوضاع وتحصيل ما سموه مستحقات الدولة بدءا من الضرائب وفواتير الكهرباء والمياه التجارية، فكيف تحاربهم الحكومة اليوم وهى من قننت أوضاعهم وأصدرت لهم التراخيص الرسمية، وساهمت بشكل كبير فى تدنى وتراجع دور المدرسة على حساب الدروس الخصوصية، وبالفعل نجحت الدروس الخصوصية فيما فشلت فيه المدرسة من توفير مكان مناسب وملائم للظروف المناخية، وعدد الطلاب، والتركيز فى المادة العلمية؟
وتضاربت آراء المواطنين فى قرارات الغلق، فمنهم من دافع عن المدرسين والدروس الخصوصية كما قال «حمدى السيد»، موظف: «هذه المراكز فى مصلحة الناس وليست ضدهم، لأنها أرخص من الدروس الخصوصية فى المنازل كما يفعل الأثرياء مع أولادهم، وهى الملاذ الأخير للفقراء من الطلبة واعتبارها غير قانونية «كلام فارغ» وضغط وإرهاب حتى تبتزها الحكومة وتجعلها تدفع الضرائب الضعف، وللأسف من سيتحمل نتائج هذه الضرائب المبالغ فيها هم الطلبة وأولياء الأمور بسبب ارتفاع قيمة الدروس بها بعد ذلك».
ويعترض «أسامه إبراهيم»، بكالوريوس علوم، على رأى «حمدى السيد» مؤكدا أن الدروس الخصوصية لها مساوئ كثيرة، ومنها تهرب الطالب من الواجبات المنزلية ومساعدة المدرس الخصوصى له فى حلها، وتسريب أسئلة الامتحانات مباشرة فى سنوات النقل وبطريقة غير مباشرة مثل توزيع المذكرات والملخصات على الطلاب، وتحيز المدرس للطالب الذى يدرس عنده وإهماله لبقية الطلاب، والضغط المادى على أولياء الأمور خاصة الفقراء من غير مبرر، كما أن الطالب يقضى طوال يومه بين «السناتر» ذهابا وإيابا، وذلك على حساب أوقات المذاكرة والواجبات الاجتماعية.
وقال «محمد خالد»، ولى أمر: «عندى 4 أبناء فى مراحل التعليم المختلفة، وبدأت حجز الدروس الخصوصية منذ بداية شهر أغسطس، وبعض المعلمين كان قد انتهى من الحجز، مما جعلنى أسارع بحجز باقى المواد» وأكد أن الدروس الخصوصية موجودة فى كل السنوات والمراحل الدراسية، حتى إن ابنته فى الصف الأول الابتدائى تتعامل مع الدروس الخصوصية، وقال إن أبناءه يؤكدون أنهم لا يستوعبون شرح المدرس فى الفصل، ومجموعات التقوية التى تنظمها المدرسة تعانى من زيادة الأعداد وقلة الإمكانيات، فلا مراوح ولا تكييفات، ولا كراسى مناسبة للأعمار العمرية المختلفة، ولا إضاءات تفى بالغرض، وبالتالى فالدرس الخصوصى أمر محتوم.
ويتقدم محمد المسيرى، مدرس بالأحمدية الثانوية التابعة لإدارة غرب طنطا التعليمية، بمشروع متكامل للقضاء على الدروس الخصوصية فيقول: «قبل مواجهة الدروس الخصوصية لابد من تغيير منظومة التعليم، وتطبيق القانون بشدة على الجميع من خلال عودة الطلاب للمدارس، وكذا مواجهة أساليب الغش وحماية المعلمين المسؤولين عن الامتحانات، ثم يأتى بعد ذلك تجريم الدروس الخصوصية، وتغير نمط الامتحان وفتح مجالات البحث أمام الطلاب وتغيير شامل للكتاب المدرسى مما يقضى على سوق الكتاب الخاص، ومن ثم يمكن تجريم الدروس الخصوصية»، وطالب برفع رسوم إعادة القيد إلى 1000 جنيه، والقيد الثانى 1500 حتى تعود الحياة الدراسية والتربوية للمدارس مما يوفر 18 مليار جنيه تصرف على الدروس الخصوصية، ويحق للطالب التحويل من طالب منتظم إلى منازل وفقا لرغبته حتى يتم إعطاء الفرصة للطلاب الملتزمين بالمدارس الحكومية، وقصر الدروس الخصوصية على طلاب المنازل فقط من خلال المراكز التعليمية بموجب تصريح.
ويطالب المسيرى باستخراج رخصة التدريس لغير المعلم بشروط منها أن يتقدم كل طالب العمل بالتدريس للحصول على رخصة بموجب القانون إلى الإدارة التعليمية التابع لها ويحصل على دورة تدريبية «دبلوم التربية» بالجامعة التابعة لها الإدارة للحصول على شهادة تربوية، ويعفى من ذلك خريج كليات التربية، وأن يحصل المدرس على «كارنيه» مدرس خاص ويدون به المادة والتخصص المصرح به ويحق له مزاولة العمل كمدرس فى المدارس الخاصة أو المراكز التعليمية لطلاب المنازل، وتحدد رسوم الرخصة من قبل وزارة التعليم وتسجل بالوزارة لمتابعتها، وكل من يخالف التعليمات وسبق إلغاء رخصته من حقه التظلم فى خلال 10 أيام من القرار للنظر فيه أمام الجهة الأعلى ويحق لها تخفيض العقوبة من الإلغاء إلى تعطيل الرخصة لفترة محددة.
وفى حالة إقرار المخالفة لأكثر من مرة لصاحب رخصة التدريس تلغى نهائيا دون أن يحق له التظلم أمام أى جهة.
وفى حالة عدم الحصول على رخصة تدريس يعاقب كل من يضبط فى أى من المدارس الخاصة أو المراكز التعليمية أو أى مكان آخر بالحبس وغرامة عشرة آلاف جنيه لانتحاله صفة مدرس بدون وجه حق.
وعند ضبط أى طالب تحرر مخالفة للمركز، بالإضافة إلى أن يقوم الطالب بتسديد ثمن الكتب التى يستلمها ويحول إلى طالب منازل ويحصل على كارنيه منازل.
ويتقدم كل طالب يرغب فى الالتحاق بالمراكز التعليمية بطلب برغبة فى أداء الامتحان منازل ويسدد مبلغ 50 جنيها رسوما عن كل مادة يؤدى الامتحان فيها.
وفى حالة دخول الطالب «دور ثانى» يسدد 50 جنيها أخرى عن كل مادة وذلك رسوم امتحان «خامات - تصحيح - كنترول، وغيرها».
ويحصل الطالب على كارنيه معتمد من الإدارة التابع لها مدون به طالب منازل ليحق له الالتحاق بالمراكز التعليمية.
ويمنع طلاب المدارس الحكومية والخاصة من الالتحاق بالمراكز التعليمية، وفى حالة ضبط أى طالب تحرر مخالفة للمركز، بالإضافة إلى أن يقوم الطالب بتسديد ثمن الكتب التى يستلمها ويحول إلى طالب منازل ويحصل على كارنيه منازل.
وطالب محمد المسيرى بإنشاء مراكز تعليمية بموجب القانون لطلاب المنازل فى مرحلة التعليم الأساسى والثانوى العام والفنى وتصدر لها رخصة من الإدارة التابعة لها وتسجل بالوزارة لمتابعتها، على أن تقبل المراكز طلاب مرحلة التعليم الأساسى منازل بموجب كارنيه الطالب الصادر من الإدارة التعليمية ومدون به طالب منازل، وأن يعمل بهذه المراكز من هم فى إجازه خاصة بالمدارس الحكومية أو من يحصل على رخصة ولا يعمل بمدرسة خاصة، ويحظر العمل بتلك المراكز على من يعمل بالمدارس الحكومية والخاصة إلا من يحمل إجازة داخلية، وكل من يخالف التعليمات لوزارة التربية والتعليم «تطبق غرامة مالية خمسة آلاف جنيه».
وفى حالة التكرار يغلق المركز التعليمى نهائيا ويتم اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المركز والمدرس لمخالفته القانون.
ويقول السيد أبوشادى، أحد أهالى الغربية، إن مراكز الدروس الخصوصية «السناتر التعليمية» تزحف على الكتلة السكنية، وتسببت فى ارتفاع جنونى فى أسعار إيجار الشقق حتى فى الأماكن الشعبية، كما أن سكان الدور الأرضى والأول قاموا بفتح الغرف على بعضها وتوسعة الشقق وتأجيرها لأصحاب المراكز بمبالغ خرافية.
وأضاف أبوشادى، أن سعر إيجار الشقق الكبيرة فى الأماكن الشعبية وصل إلى 5 و6 آلاف جنيه شهريا، وفى الأماكن الريفية ما بين 2 و3 آلاف جنيه، ما يعنى أن الدخل عشرات المرات من القيمة المدفوعة.
وطالب أبوشادى، محافظ الغربية بمتابعة ما يقوم به سكان منطقة مساكن الجلاء من أعمال تبديل وتحريك فى البنية الأساسية للبنايات خاصة فى الدور الأرضى من أجل تأجيرها لمراكز الدروس الخصوصية، وبالتالى أصبحت العمارات بالكامل مهددة بالانهيار من جراء أعمال التكسير فى الجدران الأساسية بالعمارة، وهو ما يهدد بكارثة، كما أن الطلاب المترددين على المراكز وعددهم بالآلاف حولوا العمارات لمدارس بلا راحة ولا هدوء، وكل المدرسين يضربون عرض الحائط بطلبات الأهالى، ولا يراعون حق الجيرة السكنية معتمدين على المكاسب المالية الباهظة، وإرضاء المحليات من خلال دفع «رشاوى» من أجل السكوت عنهم.
أكد هانى كمال، المتحدث الرسمى لوزارة التربية والتعليم، أن الوزارة لا تستطيع أن تقوم بغلق جميع الدروس الخصوصية دون بديل لها، مشيرا إلى أن البدائل التى طرحتها الوزارة هى قناة تعليمية تقوم بشرح جميع المواد لجميع المراحل بصورة مبسطة، أما البديل الثانى فهو إلغاء نظام الحصة وتفعيل نظام المحاضرات لكى يستطيع المعلم زيادة الشرح والبديل الثالث توفير فصول للتقوية.
وقال هانى كمال، فى تصريحات صحفية، إن الوزارة وضعت خطة لحل مشكلة الدروس الخصوصية لتكون كالتالى: «يقوم أشهر المدرسين الذين يعملون فى الدروس الخصوصية بالشرح فى دروس التقوية وسيتم محاسبة المعلم فى دروس التقوية بالحصة وستكون نصف الثمن الذى يقوم الطالب بدفعه للمعلم فى السنتر على أن تقوم الوزارة بتعويض المعلم من ميزانيتها الخاصة.
ومن جانبه أصدر سعيد مصطفى كامل محافظ الغربية، تعليماته لوكيل وزارة التعليم بالمحافظة، بسرعة غلق مراكز الدروس الخصوصية غير المرخصة، وإزالة كل الإعلانات الموجودة فى الشوارع وعلى الحوائط الخاصة بالمدرسين ومراكز الدروس الخصوصية.
كما أكد المحافظ، تفعيل قرار وزير التربية والتعليم بعمل مجموعات تقوية بالمدارس، والاستعانة بأمهر المدرسين فى شرح المواد الدراسية، حتى يستوعب الطالب دروسه فى المدرسة، والاستغناء عن الدروس الخصوصية.
وطالب أحد المعلمين السلطة التنفيذية بمحاسبة منتحلى صفة المدرسين بدلا من ملاحقة المدرسين الرسميين، ولا سيما أن مكاسبهم المالية تفوق مكاسب رجال الأعمال، مؤكدا أن هناك خريج خدمة اجتماعية وصاحب أشهر مراكز للدروس الخصوصية، كما أن هناك دبلوم صنايع ويمتهن التدريس، وآخر خريج زراعة ومن مشاهير معلمى اللغة الإنجليزية.
وقال: «أتحدى مصلحة الضرائب أن تثبت قيام أحد المعلمين من منتحلى الصفة الذين يعطون الدروس الخصوصية بسداد الضرائب وحقوق الدولة، مطالبا بمحاسبة المتهاونين معهم وملاحقتهم قانونيا، بدلا من ملاحقة من يدفع حق الدولة».
وأجمع عدد من التربويين على ضرورة القضاء على الظاهرة، ولكن بشكل تدريجى والعمل على إيجاد البديل المناسب للطالب وولى الأمر، بحيث تقوم وزارة التربية والتعليم بتوفير المعلمين المختصين والمؤهلين أكاديميا وتربويا فى المدارس، وأن تعمل وزارة التربية والتعليم على تطوير نظام الحافز خاصة الأكفاء منهم لتشجعهم على بذل الجهد، وأن تقوم وزارة التربية والتعليم ومركز البحوث التربوى بعمل دراسات لمعرفة أسباب ضعف الطلبة فى المواد التى يحتاج الطلبة فيها دروسا، وكذلك عمل دراسة تقويمية لبرامج حصص التقوية التى تقدمها المدارس بهدف التعرف على فاعليتها، على أن يعاد النظر فى نظام الامتحانات للنقل والشهادات بحيث تعتمد على البحث والمعرفة والدراية والمهارات العلمية، بالتوازى مع تدريب المعلمين المستمر قبل بداية العام الدراسى بوقت كل على المناهج والمقررات الجديدة، ومحاسبة شديدة فعلية لكل من يشجع الدروس الخصوصية داخل المدرسة وخارجها وشمولية العقاب وتعميمه على المدرس وإدارة المدرسة والطالب وولى الأمر، وعقد ندوات بالمدارس لإرشاد الطلاب عن كيفية الاعتماد على النفس وطرق المذاكرة الصحيحة وكيفية تنظيم الوقت وتعليمهم حب العلم والمذاكرة والتفوق والاطلاع المستمر من أجل العلم وليس من أجل الامتحان فقط، وتشجيع الطلاب المتفوقين دراسيا خاصة الذين لم يتلقوا دروسا، مطالبين بالاهتمام بالأنشطة داخل المدارس، وتشجيع المجموعات المدرسية وعمل دعاية كافية لها وإجبار كل المدرسين بالعمل بها، وأن يكون لها نظام معين ماليا وإداريا ولها مسؤولون متفرغون.
وقال «أسامة.م»، مدرس لغة عربية، أعمل بمهنة الدروس الخصوصية منذ أكثر من 20 عاما وأسدد الضرائب ومركزى مشهر وحاصل على ترخيص رسمى، وأسدد فواتير الكهرباء والمياه تجاريا تحت اسم «درس خصوصى»، ومع ذلك فوجئت بقرار الوزير وتبعه قرار المحافظ، مؤكدًا أن قرار المحافظ متسرع وغير مدروس بالمرة، فهناك أكثر من 15 ألف مدرس خصوصى فى مدينة طنطا وحدها وما يعادل 50 ألفا على مستوى مراكز المحافظة، وكل مدرس يعمل معه مساعدان أى أن هناك أكثر من 150 ألف أسرة مصدر رزقهم الوحيد هو الدروس الخصوصية، وعليهم التزامات مادية.
وأضاف أنه تم تدشين جمعية رسمية للدفاع عن حقوق المدرسين وجارٍ إشهارها فى التضامن الاجتماعى إدارة ثان طنطا، بعد اختيار المؤسسين ومجلس الإدارة، وستكون حائط صد منيع للدفاع عن حقوق المعلمين، متسائلاً: كل المهن بها عمل خاص وعمل عام، هناك عيادة طبيب حر، ومكتب محام حر، ومكتب مهندس حر فلماذا يجرمون عمل المدرس الحر ما دام يدفع الضرائب والتأمينات ويعود بالنفع العام على الطلاب والدولة؟
وقالت «سارة جمال»، مدرسة لغة عربية، إنه حال تنفيذ قرار منع الدروس الخصوصية سينضم آلاف الخريجين لطابور العاطلين، وسوف يلجأ المعلمون للقضاء الإدارى للمطالبة بحقوقهم المشروعة، فهل يعقل أن تغلق البيوت المفتوحة لينضم أصحابها لطابور العاطلين فى وقت صرح فيه رئيس الوزراء بأنه لا توجد تعيينات فى الدولة، وخريجو الآداب والتربية والعلوم جميعهم التحق بقطار الدروس الخصوصية بعدما فقد الثقة فى التعيين، ناهيك عن المعلمين العاملين فى التربية والتعليم.
وقال «خالد.ع»، مدرس لغة إنجليزية، إن هناك أزمة حقيقية لم يعرفها المحافظ، وهى أزمة اليوم الدراسى، حيث لا تتعدى الحصة 45 دقيقة، ولا تكفى لشرح الدرس، كما أن اليوم الدراسى كله غير كاف لتلقى الدروس وهناك كثافة طلابية، وبعض المدارس تعمل بنظام فترتين، ومعظم أيام السنة إجازات، وسيتم تسليم المدارس فى بداية العام للجان انتخابات البرلمان فمن يعوض الطلاب حال غلق مراكز الدروس الخصوصية؟ كما أن الثانوية العامة لا تحضر رسميا 4 أشهر فى العام وهى مواعيد امتحانات الفصل الدراسى الأول والثانى، بالإضافة لمواعيد انتخابات البرلمان التى سوف تجرى هذا العام.
وأعرب عدد من المدرسين الرسميين، المرخصين، عن غضبهم من القرارات، مؤكدين أنهم الشريحة الوحيدة التى تم تحصيل ضرائب منها عام 2011 ثورة يناير، بعدما تهربت كل الشرائح من السداد بسبب ظروف البلاد، ولكن الضرائب لم ترحمهم، وأصدرت قرارات حجز على منقولات وأثاثات من لم يسدد ضرائب لكونه لم يعمل فى هذا العام بعد تراكم مديونيات وصلت بعضها لأكثر من 13 ألف جينه، وبالفعل تم تحديد جلسات بيع لبعض المراكز واضطر أصحابها لسداد المبلغ بالكامل للحفاظ على أثاثهم الخاص.
وقال «أحمد البيومى»، أحد المدرسين، إن قرار المحافظ سيحول التعليم للأغنياء فقط، حيث إن المستطيع والقادر سيتفق مع المعلم على الذهاب لبيته، وهذا أمر لا مشكلة فيه بالنسبة للمعلم، وسيحرم الطالب الفقير من المراكز الخصوصية، ولا يستطيع دفع ثمن ذهاب المدرس لبيته، وسيعود التعليم للأغنياء فقط، فى الوقت الذى لا يستطيع فيه الحصول على المنهج كاملا فى المدرسة.
وقال «أسامه.م»، أحد المدرسين، إن القرار سيحرم الدولة من ملايين الجنيهات جراء تحصيل الضرائب على مراكز الدروس الخصوصية، مؤكدا أنه يدفع متوسط 4 آلاف جنيه سنويا للضرائب، وهو ما يعنى إهدار ملايين الجنيهات وضياعها على الدولة، وسيعمل المعلمون فى الخفاء بعيدا عن أعين الضرائب، وطالب المحافظ بتقنين الأوضاع والحصول على مستحقات الدولة بدلا من أن يضطرهم للعمل فى الخفاء وفى بيوت الأثرياء.
كما طالب المعلمون بوضع إجراءات لتنظيم العملية التعليمية بدلا من التهديد بقطع الأرزاق، مثل منع وتجريم الدروس فى مواعيد الدراسة، وخضوع المدرس الخصوصى لاجتياز المادة العلمية من خلال لجان رسمية من التربية والتعليم، والحفاظ عليهم للاعتماد كليا عليهم حال وجود كوارث مثلما حدث إبان ثورتى يناير ويونيو، وبداية تصحيح المسار من الابتدائى ثم الإعدادى ثم الثانوى والاعتماد على المدرسة بشكل تدريجى، وتغيير المناهج بما يتناسب مع العصر الحديث ولاسيما أن المناهج والكتب المدرسية بها العديد من الأخطاء الفادحة.
من جانبه قال عبدالناصر إسماعيل، رئيس اتحاد المعلمين المصريين، إن تصريحات الدكتور محب الرافعى، وزير التربية والتعليم السابق، حول الضبطية القضائية شو إعلامى، نظرًا لعدم امتلاك الوزارة للإمكانيات التى تسمح بنجاح تنفيذها، مستنكرًا لجوء الوزير السابق إلى حلول أمنية بالاستعانة بعدة وزارات مختلفة لتنفيذها على العاملين بالمنظومة التعليمية، مؤكدًا أن الأزمة تحتاج إلى بديل تربوى، خاصة أن انتشار الدروس الخصوصية ناتج عن سياسات الوزارة السلبية.
وقال إسماعيل، فى تصريحات خاصة لـ«اليوم السابع»، إن التعليم الموازى المتمثل فى الدروس الخصوصية، أنقذ ما يمكن إنقاذه من تعليم البلاد، خاصة فى ظل عدم وجود بديل لها يتغلب عليها، فنحن نحتاج إلى سياسات تقويم جديدة بمفاهيم مختلفة لطرق الامتحانات وتوفير مقاعد للطلاب تكفى أعدادهم، لكن الحلول الأمنية لن تجدى مع أزمات التعليم، والضبطية القضائية ما هى إلا أسلوب عاجز فى علاج القصور بالمدارس.
فيما قال حسين إبراهيم، الأمين العام لنقابة المعلمين المستقلة، إن معظم المراكز حاصلة على تراخيص قانونية بممارسة أعمالها، مما يهدر حق أمن الوزارة فى دخولها أو التعرض للمعلمين العاملين بها، إضافة إلى توجه أولياء الأمور إلى الدروس بالاتفاق مع المعلمين دون إجبار، لافتًا إلى أن انتشارها يأتى نتيجة لارتفاع كثافة الفصول وابتعاد المقررات عن الاحتياجات الفعلية للخريجين ووجود قصور بالمناهج.
وأشار إبراهيم، إلى أنه يمكن لوزارة التعليم أن تتجه إلى التشديد على فرض ومتابعة دفع المعلمين العاملين بالدروس للضرائب، وزيادة مرتبات كل المدرسين، وتقليل الكثافات، والتوقف عن التصريحات التى وصفها بـ«الاستفزازية والعدائية» ضد المعلمين وتحميلهم أكثر مما يعانون، مؤكدًا أنه لا يدعم إجبار بعض المدرسين للطلاب فى الدخول لمجموعاتهم لكنه ضد أساليب الوزارة فى مواجهة المشكلة، لافتًا إلى أنهم طالبوا سابقًا بإلغاء إدارات الاتصال السياسى، إلا أن الوزارة تتجه إلى منحها سلطات أكبر بتلك القرارات.
وأكد الأمين العام لنقابة المعلمين المستقلة، أن إعلان الوزارة لمخططها فى تطبيق الضبطية القضائية سببه فقدان الوزير السابق لرؤية واستراتيجيات لعلاج المنظومة.
وأكد أحمد الأشقر، منسق الجبهة الحرة لنقابة المهن التعليمية، إن الضبطية القضائية بدأ الحديث عنها منذ تولى الوزير الأسبق الدكتور حسين بهاء الدين زمام أمور وزارة التعليم، مؤكدًا أن تطبيقها أمر مستحيل لأنه يتم من خلال الاتفاق بين ولى الأمر والمعلم، ولن تتمكن الوزارة من منع البلاغات الكيدية ضد المدرسين.
وقال الأشقر، إن إهمال الوزارة للمدارس الحكومية وعدم توفير الكوادر التربوية والأمنية لها، جميعها أسباب أدت إلى انصراف الطلاب عنها، بجانب فقدان الوزارة خطة لتطوير المنظومة، لأنها لا تفكر بشكل جدى فى العملية التعليمية، إلا أنها تبحث عن جلب المكاسب المالية إلى الوزارة نفسها، بدلاً من المراكز من خلال جلب الأسماء الشهيرة من المعلمين التى سبق أن استنكرت أساليب تدريسهم للمناهج فى مراكزهم الخاصة.
وأضاف خلف الزناتى، رئيس لجنة تسيير الأعمال بنقابة المهن التعليمية، أن المعلمين يؤدون دورهم بالقدر المستطاع داخل الفصول، لكن عدة أمور تحد من قدراتهم كتكدس الفصول، الذى يعد حائلا دون إيصال المعلومات للطلاب، مؤكدًا أن المراكز انتشرت بشكل كبير فى الفترة القليلة الماضية، وأنه من حق الطلاب التعلم بالمدارس، إلا أن فقدان الأنشطة بها والألعاب المختلفة يصرفهم من الالتزام بالحضور بها.
وطالب الزناتى، وزير التعليم الجديد، بوضع قواعد منظمة لتنفيذ القرار للحد من الدروس الخصوصية لما تمثله من عبء على كاهل الأسر البسيطة وميزانياتها.
5وزارات تدعم مافيا الدروس الخصوصية ..«الكهرباء والمالية والتنمية المحلية والاتصالات والإسكان» تمنح الشرعية القانونية لمراكز الدروس الخصوصية.. وخبراء التعليم يقترحون سيناريوهات لمكافحة الظاهرة
الإثنين، 28 سبتمبر 2015 10:18 ص
دروس خصوصية - صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مرمر
والاوقاف والشباب والرياضة تمنح تصاريح .
عدد الردود 0
بواسطة:
ايمان شهدى
تغيير منظومة التعليم ..
عدد الردود 0
بواسطة:
سوسن محمد حافظ
تحقيق رائع