هذا ويتوقع خبراء الأرصاد الجوية أن يسود غدا طقس شديد الحرارة على كل الأنحاء حار رطب على السواحل الشمالية الغربية نهارا مائل للحرارة فى أول الليل معتدل فى آخره، هذا وتقل الرؤية فى الشبورة المائية صباحا على الوجه البحرى والقاهرة، وفيما يلى بيان بدرجات الحرارة المتوقعة غدا على محافظات ومدن مصر.
كانت تلك هى آخ
ر كلمات طرقت اُذن صابر، قبل أن يخلُد إلى النوم استعدادا إلى يوم عمل شاق وحار وممل !
يستيقظ صابر باحثا عن هادم الملذات، ذلك المنبه اللعين الذى يزعجه يوميا بصوته العالى، "صوتك العالى دليل على ضعف موقفك"، من قال تلك الحكمة لم يمتلك منبه فى حياته، انا الآن فى موقف ضعف والمنبه بصوته العالى قوى !
يستفيق صابر محاولا الإسراع فى تجهيز نفسه استعدادا للذهاب إلى العمل، يلهث باحثا عن مفاتيحه، يغلق الباب متمنيا أن يجد المصعد منتظرا لقدومه، انه صالح حارس العقار، والتى تقول الأسطورة أن فيلم "البيه البواب" ما هو الا نبذة مختصرة عن قصة كفاحه الشريفة العفيفة.
ما الذى آراه؟
انه يقف فى إنتظارى مبتسماً حاملا بيده وردة، ممسكا باب المصعد باليد الأخرى، يا لها من بداية مُشرقة ليوم مُشرق !
يخرج صابر من منزله كى يجد السماء وهى تُرحب به بأمطارها الغزيرة، يقف صابر غير مستوعب لما يحدث، المارة يرتدون الملابس الثقيلة، يحملون المظلات، يتجه صابر نحو احد المارة يسأله، كيف حدث هذا؟، ليجيبه قائلا "إن مصر دولة لها خصوصية"، إجابة تلفزيونية عجيبة من مواطن عجيب فى موقف أعجب !
يتجه صابر مسرعا نحو سيارته، الوقت قد داهمه، فهو يحتاج إلى ساعة ونصف على الأقل كى يصل إلى مكان عمله، مظروف به مبلغ من المال موضوعا على سيارته مصحوبا بخطاب إعتذار أفسدته الأمطار بعض الشىء، إنه صاحب سيارة اصطدم بسيارته وأراد تعويضه.
يضحك صابر من هول دهشته، منطلقا نحو مكان عمله، الشوارع خالية من المارة، قطرات المطر تتساقط من على أوراق الشجر، وأفراد الشرطة ينظمون حركة المرور بمهارة غير معتادة، وها هو بطلنا يصل إلى عمله فى نصف ساعة فقط، وقد بدأ الخوف والقلق يتسرب إلى قلبه.
يتلقى صابر التحية من فرد الأمن لحظة دخوله، لكى يجد مديره فى انتظاره، هذا الشخص العصبى متقلب المزاج كاره الخير والعاشق الأول للخصومات والجزاءات، أنه يستقبله بابتسامة عريضة لم يرها أحد منذ ابتسامته فى صورة زفافه منذ ما يقرب الثلاثون عاما، يُرحب به مستفسرا منه عن صحته متمنيا له السلامة، مُعاتبا اياه على القدوم مبكرا فى مثل تلك الأحوال الجوية المتقلبة.
ها هو حاتم زميل صابر فى العمل ومنافسه اللدود، يذهب مسرعا اليه ملقيا التحية، مُخبرا اياه بما حاول أن يفعله كى يوقع بينه وبين المدير، حاتم وقد استيقظ ضميره النائم من عشرين عاما يعتذر إلى صابر مطالبا اياه بالعفو عن ما سلف !
عمل صابر فى خدمة العملاء جعله دائما على استعداد للتعامل مع المشاكل وحلها، " العميل دائما مخطئ والشركة على حق"، وأنه لا توجد أى مشاكل "وكله تمام وزى الفل" "واقفل الراوتر وافتحه تانى".
يستقبل صابر اول عميل وهو يجهز كافة اسلحته السابقة، يبدأ العميل كلامه عن مهارة واحترافية العاملين بالشركة وكيف اصبحوا جميعهم فى خدمته بمجرد حدوث مشكلة عنده، لقد أتى العميل اليوم فقط كى يشكر صابر وكل العاملين على مجهوداتهم العظيمة، ها هو عميل اخر قد جاء للإحتجاج على المقابل المادى الذى يدفعه، أنه غير كافٍ "أنتم تستحقون اكثر من ذلك "، واخرج من جيبه تبرعا للشركة وللعاملين بمركز خدمة العملاء تقديرا لمجهوداتهم.
لم يتمالك صابر أعصابه وأخذ يصرخ فى من حوله، دقائق قليلة وتم نقل صابر إلى المستشفى وهو فى حالة إغماء.
لم يكن حلم، او هلوسة ناتجة عن "ضربة شمس"، لقد كانت مُذكرات كتبها صابر بخط يده، مُستجيبا لأوامر طبيبه المسؤول عن علاجه من "الشيزوفرنيا" او "الفصام العقلى"، تلك الحياة الرتيبة ذات النمط الواحد والإيقاع الثابت كانت كفيلة بأن تُذهب بعقل صابر بعيدا عن الواقع، ولم يكن "الفُصام" إلا محاولة للهروب، أهرب من حياتك الرتيبة قبل أن يهرب عقلك منك.
يوســـــــــــــف التـــــلاوى يكتب: الأرصاد الجوية
الإثنين، 28 سبتمبر 2015 04:03 م
الأرصاد الجوية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة