السيسى: تقلبات الأسواق العالمية مبررا للأساس المنطقى لاستكمال أجندة الإصلاح فى مصر
السيسى: مستمرون فى بناء مصدات أقوى ضد المخاطر الخارجية المحتملة
السيسى: حفر قناة السويس الجديدة يؤكد قدرة الحكومة على تنفيذ المشروعات الكبيرة
السيسى: تسوية قرابة 300 من المنازعات القانونية مع المستثمرين الأجانب
السيسى: مستعدون لاتخاذ القرارات الصعبة والمضى قدما فى إصلاحات متأخرة طويلا ومثيرة للجدل كانت الحكومات السابقة تعرف أنها ضرورية ولكنها لم تنفذها
أكد الرئيس عبد الفتاح السيسى استمرار الإجراءات الإصلاحية للسياسات الاقتصادية وما شملته من خطوات نحو ترشيد الدعم وتعديلات التشريعات الضريبية لتكون أكثر عدالة وتحفيزا للاستثمار.
وطرح الرئيس السيسى فى مقال كتبه لجريدة الديلى نيوز-إيجيبت فى عددها الصادر اليوم بمناسبة انعقاد المؤتمر السنوى لمؤسسة اليورومنى بالقاهرة حول بدائل تمويل المستقبل الاقتصادى لمصر، عددا من التحديات التى واجهته فى الفترة التى بدأت مع توليه رئاسة الجمهورية وكيف تم التعامل معها، كما استعرض الرئيس رؤيته لمستقبل الاقتصاد المصرى ومستهدفات الحكومة وخططها لتحقيق النمو على صعيد الناتج المحلى الإجمالى وخفض عجز الموازنة وتخفيض مستويات الدين العام.
وشرح الرئيس الآثار التى ترتبت على قرارات اتخذتها الحكومة خلال الفترة الماضية مثل تعديلات ضريبة الدخل وهيكلة دعم الطاقة التى أدت إلى زيادة مخصصات الإنفاق على التعليم والصحة فى موازنة العام المالى الجارى، منوها إلى أنه بينما لا يزال الوقت مبكرا إلا أن المردود الأولى لسياسات الاقتصاد الحكومية واعد، حيث بلغت تقديرات النمو 2ر4٪ فى موازنة 2014/2015 بعد عدة سنوات من نمو سنوى يدور حول 2٪ فقط.
وقال إن الحكومة تستهدف الوصول بمعدلات الدين العام إلى مستويات بين 80 و85% فى العام المالى 2018 – 2019 ونسعى للوصول بالنمو إلى 5٪ خلال العام المالى الحالى بفضل ارتفاع تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر.
وأوضح أن ما تخطط له الحكومة يستلزم على الأقل عملية إعادة هندسة ضخمة للنشاط الاقتصادى فى مصر بالكامل، وتجرى إعادة هيكلة الاقتصاد بما فيه من موارده طبيعية وبشرية غير مستغلة لفترة طويلة جدا فضلا عن تحديثه وتعديله بحيث يمكن أن يستفيد من إمكاناته بالكامل.
وأشار الرئيس السيسى إلى إمكانية الاستفادة من دروس فترة الازدهار الاقتصادى الأخيرة التى شهدتها مصر خلال منتصف العقد الأول من القرن الحالى للتأكد من أن هذه المرة سوف يستفيد كل المصريين من النمو وليس مجرد عدد قليل، لنضمن توزيع ثمار النمو بصورة عادلة وأن يتحمل الإصلاح بصورة أكبر أولئك القادرون على تحمل آثاره بينما الفئات الأكثر ضعفا تبقى محمية.
وإلى نص المقال:
فى العام الماضى، قررت مصر استعادة التحكم فى مصيرها، وشرعت بعزم لا يلين فى عملية تجديد سياسى واجتماعى واقتصادى فكانت خطوتها الأولى استعادة الحياة السياسية فى البلاد من خلال إجراء الاستفتاء على الدستور الجديد وانتخابات رئاسية، حيث كان الانتهاء بنجاح من الأمرين علامتين سياسيتين هامتين لهما دور فعال فى استعادة الثقة فى الدولة المصرية ومؤسساتها.
والإنجاز السياسى المقبل هو الانتخابات البرلمانية التى ستجرى فى أكتوبر ونوفمبر المقبلين خلال العام الجارى، حيث أتطلع إلى المساهمات التى سيقدمها البرلمان لإعادة بناء مصر، ليس فقط فيما يتعلق بصياغة قوانين جديدة مع أهميتها فى تعزيز مشترك لمسار البلاد نحو التنمية والازدهار بشكل أكبر ولكن بصفة خاصة لدوره فى مراقبة أداء الحكومة وتمثيله لمصالح الشعب.
وعلى الصعيد الاقتصادى، من المهم الإشارة إلى أن مصر واجهت أزمة داخلية حادة خلال فترة التحول السياسى تسببت فى تكاليف اقتصادية ومالية كبيرة منها تضخم العجز فى ميزانية الحكومة أكثر من 10% وتقلص احتياطيات النقد الأجنبى كما ارتفع التضخم.
وناضل العديد من الشركات للاستمرار واضطر بعضها لإغلاق أبوابها، وتراجع كثير من المواطنين لما تحت خط الفقر وزادت أعداد العاطلين عن العمل، فهذه هى مجموعة الظروف الاقتصادية التى واجهتنى كرئيس منتخب حديثا فى عام 2014 .
وكان من المهم للغاية وضع الاقتصاد على المسار الصحيح وتخفيف معاناة الشعب المصرى وإعطاء المصريين الأمل فى المستقبل، حيث كلفت الحكومة التى عينتها بعد فترة وجيزة من تولى منصب الرئيس بتجهيز خطة عمل ذات مصداقية وفعالية.
كان يجب أن تلهم الخطة الثقة فى آفاق الاقتصاد من خلال معالجة الاختلالات بالتصدى لمشكلات مصر المتعلقة بالاقتصاد الكلى وضعف البنية التحتية على نطاق واسع، بما فى ذلك النقص فى قطاع الطاقة والنقل بجانب إرساء أساس جديد للنمو المستدام من خلال تحفيز الإنتاجية والاستثمار وخلق فرص العمل.
وعلاوة على ذلك يجب وضع الاقتصاد على الطريق الصحيح لتحقيق المطالب المشروعة للشعب المصرى فى حياة بها قدر أكبر من الاستقرار والأمن والكرامة، وكذلك تحقيق تحسن ملموس فى نوعية ونطاق القدرة على الحصول على الخدمات التى يستحقونها.
قابلت الحكومة هذا التحدى الهائل عن طريق وضع وتنفيذ مجموعة شاملة وبعيدة المدى من السياسات والبرامج والمشاريع وتستحق قائمة الإنجازات الرئيسة خلال العام والنصف الماضى الإشارة اليها فيما يلى:
(1) تم الانتهاء من مشروع قناة السويس الجديد فى الوقت المحدد فى فترة قياسية "سنة واحدة"، مما يدل على قدرة الحكومة على تنفيذ المشاريع الكبيرة والمعقدة كما وعدت، ولن تعزز القناة الجديدة فقط القدرة التنافسية لمصر على المدى الطويل فى التجارة الدولية وتوليد إيرادات إضافية للدولة، وإنما ستكون جزء من مساعى أوسع لتطوير منطقة اقتصادية جديدة تعمل جنبا إلى جنب مع ممر القناة تشمل المجمعات الصناعية، والمناطق اللوجستية والمنتجعات السياحية وغيرها من المشاريع التى تقدم فرصا جديدة للقطاع الخاص و للباحثين عن وظيفة.
(2) لقد شيدت الحكومة طرقا جديدة فى العام الماضى لتوسيع شبكة الطرق الوطنية لتسهيل النقل والتجارة الداخلية ونعمل أيضا على استصلاح مليون ونصف مليون فدان لزيادة الإنتاج الزراعى وتعزيز الأمن الغذائى بالاضافة إلى مشاريع البنية التحتية الأخرى وإصلاحات تعالج احتياجات مصر التى لم يتم تلبيتها طويلا من إمدادات المياه والصرف الصحى والنقل والسكك الحديدية والموانئ والمستشفيات والمدارس.
(3) كما بدأنا وبقوة ضبط الأوضاع المالية العامة فى السنة المالية 2014/2015 فعلى جانب الإيرادات أدخلت الحكومة تعديلات على قانون الضرائب لجعل النظام الضريبى أكثر إنصافا وأوسع تغطية، وتحسين معدلات صعودها. ويشمل هذا الإجراء الأخير توحيد الحد الأقصى للضريبة على الدخل عند مستوى 22.5٪، والذى سوف ينطبق أيضا على المناطق الاقتصادية الخاصة التى كانت تخضع سابقا إلى معدل ضريبى 10٪.
وباتخاذ هذه الخطوة تسد الحكومة ثغرة العبء الضريبى وبالتالى تحقيق العدالة فى السياسة الضريبية مع زيادة فرص توليد الدخل، وبالإضافة إلى ذلك بدأت الحكومة تطبيق الضريبة العقارية التى صدرت فى عام 2008 والتى لم يتم تطبيقها من قبل، كما أصدرت قانون بضريبة 10٪ على أرباح الأسهم المتداولة فى البورصة.
فى الوقت نفسه تم تبسيط إدارة الجمارك وتحديثها، مما أدى إلى قفزة قوية فى الإيرادات الجمركية بينما تم الحد من التكاليف. وهناك قانون التعدين الجديد الذى يحل محل قانون عام 1953 والذى يفسح الطريق للاستفادة من الإمكانات غير المستغلة فى قطاع التعدين وكذلك تقدم مصدرا جديدا للإيرادات.
وفيما يتعلق بالنفقات، تحركت الحكومة قدما فى إصلاحات دعم الطاقة بجرأة كما بدأت إجراءات للسيطرة على فاتورة أجور القطاع العام، وإجمالا، فإن جهد ضبط أوضاع المالية العامة الأساسية فى العام المالى 2014/2015 – مع استبعاد المنح من حكومات أجنبية (حيث وردت لمصر منحا كبيرة فى السنة المالية 2013/14 ولكن ليس فى السنة المالية 2014/15) – نجح فى الحد من النفقات بنحو 4٪ من الناتج المحلى الإجمالى وبكل المقاييس فإن تصحيح أوضاع المالية العامة فى سنة واحدة يعد عملاً استثنائيا، وخاصة بالنسبة لبلد تخرج من صعوبات كتلك التى تشهدها.
(4) تمثل خطوة خفض دعم الطاقة فى يوليو 2014 (وهو التعديل الذى بلغ وحده 2٪ من الناتج المحلى الإجمالي) بداية مبشرة لخطة متوسطة الأجل للتخلص من هذا الدعم تماما تقريبا، باستثناء الدعم فى منتجات الوقود والكهرباء التى يستهلكها الفقراء.
وتتعدد أبعاد أهمية إصلاح منظومة الدعم حيث تحول الحوافز بعيدا عن النشاط الاقتصادى ذو الكثافة الرأسمالية نحو الأنشطة كثيفة العمالة التى تحتاجها مصر، وهو يدل أيضا على تحسن نوعى أساسى فى طبيعة الإنفاق الحكومي، وترشيده من أجل خلق مجال للإنفاق على استثمار رأس المال والخدمات العامة واستهداف التحويلات النقدية.
وقد انعكس هذا التحول على مخصصات الميزانية فى السنة المالية 2014/2015 فى مجالات الصحة والتعليم والتى فاقت دعم الطاقة للمرة الأولى منذ سنوات عديدة. وكانت هذه السياسة اختيار جيد من الحكومة قبل الانخفاض الحاد فى أسعار البترول العالمية بعد أكتوبر 2014 وهو ما ساهم فى مزيد من التقليص من وزن دعم الطاقة فى الموازنة.
(5) أطلقت الحكومة برامج “تكافل” و “كرامة” والتى تقوم بتوزيع أموال نقدية مباشرة إلى المستفيدين المعنيين فى أفقر مناطق مصر بتغطية تصل إلى 500 الف أسرة خلال العام المالى الحالى ومن المخطط لها التوسع على مدى ثلاث سنوات قادمة لتصل عدد الاسر المستفيدة إلى 1.5 مليون أسرة.
(6) مكنا الإصلاح المالى من تخصيص مساحة إضافية فى موازنة العام الحالى لزيادة الإنفاق الرأسمالى إلى 75 مليار جنيه، بزيادة تصل إلى 25٪ بالمقارنة بالعام المالى السابق، فى حين أن المبلغ المرصود فى الميزانية لا يزال أقل بكثير من احتياجات مصر. وتمضى الحكومة قدما فى الجهود الرامية إلى تشجيع القطاع الخاص على القيام بدور أكبر فى تقديم الخدمات وتطوير البنية التحتية، بما فى ذلك عن طريق الشراكة بين القطاعين العام والخاص وغيرها من الوسائل.
(7) وقد تم إصلاح نظام دعم المواد الغذائية لتحسين نوعية ونطاق اختيار السلع المقدمة للجمهور مع الحد بشكل ملحوظ من تسرب الدعم فبدلا من نظام الحصص السابق الذى يقلص السلع الغذائية الأساسية للمستفيدين إلى خمسة فقط، يقدم النظام الجديد نقطة نظام تسمح للمستهلك بشراء ما يختاره من بين ما يقرب من 100 سلعة.
(8) كما تم تحرير قطاع الكهرباء لتشجيع استثمارات القطاع الخاص فى كل من الطاقة التقليدية والمتجددة و مع إقرار قانون تحرير الكهرباء فى يوليو 2015 سوف تنتقل الدولة إلى دور تنظيمى صارم بينما المسئولية عن توليد الطاقة وتوزيعها سيتحول إلى القطاع الخاص وبالإضافة إلى ذلك، شهد عام 2014 وضع الإطار القانونى لتعريفات تغذية الطاقة لتعزيز تنمية مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
(9) ويجرى مواجهة عجز الكهرباء بإضافة قدرات جديدة لتوليد الكهرباء يتم ربطها على الشبكة القومية هذا العام، وسيضمن توفير طاقة كافية لتلبية الطلب على الوحدات السكنية والصناعية على حد سواء حيث نتوقع أن تستمر تلبية الطلب المتزايد على الكهرباء بطريقة استباقية خلال السنوات المقبلة، بدعم من عزمنا على الوفاء بالالتزام بالقضاء على معظم الدعم على فاتورة الكهرباء والوقود كما ذكرناها سابقا.
(10) تم تعديل عدد من القوانين أو أدخلت تعديلات على أخرى لتعزيز بيئة الأعمال المحلية وتعزيز سيادة القانون، وتشمل أبرز الإصلاحات التشريعية والتعديلات التى أدخلت على قانون الاستثمار تعزيز الاستقلال وسياسة الشباك الواحد وبالتالى تبسيط العمليات المختلفة للمستثمرين. ويتضمن قانون الاستثمار الجديد أيضا آلية تسوية المنازعات استنادا إلى أفضل الممارسات الدولية. ومن بين التشريعات المهمة الأخرى التى تم مؤخرا إقرارها لتحسين الظروف لممارسة الأعمال فى مصر هى قانون التمويل متناهى الصغر والتعديلات التى أدخلت على قانون المنافسة.
(11) تم تسوية قرابة 300 من المنازعات القانونية مع المستثمرين الأجانب ويجرى العمل على القضايا المتبقية حاليا.
ويعتبر الهدف الرئيس لجميع السياسات والبرامج والمشاريع ذو شقين: ضمان الاستدامة على المدى الطويل عن طريق تصحيح اختلالات التمويل متناهى الصغر فى البلاد وخلق منصة حيوية وتنافسية جديدة يقودها القطاع الخاص لتحقيق النمو.
ويستلزم ما تخطط الحكومة له على الأقل عملية إعادة هندسة ضخمة للجهاز الاقتصادى فى مصر بالكامل، وتجرى إعادة هيكلة الاقتصاد بما فيه من موارده طبيعية وبشرية غير مستغلة لفترة طويلة جدا فضلا عن تحديثه وتعديله بحيث يمكن أن يستفيد من إمكاناته بالكامل.
فى نفس الوقت، يمكن الاستفادة من دروس فترة الازدهار الاقتصادى الأخيرة التى شهدتها مصر خلال منتصف العقد الأول من القرن الحالى للتأكد من أن هذه المرة سوف يستفيد كل المصريين من النمو وليس مجرد عدد قليل، وهذا يعنى أننا سوف نضمن توزيع ثمار النمو بصورة عادلة وأن عبء الإصلاح يقع أكثر على أولئك الذين لديهم القدرة على تحمل لآثاره فى حين أن الفئات الأكثر ضعفا تبقى محمية.
وبينما لا يزال الوقت مبكرا إلا أن المردود الأولى لسياسات الاقتصاد الحكومية واعد حيث بلغت تقديرات النمو 2ر4٪ فى موازنة 2014/2015 بعد عدة سنوات من نمو سنوى يدور حول 2٪ فقط.
ونسعى للوصول بالنمو إلى 5٪ خلال العام المالى الحالى بفضل ارتفاع تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر، واستمرار انتعاش السياحة، وتنفيذ مشروعات متنوعة فى مجالات الطاقة الجديدة والبنية التحتية والاستصلاح الزراعى بجانب البدء فى المرحلة الثانية من مشروع تطوير قناة السويس.
ويهدف سرد إنجازات العام الماضى وعدة أشهر إلى التأكيد على أننا قمنا بتنفيذ كثير مما نحن ملتزمون به رغم كافة الصعوبات فى وقت تعرضت فيه الحكومة لضغط كبير لاعتماد نهج يحقق لها الشعبية بجانب العديد من المخاوف من أن ضبط أوضاع المالية العامة سيؤدى لوأد الانتعاش الاقتصادى فى مهده قبل أن يحصل على فرصة ليزدهر.
وعلى الرغم من هذه الضغوط كنا على استعداد لاتخاذ القرارات الصعبة والمضى قدما فى إصلاحات متأخرة طويلا ومثيرة للجدل كانت الحكومات السابقة تعرف أنها ضرورية ولكنها لم تنفذها.
فى نفس الوقت لا أقلل من التحديات السياسية والهيكلية التى كنا نصارعها وكذلك التى ما زالت تنتظرنا فعملية التحول ليست سهلة أبدا، وخلق نموذج جديد للنمو الاقتصادى حتما يولد مقاومة من بعض الجماعات. لقد واجهنا التأخير فى تنفيذ بعض الإجراءات الجديدة، بينما فى حالات محددة تم وضع إصلاحات أخرى على قائمة الانتظار مؤقتا.
ومع ذلك، فإن هذه التحولات لن تثنينا عن عزمنا على مواصلة الإصلاحات، لقد كنا طموحين فى تحديد مرحلة أولية من الانتعاش الاقتصادي، وهو ما تحقق بقوة دفع جيدة حتى الآن، ولكننا نعلم أن من الضرورى تعميق جهود الإصلاح فإذا لم نفعل ذلك، فنحن نخاطر بفقدان المصداقية والثقة التى حصلنا عليها حتى الآن – ولن نغش المصريين حول المستقبل الأكثر إشراقا الذى يستحقونه.
وسيستمر جوهر جهود الإصلاح لدينا ليظل ضبط أوضاع المالية العامة تدريجيا من أجل استعادة الاستقرار الاقتصادى الكلى والضغط باتجاه قطاع خاص أقوى وأكبر.
ويعد الهدف الرئيس هو النزول بالدين المحلى لدينا لنحو 80-85٪ من الناتج المحلى الإجمالى بحلول السنة المالية 2018/2019، كما أعلنت الحكومة فى وقت سابق. وفى الوقت نفسه، سوف نستمر فى تحقيق التوازن بين هدف ضبط أوضاع المالية العامة مقابل التزامنا الثابت بتعزيز العدالة الاجتماعية، مع جزء من المدخرات المتوفرة من مختلف تدابير التقشف و توجيهها لتمويل برامج التنمية، فضلا عن الخدمات للفقراء.
فعلى سبيل المثال، يتم توجيه 50٪ من حصيلة الضريبة العقارية لتحسين الأوضاع فى الأحياء الفقيرة فى المناطق الحضرية والريفية وهذا التوازن يعنى أن ضبط أوضاع المالية العامة سيكون أقل عدوانية بكثير من تحقيقه بطريقة آخرى، ولكن وتيرة الانجاز ستكون مناسبة فى ضوء الأولوية فى مصر لبناء مجتمع أكثر عدلا وهو هدف نبيل فى حد ذاته كما انه يصون استدامة السياسية الإصلاحات.
وتتصدر التعديلات المقترحة على الضريبة العامة على المبيعات ونحن ننظر إلى الأفق القريب جدول الأعمال الإصلاحات الرئيسة حيث كانت تهدف لتصبح أهم عامل فى جهد زيادة إيرادات العام المالى الماضي، ولكن تم تأخيرها للسنة المالية الحالية.
وسيسهم الإصلاح المخطط له فى نقل مصر نحو تطبيق ضريبة القيمة المضافة (VAT) هو النظام الذى لن يقتصر فائدته فقط على زيادة الإيرادات للمساهمة فى ضبط أوضاع المالية العامة على المدى المتوسط ولكن أيضا تعزيز حوافز الاستثمار.
ومن خلال إخضاع الخدمات التى لا يتم دفع ضرائب عليها وتوحيد نسبة الضرائب على السلع والخدمات، فإن النظام الجديد سيؤدى إلى توسيع القاعدة الضريبية وتعزيز العدالة الضريبية. وستساعد آلية الاسترداد السريع وهى جزءا لا يتجزأ من تصميم القانون الجديد أيضا على تحسين التدفق النقدى للشركات.
وتتوقع الحكومة أن هذه المزايا الضريبية ستشجع العاملين بالاقتصاد غير الرسمى على الانضمام إلى القطاع الرسمى كما انها ستساعد المشاريع الصغيرة لتصبح أكبر حجما وأكثر قدرة على المنافسة ضمن جهود تعزيز النمو وخلق المزيد من فرص العمل. وتعد الحكومة أيضا نظام ضريبى مبسط للشركات الصغيرة والمتوسطة يجمع بين المبيعات وضرائب الدخل، للحد من متاعب البيروقراطية بالنسبة لهم.
وتمثل التقلبات التى شهدناها مؤخرا فى الأسواق العالمية كذلك مبررا للأساس المنطقى لاستكمال أجندة الإصلاح فى مصر، ففى حين أنه تم هيكلة إطار سياستنا الاقتصادية بالفعل لإدارة التحديات الداخلية فإنه يجب أن نستمر فى بناء مصدات أقوى ضد المخاطر الخارجية المحتملة. فى نفس الوقت، بينما قد يترتب على الوضع العالمى حاليا بعض الآثار غير المباشرة السلبية على مصر، فإن انخفاض أسعار السلع الأساسية يمكن أيضا أن يخلق فرصا جديدة المستثمرين أصحاب المبادرة.
ولتعزيز المرونة الاقتصادية فى مصر على المدى الطويل، نحن بحاجة أيضا إلى التركيز على تعزيز وتعميق التصنيع لدينا وقاعدة الانتاج، وزيادة القيمة المحلية المضافة، وتحسين كفاءة القوى العاملة المصرية.
و فى التحليل النهاية، ستظل الأسس الاقتصادية الجيدة والبيئة المواتية للقطاع الخاص والاستثمار الأجنبى وتطوير نموذج نمو يعتمد على السوق المحلية الكبيرة فى مصر أفضل وصفة لسياسة الحفاظ على النمو وحماية الرفاهية الاجتماعية للشعب المصرى .
عبد الفتاح السيسي
رئيس جمهورية مصر العربية
موضوعات متعلقة..
- السيسى فى مقال لـ"ديلى نيوز إيجيبت": مستمرون فى إصلاح السياسات الاقتصادية