إسماعيل عبد الهادى إسماعيل يكتب: الأدب فى المخاطبة ولغة الحوار

الثلاثاء، 08 سبتمبر 2015 10:01 ص
إسماعيل عبد الهادى إسماعيل يكتب: الأدب فى المخاطبة ولغة الحوار شخصان يتحاوران

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بين الحين والآخر تفاجئنا مواقع التواصل الاجتماعى وأخصها الفيس بوك بفيديوهات مصورة لبعض من الشباب يهاجم من خلاله مسئول بالدولة بأسلوب فظ مستفز، ومن الملفت أن تجد من يعلق على هذا التدنى الخلقى ويؤيده من الكبار فى السن ولديهم أبناء فهل يقبل ذلك الذى يعلق متباهياً بهذا الفعل المشين أن يحدثه ابنه أو ابنته بمثل هذا الأسلوب المتدنى بزعم النقد المباح لإصلاح الفساد.

حينما بعدت الشقة بيننا وبين قيم الدين الإسلامى الصحيح سقطنا فى التردى الخلقى وساعد على ذلك ما يبثه لنا الغرب من سموم تحت مسميات لا يطبقونها فى دولهم بل هم أضحوا أقرب لأخلاقيات الإسلام الصحيح منا وهذا ما نبئنا به الرسول صلوات الله وسلامه عليه حينما قال: "لتَتبّعُن سُنَنَ مَن كَانَ قَبلكُم شِبراً بِشِبر،فَذِراعاً بِذراع، وَبَاعاً بباع، حَتّى لَو دَخَلُوا جُحرَ ضَبّ لَدَخلتُمُوهُ قالوا: مَن يَا رَسُولَ اللهِ اليهُودُ وَالنّصَارَى ؟ قال: "فمَن إِلا هُم".

ولدينا كتاب عظيم وهو القرآن الكريم به من العظات فى الآداب ومكارم الأخلاق الكثير والكثير حتى فى مخاطبة الكفار والمشركين ولكننا لا نقرأه وإذا قرأناه لا نتدبر آياته وحكمه البالغة ويحضرنى فى هذا المقام فيما يتعلق بأدب الحوار الجم بعض من آيات سورة "مريم" التى استهلها المولى عز وجل بقصة سيدنا زكريا والإعجاز فى الإنجاب رغم كبر سن الزوج وعقم الزوجة ثم يثنيها المولى عز وجل بقصة السيدة مريم العذراء ومعجزتها أيضا فى الإنجاب ولم يمسسها بشر ثم قصة سيدنا إبراهيم وفى كل ممن ذكر ينبهنا المولى عز وجل مخاطباً رسوله - عليه الصلاة والسلام - بعبارة " وأذكر فى الكتاب"ونتوقف هنا عند قصة سيدنا إبراهيم وحواره مع أبيه الكافر فيقول عز من قائل : "واذكُر فى الكِتَابِ إبراهيمَ إنهُ كانَ صِدِيقاً نّبِياً،إذ قَالَ لأبِيِه يَا أبتِ لِمَ تَعبُدُ مَا لَا يَسمَعُ وَلا يُبصِرُوَلاَ يُغنىِ عَنكَ شَيئاً، يَا أَبتِ إنى قد جاءَنىِ مِنَ العِلمِ مَا لَم يَأتِكَ فَاتّبِعنِى أَهدِكَ صِرَاطاً سَوِياً،يَا أبتِ لاَ تَعبُدِ الشّيطَانَ أن الشّيطَانَ كَانَ لِلرَحمَنِ عَصِياً،يَا أبتِ إنى أَخَافُ أن يَمَسَكَ عَذَابُ مِنَ الرَحمَنِ فَتَكونَ للشَيطانِ وَلياً".

هذا خطاب غاية فى الروعة والبلاغة موجهاً من نبى الله إبراهيم إلى أبيه الكافر يستعطفه بتكرار لفظ ى (أبتِ) للفت نظر الأب إلى العلاقة السامية التى تربطهما عسى أن يلين قلبه فيستجيب لنداء الإيمان لا لمصلحة يبتغيه إبراهيم عليه السلام لنفسه ولكن ليقى أبيه من أثام الشرك واتباع درب الشيطان مخافة من إنتقام المولى عز وجل ورغم أن ذلك الأب تطاول على سيدنا إبراهيم بقوله: "لَئِن لّم تَنتَهِ لَأَرجُمَنًك وَاهجُرنى مَليّاً" إلا أن سيدنا إبراهيم أجابه بأدب بقوله "سَلامُ عليك سَأستَغِفر لَكَ رَبّى إنّهُ كان بِى حَفِيا".

فأين شباب الأمة الإسلامية من هذا الأدب العظيم فى المخاطبة والحوار النابع من ديمقراطية الإسلام السمحة لا ديمقراطية الغرب الفاسدة التى تحض على التطاول والسباب بالميادين بزعم التظاهر الذى لا يعرفه الإسلام إطلاقاً أو من خلال المواقع الإلكترونية التى أباحت كل ما هو مفسد وكل ما هو سبب مباشر فى هدم قيم الدين الصحيحة بينما الغرب فى بلدانهم لا يجيزونها ويعاقبون عليها وسلطوا على أمتنا ما يسمى" منظمات حقوق الإنسان " لتقف حجر عثرة أمام أى إصلاح تقوم به الدول الإسلامية لتقويم السلوك المعوج فيطلقون صايحتهم البغيضة هذا يتنافى مع الحريات.

نافلة القول أنه يتعين على كل ولى أمر وكل مسئول وراع فى بيته وأسرته أن ينبه النشئ ويحذرهم من مغبة التردى وانتهاج سلوك من لا يدينون بديننا وعلى كل من يقرأ أو يسمع مقطع من الفيديوهات التى تنشر على مواقع التواصل فيه إهدار للقيم ألا يعيد نشرها كى لا يعم الفساد وتنتشر البلوى ويعتقد المفسد أن ذلك هو الصحيح فيتمادى فى غيه وليعلم الكافة أن العقاب على الفساد لا يصيبن الفاعل فقط بل يشمل الساكت والذى لا يحرك ساكناً وذلك من قول المولى عز وجل : "وَاتّقُوا فِتنَةً لَا تُصِيبَنّ الّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُم خَاصَةً وَاعلَمُوا أن اللهَ شَدِيدُ الِعقَابِ" الأنفال/25.

فلنحذر كل الحذر من التمادى فى مسايرة المفسد من باب الداعبة أو المؤازرة فكم من أمم عمتها البلوى وأصبحوا فى ديارهم جاثمين بسبب عدم الضرب على أيدى المفسدين قولاً وسلوكا.











مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة