"المحاكمة" لـ"ليلى العثمان".. سيرة الخوف والسجن بسبب الكتابة

الإثنين، 11 يناير 2016 09:00 ص
"المحاكمة" لـ"ليلى العثمان".. سيرة الخوف والسجن بسبب الكتابة غلاف الكتاب
كتبت ابتسام أبودهب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"أعطنى الحرية فى أن أعرف وأن أقول، وأن أناقش كما يملى علىّ ضميرى، قبل أن تعطينى أى حرية أخرى"، هكذا بدأت الكاتبة الكويتية ليلى العثمان روايتها المحاكمة بهذا الاقتباس للشاعر الإنجليزى ميلتون، وهو اقتباس تستعين به الكاتبة لإيصال هدفها الذى قصدت إليه وليصبح المعنى الخفى الحرية هو المعنى المقصود تماما.

عالمنا العربى يؤرقه الفكر دائما حتى أصبح الإبداع مرتبطا لدى الجميع بالتجاوز والمخالفة للمجتمع ورغم الحريات الظاهرة إلا أن هذه النقطة ظلت الأقل تأثرا، ففى الفترة الأخيرة أصبح مسرح المحاكمات الأدبية وقضايا الحرية الفكرية وأزمات الملفات التى انتشرت بشكل كبير لتُضيق المساحات على الكُتاب والأدباء العرب عرض دائم ومستمر، ولعل قضية أحمد ناجى وروايته "استخدام الحياة" آخر حلقات هذه السلسلة من المحاكمات، كما أن سجن إسلام بحيرى تحت مسمى ازدراء الأديان يعد حلقة جديدة لم تنته بعد، وعلى الرغم من ازدياد تلك القضايا إلا أن الأمر ليس جديداً، وليس قاصرا على مصر بل إن معظم بلدان العالم العربى حدث بها هذا الأمر وما زال يحدث، فنتذكر محاكمة الكاتبة الكويتية ليلى العثمان بعد اتهامها بتهمة كتابتها لأدب يتضمن عبارات خادشة للحياء العام، كما تم وصف بعض قصصها بـ"الأدب المكشوف"، وتم الحكم عليها حينها بالسجن شهرين مع وقف التنفيذ، وبدفع غرامة مالية مقدارها 50 ديناراً.

وقد وثقت ليلى العثمان، فى رواية متخذة شكل اليوميات بعنوان "المحاكمة"، أصدرتها وزارة الثقافة والسياحة فى صنعاء، الأزمة التى تعرضت لها بدايةً من استدعاء أمن الدولة لها واتهامها، مروراً بخضوعها للتحقيق، وانتهاءً بصدور الحكم عليها وتنفيذه، الأمر الذى عرّض روايتها للمنع فى الكويت مدة من الزمان.

ومن الطريف أن تُهدى الكاتبة روايتها إلى خصومها قائلة "إلى الأخوة الذين رفعوا الدعوى ضد كتاباتى، وأدانوا أدبى، إليهم مع الشكر الجزيل، فقد كانت حافزاً لولادة هذا العمل الأدبى".

الرواية تضمن أحداث 4 سنوات من عام 1996 وحتى عام 2000، تسرد فيهم الكاتبة ما رافقها من قلق وآلام وحيرة، فتروى صدمة المكالمة التى تلقتها من الأمن العام يدعوها للتحقيق معها حول كتابين لها تضمنا عبارات خادشة للحياء العام ومخالفة للقانون.

وفى تقرير نشرته جريدة الحياة من قبل تعليقا على الرواية، رأت أن "العثمان" فى المحاكمة تأخذ شكلاً روائياً مبتكرا يفيد من تقنيات الرواية فى أحدث أشكالها، ولم يكن موضوع المحاكمة الذى تعرضت لها الكاتبة سوى إطار خارجى يتسرب عبر المكان والزمان ليوقظنا من خدر المنامات ومتعة السرد وتداعياته اللذيذة، وفيما عدا ذلك فنحن إزاء عمل فنى توافرت له كل أدوات الفن الروائى وأساليبه السردية، إنها رواية السيرة الذاتية فى أنصع مستوياتها وأحدث تقنياتها، فيها شىء من الماضى، وأشياء من الحاضر، شىء من سيرة بطلة الرواية وكاتبتها، وأشياء من سيرة الواقع، وعن هذا التركيب الجامع بين الإنسانى والمؤنسن، بين الواقعى والمتخيل خرجت المحاكمة فى صورتها الأكمل والأجمل لتكون "رواية" لا "حكاية عن قضية".

وقالت العثمان عن تجربتها، لماذا إصرار بعض الدعاة على أن يتحولوا سلطة تفرض أحكامها وتتولى قصاص الناس بوسائل شتى؟ لماذا يمارسون حريتهم لإخضاع الآخرين، مخالفين بذلك شريعة الله الذى كفل الحرية للجميع؟ كثيراً ما تعرضت لهجومات المتزمتين، هجومات ليس من سياستها اللين والنصح بالتى هى أحسن.. رفضت تدخلهم بخصوصياتى. فلاحقونى بوسائل الويل والثبور.. سلطوا على أقلامهم فى الصحف والمجلات، وتعرض لى أحد الأئمة فى خطبة يوم الجمعة من أعلى المنبر.. اتصلوا ببعض أقاربى يوهمونهم بأننى كافرة وكتاباتى ماجنة تضر بسمعة الأشرة الكبيرة، فما وجدوا إلا تصعير الخدود لهم.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة