فى مصر مدن عديدة اندثرت وأعيد اكتشافها مرة أخرى، ولأن مكتشفى هذه المدن علماء الآثار ليسوا نجوماً فى سماء الإعلام، فلم ينالوا حظهم من الشهرة، ولأن تنيس مدينة طواها النسيان وأهملها المصريون فلم تنل حظها من الشهرة، صدر مؤخراً كتاب للأثرى طارق إبراهيم الحسينى تحت عنوان "الخبر النفيس فى تاريخ وآثار جزيرة تنيس" عن وزارة الآثار، يكسف التاريخ العريق للمدينة التى كانت حتى العصر المملوكى أشهر مركز دولى لصناعة النسيج طفق اسمها الآفاق وصار علامة على جودة صناعته، حتى أمر الخلفاء والملوك والسلاطين منذ عصر عمر بن الخطاب إلى العصر المملوكى بصناعة كسوة الكعبة بها، وكانت منسوجات كبار رجال الدولة والتجار تصنع بها، وتحولت جزيرة تنيس بفعل عوادى الزمن إلى جزيرة منسية فى بحيرة المنزلة تتبع محافظ بورسعيد، إلى أن قام مجموع من الأثريين المصريين العظماء بإعادة اكتشافها فحفروا السنوات وكانت اكتشافاتهم مذهلة نالت التجاهل وعدم التقدير من مؤسسة الآثار المصرية، ولم يكرموا ولم يأخذوا حقهم، لكنى هنا أذكر منهم عباس الشناوى وطارق حسينى، الذين تجاهلهم الإعلام المصرى، ولو كانت هذه الاكتشافات فى بلد آخر لجيشت لها وسائل الإعلام الدولية.
بل وصل الأمر إلى أن محافظة بورسعيد تجاهلت ظهيرها الأثرى، فى حين أنه فى ظل مشروع تنمية محور قناة السويس من الممكن أن تكون بورسعيد ومعها تنيس والفرما ومتاحف ومعالم بورسعيد مزارات سياحية تضيف للعابرين للقناة محطة هامة، تمثل قيمة مضافة للاقتصاد الوطنى، إن الصهاريج والشوارع والمصابغ ومصانع النسيج وآلاف القطع الأثرية المكتشفة فى تنيس لا تجعل منها فقط أعظم مدينة تراثية مكتشفة فى مصر ن بل تكرنا بروما القديمة التى تجعلك تتجول ضمن شوارعها مستعيداً ماض تليد.
بلغ سكان تنيس فى عصرها الذهبى 50 ألف نسمة أقباط ومسلمين عاشوا فى تسامح شديد حتى كان فى المدينة 72 كنيسة و160 مسجدا بالإضافة إلى المسجد الجامع الكبير، ولكى نتخيلها فقد ضمت 160 طاحونة متعددة المدارات و36 حماما، ومصانع نسيج ومصابغ ومصانع زجاج وفخار، وضمت صهاريج لخزن مياه الشرب، والسؤال الآن هل تستعيد مصر تنيس ضمن الذاكرة الوطنية؟.
عدد الردود 0
بواسطة:
د. حورية البدري
تانيس حاضِرَة مصرية .. كانت