وأكد المسح السكانى الذى أجرته الوزارة لعام 2015 أن الإسكندرية جاءت كأقل معدل للخصوبة بـ2.2 طفل لكل أسرة، فيما وصلت ذات النسبة فى مدن الصعيد لما يقارب الضعف.
وعن أسباب تفاوت نسب الخصوبة بين محافظات مصر وقضية الزيادة السكانية
والختان والعديد من القضايا الأخرى، أجرينا الحوار التالى مع الأستاذ الدكتور مجدى خالد ممثل صندوق الإسكان فى مصر والتابع للأمم المتحدة.
-فى البداية ما المقصود بمعدلات الخصوبة؟
-معدل الخصوبة يعنى عدد الأطفال فى الأسرة الواحدة وكلما اقترب هذا المعدل لمعدل الوفيات كلما حققت الدول ما يعرف "بمعدل الإحلال الأمثل"، الذى يعد مؤشرا لاستقرار التعداد السكانى.
-فى رأيكم ما سبب التفاوت فى نسب الخصوبة بين محافظات مصر؟
-أثناء إعداد الصندوق لبرنامج تنظيم الأسرة بالتعاون مع وزارة الصحة، أظهرت الدراسات والمسح المبدئى عن نسب الخصوبة فى محافظات مصر تفاوتا بصورة كبيرة، حيث جاءت الإسكندرية بنسبة خصوبة لا تتجاوز 2.2 طفل لكل أسرة وهو رقم يقارب إلى حد كبير من نسب الإحلال العالمية المثالية للدول المتقدمة، فيما وصلت تلك النسبة فى مدن الصعيد لـ4.2 طفل وهو أمر يشبه المقارنة بين دولتين.
-ما السبب فى استمرار الزيادة السكانية فى الصعيد والريف على الرغم من قلة الرقعة الزراعية وعدم حاجة الأسر لعدد كبير من الأطفال للعمل وزيادة الدخل؟
- بالطبع هذا التساؤل طرح من قبل العاملين بالصندوق، فالأمر يبدو غير مبرر فى ظاهره، والنتائج التى توصلت لها الدراسة حتى الآن تشير إلى أن السبب يرجع لكون المرأة فى الإسكندرية تعتمد على استخدام وسائل منع الحمل طويلة المفعول كاللولب، فيما تعتمد نساء الصعيد على الوسائل قصيرة المفعول كأقراص منع الحمل، والتى ترتفع معها فرص إهمال وتناسى تناول الحبوب بشكل منتظم ما يؤدى لحدوث الحمل.
لذا نسعى للتوسع فى استخدام وسائل تنظيم الأسرة طويلة المفعول، ونسعى أيضا لنشر التوعية بأهميتها من خلال الوحدات الصحية المنتشرة بقرى مصر.
- بعد وصول تعداد السكان فى مصر لـ90 مليون نسمة ما الدور الذى لعبته المنظمة فى السنوات السابقة للسيطرة على التضخم السكانى وهل كان دورها مؤثرا؟
- برنامج تنظيم الأسرة فى مصر كان دائما على قائمة أجندة صانعى القرار ولسنوات حقق البرنامج بالفعل نجاحات ملموسة ومحل للدراسة، وذلك فى فترة الثمانينيات والتسعينيات.
فى تلك المرحلة اعتمد نجاح البرنامج فى المقام الأول على التمويل الخارجى، وبمجرد توقفه لأسباب متعلقة بالاقتصاد العالمى، ضعف فى المقابل تأثير حملة تنظيم النسل واقتصر دور الحكومة فقط على توفير وسائل منع الحمل مع توقف الحملات الإعلانية وقوافل التوعية بشكل شبه كامل، وذلك نظرا لضعف الإمكانيات المادية والميزانية المخصصة لهذا البند.
كما أن الفترة التى سبقت الثورة المصرية شابها نوعا من التراخى من قبل المؤسسات، وهو ما ساهم فى إهمال القضية وتفاقمها.
-هل كان للتيار الدينى تأثير على تنظيم النسل؟
-بالطبع وهذا الأمر تجلى بوضوح فى فترة التسعينيات، ومع زيادة تأثير التيار الدينى وظهور الأفكار الوهابية، التى تدعو للتناسل وتحرم فى الكثير من الأحيان عملية تنظيم النسل من أساسها.
فى حين أن بكل المقاييس فإن جميع الدول التى تمكنت من تحقيق طفرة اقتصادية كان لديها برنامج قوى لتنظيم النسل.
والنتيجة النهائية أنه على الرغم من أن هناك حوالى 60% من النساء فى مصر يستخدمن موانع الحمل، إلا أن نسبة الخصوبة قلت بحوالى 2% وهى نسبة ضيئلة للغاية، والمقلق أننا نزيد بحوالى مليون نسمة كل عام وبهذا المعدل قد نصل لـ120 مليون فى عام 2030.
الأمر الذى يمثل ضغطا مستمرا على موارد الدولة ونلمسه جميعا فى التدهور الاقتصادى وضعف الخدمات الصحية وانخفاض مستوى التعليم والمواصلات والموارد.
فطوال الوقت تسعى الدولة لتغطية متطلبات الزيادة السكانية، ولا سبيل للتنمية وستعمل مؤسسات الدولة فقط على الحفاظ على الوضح الحالى من خدمات التعليم والصحة.
-ما الدور المتوقع من المنظمة بعد الزيادة الأخيرة؟
العالم كله لا يوجد به حاليا جهة مانحة لحجم الأموال الذى كان متوافر من قبل، ولكننا اعددنا برنامج مدته خمسة أعوام، يهدف لمساعدة وزارة الصحة فى رفع معدلات استخدام موانع الحمل، ونأمل فى الخمس سنوات التالية للوصول بمعدل الاستخدام لـ70% وذلك يتم من خلال توفير وسائل منع الحمل، وخاصة أن معظمها يتم استيراده كما نسعى لوضع برنامج تدريب للممرضات فى الوحدات الصحية.
كما أننا معنيين بالتوسع فى خدمات الاسرة بعد الولادة وضرورة التوعية لعملية المباعدة بين الولادات، من خلال توافر شخص مدرب بعد الولادة.
وبالطبع فوسائل الاعلام لديها دور كبير فى التوعية بمشكلة التضخم السكانى ونناشدها بالتعاون الفعال.
-هل يوجد اقترحات لفرض وسائل عقابية رادعة لتنظيم الأسرة؟
-تدور فى الكواليس حلول مطروحة مثل منع الدعم للخدمات كالتعليم والصحة بعد عدد معين من المواليد، لكننا لا نعتقد أن أى من الوسائل العقابية التى طرحها البعض يمكن فرضها.
فالمشكلة الأساسية كانت دائما بسبب عدم وضع حيز زمنى لتنفيذ البرامج والأهداف، لكن مؤخرا بدأ ظهور أهداف واضحة ومحددة مثل إنهاء الفقر بعام 2030 ونحتاج فى مصر لوضح ذلك الحيز الزمنى لعلاج المشكلة السكانية أيضا.
-هل يوجد دول بالجوار لديها نماذج ناجحة يمكن الاقتداء بها؟
- على سبيل المثال تونس وصلت لمرحلة الاستقرار السكانى بعد أن بلغت 10 مليون مواطن وبالطبع فهناك أثر واضح فى المجتمع لهذا الاستقرار، فالخدمات تصل بسهولة لجميع المواطنين.
بل أن الأمر وصل هناك للدعوة الى منح برنامج تنظيم الأسرة درجة من الليونة والجزائر أيضا لديها برنامج حكومى قوى لتنظيم الأسرة ويتم الإنفاق عليه بصورة جيدة.
-هل سيطرت الحركة الوهابية فى السعودية على فكرة تنظيم الأسرة؟
-السعودية من الدول التى لا تمثل مشكلة السكان عائقا لديها، خاصا أن المستوى الاقتصادى للدولة جيد ومرتفع، لكن على الرغم من سيطرة الفكر الوهابى على المجتمع السعودى إلا أن معدل زيادة السكان لديهم لا يعد معدلا متزايدا ومتضخما.
-هل ينحصر عمل وتعاون الصندوق على المنظمات الحكومية فقط أم لديكم برامج مشتركة مع منظمات الدولة المدنية؟
- عملنا الأساسى يتم بالتعاون مع المؤسسات الحكومية فى المقام الأول كما نعمل مع المراكز الأكاديمية وفى بعض الأحيان نعمل مع منظمات مدنية لها ذات التوصيف مثل منظمة نبذ العنف ضد المرأة ومنظمة أهلية أخرى بسوهاج.
-هل واجه الصندوق صعوبات فى تحقيق برامجه نتيجة تغير الوزارات؟
-فى الحقيقة تلك المشكلة واجهت أغلب المنظمات العالمية العاملة فى مصر، فكلما تغيرت الوزارة أدى الأمر إلى وقوع العديد من الصعوبات والتباطؤ فى تنفيذ المشروعات والبرامج فكل وزراة تتطلب أن يعرض عليها المشروع من بدايته وهو ما أدى لزيادة الحيز الزمنى المحدد لتنفيذ البرامج والمشروعات المطروحة.
- فى عام 2014 أبرم الصندوق برنامج عمل مع وزارة الصحة السابقة بشأن الحد من نسبة الولادات القيصرية فى مصر ما مصير هذا البرنامج؟
بالفعل تم الاتفاق بين الصندوق والوزارة لإعداد دراسة توضح أسباب انتشار الولادات القيصرية فى مصر، فحسب منظمة الصحة العالمية لا يجب ان تتعدى تلك النسبة من 15% إلى 20% لكن تلك النسبة وصلت فى مصر إلى 52% وهى نسبة مرعبة تؤكد أن نسبة كبيرة من تلك الجراحات تتم دون ضرورة وحاجة صحية حقيقة كما أنها تمثل استنزافا اقتصاديا بلا داع .
-هل يوجد برنامح لاحق للحد من حجم الولادات القيصرية ؟
-بالفعل بعد الدراسة ستضع المنظمة معايير وتنتهى بتوصيات للعمل على خفض تلك النسبة يلحقها برامج مع وزارة الصحة.
-ما تعليقكم على مشكلة التحرش الجنسى بالنساء فى مصر؟
-بالنسبة لقضية التحرش والاعتداء الجنسى فالصندوق يتعاون و بالتنسيق مع الوزارات والجهات المسؤلة بغرض وضع برامج للحد من التحرش، وقد قمنا بالتنسيق مع الجامعات على تنظيم حملة للحد من التحرش وتهيئة عاملين معنيين بمساعدة الفتيات فى حالة تعرضهن للتحرش.
وبالفعل بدأنا مع جامعتين مصريتين لتجربة البرنامج وتقيمه فى خطوة لتوسعته، كما قمنا بعمل بروتوكول صحى عن كيفية التعامل مع المرأة التى تعرضت للإعتداء الجنسى ووجود اشخاص مؤهلة للتعامل مع تلك الحالات فى المستشفيات والوحدات الصحة، ونسعى لتوسعته على نطاق جميع المنشات الصحية بمصر.
-ما تعليقكم على قضية ختان الإناث فى مصر وما الدور الذى لعبه الصندوق لخفض نسبة الختان؟
-وصلت نسبة الختان لـ91% من نساء مصر اللاتى تتراوح أعمارهن بين 18 إلى 49 عاما، والمشكلة أن هناك بالفعل قوانين تجرم ختان الإناث فى مصر لكن الأزمة الدائمة فى القانون المصرى، هى تفعيل القوانين وليس وضعها، وعلى الرغم من انخفاض تلك النسبة بين الاجيال الصغيرة إلا أن التقدم فى خفض تلك النسبة مخيب للآمال.
وقد لعب الصندوق دورا فعالا وبطوليا فى مواجه مجلس الشعب السابق والذى كان يسعى بعض نوابه لطرح قانون يجيز ختان الإناث ويمنع تجريم تلك العادة، لكن الصندوق كان له دور فعال فى وقف هذا القانون وبالتعاون مع العديد من المؤسسات الحكومية والمدنية الأخرى.