- وزيرة التعاون الدولى: التقارير السلبية غير الدقيقة من الجهات الرقابية المحلية عن الاقتصاد تؤثر على المفاوضات مع مؤسسات التمويل الدولية
- سحر نصر: ارتفاع عجز الموازنة وزيادة الفجوة التمويلية وراء اتجاه الحكومة للاقتراض الخارجى.. والاستفادة من قروض التنمية مرتبط بموافقة «النواب»
بعد ساعات قليلة من جولتها بشبه جزيرة سيناء مع وفد صناديق ومؤسسات التمويل العربية، وقيادات من القوات المسلحة والهيئة الهندسية، حاورت «اليوم السابع» الدكتورة سحر نصر، وزيرة التعاون الدولى، التى تولت مهام منصبها فى سبتمبر الماضى.
وأكدت «نصر» فى ندوة نظمها قسم الاقتصاد فى «اليوم السابع» أنها ركزت منذ توليها منصبها على التخطيط لوضع مصر فى وضع استراتيجى، سواء مع المؤسسات الدولية أو حتى الصناديق العربية، مؤكدة أنها منذ عملها فى البنك الدولى لمدة تجاوزت 20 عامًا كان لديها إحساس وشعور دائم بأنه يمكن وضع مصر فى وضع أقوى.
كواليس جولة سيناء
وحول تنمية سيناء أشادت «نصر» بجاهزية الجيش لملف تنمية سيناء، وتحديدًا الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، حيث عرضوا ملفًا كاملًا للمشروعات التنموية بجميع التفاصيل، وشبكة الطرق الجديدة التى تربط القرى والمناطق التى تتوافر بها المياه.
وتابعت: «لأننى اقتصادية بالأساس، أفكر دائمًا فى تنمية اقتصادية مستدامة وشاملة وترك بصمة دائمة، ولذلك أحرص على سؤال المواطنين عن احتياجاتهم خلال الزيارات الميدانية والتفقدية، وأمنحها أولوية، ولذلك نفكر فى إقامة التجمعات البدوية».
وكشفت وزيرة التعاون أنها اتفقت مع صناديق ومؤسسات التمويل العربية على توفير قروض ميسرة تقدر بإجمالى 6 مليارات دولار لتمويل مشروع تنمية سيناء على مدى 3 سنوات.
وأوضحت «نصر» أنها وقّعت مع الصندوق السعودى للتنمية اتفاقًا لتخصيص 1.5 مليار دولار لمشروعات تنمية سيناء، فى حين سيسهم كل صندوق من الصناديق الأخرى بنحو 900 مليون دولار على مدى 3 سنوات بواقع 300 مليون دولار سنويًا.
وقالت «نصر» إنها تفقدت برفقة الفريق أسامة عسكر، قائد القيادة الموحدة لقوات شرق القناة ومكافحة الإرهاب، وممثلى الصناديق العربية، عددًا من المشروعات التنموية التى تنفذها الدولة فى شبه جزيرة سيناء.
واستعرضت «نصر» بعض مشاهد لجولتها فى محافظة شمال سيناء، حيث التقت طفلًا صغيرًا يقطع مسافة تقارب ساعة يوميًا للوصول إلى المدرسة، وتابعت: «وقفنا عند بعض المناطق والعشش الخوص، حيث رأيت البدويات يحملن مياه الآبار لمسافات طويلة قد تصل إلى ميل، كما يزرع البدو محصول طماطم لكنه يتعرض للتلف لأنه ليست لديهم كهرباء».
وأعربت «نصر» عن دهشتها من وضع الفصول الدراسية، إذ يتلقى طلاب ثلاثة صفوف دراسية المناهج فى نفس الفصل، لافتة إلى أنه سيتم بناء مدارس ومستشفى وجامعة فى شمال سيناء، وطرق، وقرى مكونة من بيوت عبارة عن طابق واحد، أو ما يطلق عليها الجيش التجمعات البدوية.
وأضافت وزيرة التعاون الدولى قائلة: «الناس فى سيناء بجد تصعب عليكم، لذلك سيكون عندى تحيز واضح لسيناء فى الفترة المقبلة»، مؤكدة أن شمال سيناء مظلومة بدرجة أكبر من الجنوب نتيجة الأوضاع الأمنية.
وأعلنت «نصر» عزمها التركيز على تمويل تنمية سيناء فى مفاوضاتها مع الصناديق العربية، فى حين سيكون التركيز على تنمية الصعيد مع البنك الدولى، خاصة المحافظات الحدودية، مثل سوهاج وقنا وبنى سويف. وقالت: «شرم الشيخ تعانى حاليًا من أزمة السياحة لكن هذه المحافظات تعانى منذ ثورة 25 يناير»، وأشارت إلى أنه سيتم التركيز على المشروعات المكملة، مثل ربط استصلاح الأراضى ومشروع المليون فدان بمشروعات التصنيع الزراعى، وإقامة مدن صناعية قريبة من الأراضى، والتغليف والتعبئة.
وأشارت إلى أنها تتفاوض مع البنك الدولى على قرض ميسر بقيمة 500 مليون دولار لتنمية الصعيد، وأنها تحثهم على الإسراع فى ضخ المبالغ، لافتة إلى أنها تجتمع بالوزراء المختصين مثل الزراعة، والرى، والصناعة، والتنمية المحلية، وبالمثل مع المحافظين المعنيين لضمان التنسيق والتناغم بين جميع الأطراف بما يضمن استمرارية المشروع وسرعة التنفيذ.
وأرجعت «نصر» تأخر بعض مشروعات البنك الدولى وغيره من المؤسسات الدولية إلى البيروقراطية.
وانتقدت «نصر» تلك النوعية من التقارير، مؤكدة أن لها مردودًا سلبيًا على التفاوض مع مؤسسات التمويل الدولية، ما يكون سببًا فى زيادة تدقيق المؤسسات فى الإجراءات لضمان استرداد أموالها، وتوجهها للمشروعات أو القروض المتفق عليها، ما يترتب عليه ضرورة الحصول على موافقة الجهة المقرضة على كل خطوة، وهو ما يتسبب فى بطء وتيرة التنمية المستهدفة، مؤكدة أنها تحث هذه المؤسسات على تسريع وتيرة الموافقات لتلبية احتياجات التنمية.
وأضافت «نصر» أنها استحدثت وحدة للتقييم والمتابعة لمراقبة المصروفات، بهدف الإسراع فى تنفيذ المشروعات المتعثرة، والتى تقدر محفظتها بما يعادل 8.8 مليار دولار، للاستفادة من الموارد المعطلة فى مختلف القطاعات الاقتصادية، والتى من شأنها تحقيق التنمية الشاملة، وضخ موارد النقد الأجنبى فى الاقتصاد القومى، كما تهدف الوحدة إلى متابعة مذكرات التفاهم التى تم توقيعها فى المؤتمر الاقتصادى بشرم الشيخ.
وشرحت «نصر» أن المؤسسات الدولية أو حتى العربية تميل إلى إقراض الحكومات التى تقدم أو توفر برامج واضحة للتنمية، ونظرًا لأن الحكومة لم تكن لديها فى السابق برامج ورؤية واضحة للتنمية، كان من الطبيعى أن تختار الجهات المانحة أو المقرضة بأجندة أو بغير أجندة تمويل قطاع محدد كالصرف الصحى، أو إسكان محدودى الدخل، أو البنية التحتية.
وللتغلب على هذه الصعوبات، أوضحت «نصر» أنها وضعت نصب أعينها منذ أداء اليمين تحديد الأهداف والأولويات والمشكلات والتحديات، ثم بحث خيارات التمويل والحلول مع المؤسسات الدولية، على أن تقوم الحكومة باختيار ما يناسب احتياجاتها الاجتماعية والاقتصادية. وتابعت: «هذا الفكر كان أكثر شىء ركزت عليه وسعيت لزرعه فى الوزارة».
تفعيل تعهدات دول الخليج لدعم الاقتصاد المصرى
وقالت «نصر» إنها حرصت منذ توليها الوزارة على تفعيل الجزء المتبقى من تعهدات دول الخليج، والذى يشمل اتفاقيات تنموية واستثمارية، أو حتى التزامات أعلنها حكام هذه الدولة فى خطبهم أمام المؤتمر الاقتصادى.
وللتعرف على سبب تأخير هذه التعهدات أو تباطئها وسط انطباعات بعدم تحمس هذه الدول لمساندة مصر، قررت «نصر» زيارة الدول الخليجية الثلاث، وهناك تبين لها أن سبب التأخير كان عدم تقديم الجانب المصرى برامج ومشروعات بأهداف محددة للحصول على التمويل.
وأضافت «نصر» أن تلك الدول طالبت الحكومة المصرية بمشروعات واضحة المعالم، لها دراسات جدوى، مؤكدة أن استجابة الدول كانت سريعة بمجرد تقديم هذه الطلبات.
وأشارت «نصر» إلى أنها أرسلت خطابات للوزراء ثم عقدت لقاءات مباشرة معهم لوضع نظام مؤسسى فى التفاوض، لتحديد مواقع المشروعات، وعمل دراسات الجدوى اللازمة لضمان جاهزية المشروع، وأنه من ضمن أولويات الدولة، مضيفة أنه من هذا المنطلق تمت إعادة النظر فى جميع المشروعات والقطاعات، ومدى احتياجها للتمويلات، وهو ما يفسر استحواذ قطاع الكهرباء على النصيب الأكبر من محفظة التمويلات، باعتباره أولوية كبرى للدولة.
أسباب التوسع فى القروض الخارجية
وعن الهجوم الحاد الذى تتعرض له الحكومة للتوسع فى الاقتراض من الخارج، خاصة وزيرة التعاون التى تقود المفاوضات، قالت «نصر»: «أنا أخدم البلد ولا أحصل على أية قروض لوزارتى، وأحيانا كثيرة لا أحضر افتتاح المشروعات التى وقعت اتفاقيات تمويلها، بل أعتبر نفسى أخدم على الوزارات الأخرى.. ولن أستفيد من قروض دعم الموزانة أو الصرف الصحى أو تنمية الصعيد، فكل هذه القروض مرتبطة بخطة الحكومة، ويقرها مجلس الوزارء والرئيس، وتتم مراجعتها بمجلس الدولة، وأخيرًا مجلس النواب».
وأعربت وزيرة التعاون- التى وقعت تمويلات بنحو 3.5 مليارات دولار فى أول 3 أشهر لها فى منصبها- عن سعادتها البالغة بانتخاب مجلس النواب الذى يملك خيار الرفض أو الموافقة على التمويلات الخارجية، فى حين يظل دورها هو التفاوض والتوقيع، ومن ثم عرضه على البرلمان.
واستعرضت «نصر» أسباب لجوء الحكومة للاقتراض، ويأتى على رأسها ارتفاع عجز الموازنة، وزيادة الفجوة التمويلية، والحاجة لتمويل مشروعات تنموية، وهو ما يضع الحكومة أمام خيارين لا ثالث لهما، الأول هو الدين الداخلى الذى تخطى مستويات حرجة تجاوزت %96 من إجمالى الناتج المحلى، أو الدين الخارجى، وليست كل الخيارات مناسبة فى الوقت الحالى، فهناك صعوبة فى طرح «اليوروبوند» بسبب انكماش الاقتصاد الأوروبى.
وتابعت: «طرح السندات الأول الذى تم فى يونيو جاء فى وقت كانت شهية المستثمر الأوروبى لا تزال مرتفعة، أما الآن فالوضع سيئ وغير مناسب لطرح السندات ولذلك تم إرجاء الدفعة الثانية».
البديل الآخر لتوفير التمويل الخارجى لسد فجوة تمويلية كبيرة- تقدر بنحو 30 مليارات دولار على مدى 3 سنوات وفقًا لصندوق النقد الدولى- من وجهة نظر «نصر» هو عرض مشروعات قوية مع برامج إصلاح اقتصادى على المؤسسات الدولية للحصول على قروض بفوائد منخفضة.
ولفتت «نصر» إلى أنه ليس من الضرورى أن تدخل الدفعة الأولى من قرضى البنك الدولى والتنمية الأفريقى بقيمة 1.5 مليار دولار فى الموازنة العامة أو البنك المركزى بالكامل، نظرًا لوجود قطاعات، منها الكهرباء والبترول، بحاجة إلى سداد مستحقات متراكمة لشركات أجنبية كبرى، وهو ما يضمن استدامة الشركاء الأجانب فى ضخ استثمارات بالسوق المحلية.
خبرات مؤسسات التمويل الدولية
وترى «نصر» أنه يجب أن نستفيد من خبرات البنك الدولى وغيره من المؤسسات الدولية لحل بعض المشكلات، مثل إصلاح منظومة الدعم، وتطوير خطوط السكك الحديدية، مقترحة إمكانية تخصيص عربة واحدة فى كل قطار للمترو بأسعار تذاكر مرتفعة، مقابل مزايا وخدمات تنافسية، مثل مقاعد أفضل، وخدمة واى فاى، ومنافذ كهرباء وتكييف هواء، وهذا يضمن وصول الدعم لمستحقيه فى ضوء عدم القدرة على رفع أسعار التذاكر، لكنها أكدت أيضًا أنه لا يمكن المساواة بين من يركب لمحطتين وعشر محطات.
دور القطاع الخاص
كما تطرقت الوزيرة إلى أهمية دور مؤسسة التمويل الدولية، وهى ذراع البنك الدولى لدعم مشروعات القطاع الخاص، والتى رفعت محفظة مصر إلى 2 مليار دولار مؤخرًا، وكذلك البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية، والبنك الإسلامى لديهما ذراعان للقطاع الخاص، بهدف تخفيف الضغط على الحكومة، وإتاحة الفرص التمويلية للقطاع الخاص.وقالت إن تلك المؤسسات تتميز بأنها تمنح قروضًا ميسرة طويلة المدى تصل لـ10 سنوات، ما يتيح الفرصة للمستثمر بتحقيق عوائد خلال السنوات الأولى، بما يمكنه من سداد القروض فيما بعد، وهو الأمر الذى لا توفره غالبية البنوك المحلية، ويعد أحد التحديات التى تواجه القطاع الخاص فى مصر.
أنشطة الوزارة فى الفترة المقبلة
وكشفت «نصر» أنها تدرس حاليًا إمكانية تنظيم مؤتمر دولى تحت رعاية وزارة التعاون الدولى، وتتم دعوة جميع المؤسسات الدولية، كالأمم المتحدة، والبنك الدولى، وبنك التنمية الأفريقى، والمنتدى الاقتصادى العالمى، لعرض مشروعات جاهزة للتمويل، واستعراض قصص النجاح، فى ظل التمثيل الجيد للمحافظات والشباب.
وأكدت أنه من المقرر انعقاد الاجتماع الرابع للمجلس التنسيقى المصرى السعودى فى القاهرة فى 24 يناير، وأن الوفد سيصل يوم 20 يناير برئاسة إبراهيم العساف، وزير المالية السعودى نائبًا عن الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولى ولى العهد، النائب الثانى لرئيس مجلس الوزراء، زير دفاع المملكة العربية السعودية، لبدء الاجتماعات التحضرية التى ترأس وزيرة التعاون الدولى الجانب المصرى فيها، بصفتها منسقة أعمال الجانب المصرى، نيابة عن المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء.
وأكدت «نصر» أنها ستوقع منحة مع الصين بقيمة 200 مليون دولار على هامش زيارة الرئيس الصينى لمصر فى يناير الجارى، لافتة إلى أن هذه المنحة سيتم توجيهها إلى مشروعات الصحة، والبنية الأساسية، والصرف الصحى، ومشروعات تنمية قناة السويس.
موضوعات متعلقة..
- وزيرة التعاون الدولى تجتمع مع رئيس البنك الآسيوى للاستثمار بالعاصمة بكين