مصطفى أحمد مبروك يكتب: منتصف الطريق

السبت، 02 يناير 2016 08:04 م
مصطفى أحمد مبروك يكتب: منتصف الطريق امرأة حزينة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نظرة ألم علت وجهها وهى تنظر للخارج أضفت على انعكاس صورتها فى الزجاج شجن وأنين. انتصب القمر بدراً فى الأفق. يرمى سهام ضوئه على سجادة مترامية من السحب يخترقها فى محاولة بائسة لتطهيرها وبدا لها وكأنها فى رحلة إلى اللانهاية وأن هذه الطائرة لن تحط أبدا، مشهد السحب المتلألئة أثار فى نفسها دفئا افتقدته من سنين، أغمضت عينيها، وسرت بخيالها تتذكر أيامها الخوالى.

ليال مضت فى غرفة طفولتها تقرأ روايات العشق والهوى تحلم بمستقبل يشبه خيال مؤلفيها بحبيب يملؤها ويحتويها فى جامحات الجنون كم كان سامح جميلا فى شهر العسل عيناه فى زرقه السماء الصافية وشعره الاسود يحدد ملامح بشرته البيضاء لم تر رجلا بهذا البهاء من قبل ولم تر حينها رجلا آخر فى الوجود وكان هو غاية المنى.

تلك الليلة على شاطئ جزيرة بعيدة أضاءت شموع الطاولة تناولا عشاء فاخرا مع موسيقى تشايكوفسكى ملأ كأسها ورأسها ثم رقصا فى تناغم حالم. ضمها إلى صدره العارى وتداخلت الضلوع نبض قلبه بجانب قلبها يصب فيه الحياة وخيل لها إنهما أصبحا جسدا واحدا قبل أن يغمد فيها بذرته فتضرب الجذور فى أحشائها تنمو، تتشكل وتصبح زهرة عمرها ابنتها الوحيدة التى أصبحت سببا للبقاء ألم يكن حبا أم كانت حالة من انبهار الشباب؟!
تساءلت أين ذلك الحب أصبح؟! اختفت لهفة اللقاء وشهوته ونحتت الأيام والمواقف قناعة يوم يلى الآخر طمعا فى مال أبيها تاره وبخلا عليها وعلى ابنتها تاره أخرى.

وأصبحت لا ترى إلا وجهه الذميم الذى تراءى خلف نزواته وخيانته العديدة لقد كانت له نعم الزوجة والحبيبة والأم برغم تحذيرات أبيها لها لم تكن ترى فيه أى عيوب

لم يمر بخيالها يوما أن ينبض قلبها من جديد فقد سلمت لقدرها واكتفت أن تعيش لابنتها دفنت مشاعرها فى جب عميق حتى باتت تشعر بأن قلبها قد وافته المنية وأنه القدر الذى اودى بها الى هذا الحال فهى تكره سامح بكل مافيها بل لا تكاد تطيق مجرد النظر إليه أو حتى اللقاء به أو حتى البقاء فى مكان هو فيه أخبرته أنها ستسافر فى رحلة عمل إلى سيدنى – أستراليا مع بعض الزملاء واخفت أنها ستقضيها مع أحمد ذلك المنقذ الذى أحيا قلبها فى غفلة من الزمن فوجدت نفسها تنزلق فى دوامة المشاعر لم تستطع الهروب منها لفرط اللذة قضوا وقتا طويلا لترتيب هذه الرحلة قد كانت بمثابة حلم يتحقق أخيرا سيختلون ببعض أسبوعين بالكامل بعيدا عن خطط الهروب واعذار الغياب التى احترفتها لإخفاء اللقاءات المتكررة لم يكن أجمل من زوجها شكلا لكنه استطاع تخطى جبال العزلة الضاربة حولها ووصل لقلبها بطيبته وقدرته على قراءة عيونها ككتاب مفتوح هل هو من أريد لن أستطيع المخاطرة ببنتى وبيتى واستقرارى لأجل أحمد سينهار بيت الورق إذا ما أردت الطلاق كيف سأفسر لابنتى ما حدث عندما تشب وتسألنى لماذا تركتى أبى لن يفهمنى أحد فأنا شخص محكوم عليه بإعدام المشاعر ولم ينفذ فى فيه الحكم أبدا انتظار ضياع العمر هو الجنون نفسه ومن ينقذنى من هذا المأزق أريد أن اكسر قضبان هذا السجن.

تستفيق على إنذار وضع الأحزمة أضيئت الأنوار واستيقظ الركاب على صوت قائد الطائرة يدعو الجميع للعودة إلى المقاعد وربط الأحزمة فهم بصدد الولوج فى عاصفة جوية.

تضع الحزام وتنظر بجانبها لتلك الفتاة الجالسة بجانب أمها فتبسمت لها وعلى حين غفلة ارتجت الطائرة بشدة وعلت الوجوه علامات رعب شديد فدوى عويل صفارات الخطر واختلطت بصراخ الجميع.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة