ورود بألوان زاهية يفوح عطرها ليملأ أرجاء المكان، كراسى مرصوصة بنظام حول منضدة، تفصلها عن الأخرى مسافة مناسبة احترامًا للخصوصية، موسيقى هادئة وأصوات خافتة، ابتسامة بِكر مرسومة على شفتين تهمهمان بكلام لا تسمعه إلا أذن الحبيب فقط، دقات قلب سريعة عالية ليطغى صوتها على صوت نغمات الموسيقى، لا يمكن أن نجد كل هذا إلا فى كازينوهات العشاق التى عرفت قديمًا بالملاذ الأول للأحبة، وبلغت شهرتها أفلام السينما، وهى الأماكن التى بحث بداخلها "اليوم السابع" عن بقايا الأشواق التى هجرتها، لتتركها تاريخًا مضى لا يتذكره سوى عشاق الزمن الجميل.
شاب أنيق يحمل وردة بيضاء، ينظر فى ساعته بتأهب تمر عليه الثوانى ساعات فى انتظار حبيبته، التى تدخل فى خجل إلى الكازينو لتجلس معه بالمكان الخاص بهما بجوار شجرة حملت أسماءهم، وتواريخ عديدة والحروف الأولى من أسماء عشاق قدامى، وسط ابتسامات الجرسونات الذين يحرصون دوماً على تهيئة الجو الخاص للعشاق وتشغيل أغنيات معينة، هكذا كان الأمر فى زمن "حب الكازينو" والأجواء الرومانسية قبل أن تتغير الحالة ويكتفى العشاق "بالواتس آب" بديلاً لجلسات الحب الحارة الرومانسية.
بداية الجولة كانت عند "كازينو النيل" الذى كان من أشهر أماكن تجمع الأحبة قديمًا، اليوم هجرته الأشواق ليغلق أبوابه ويتحول إلى مكان سياحى مهمل، لا تعرف عنه وزارة السياحة شيئًا، بعد أن كان من أهم كازينوهات الحب ووصلت شهرته للسينما.
مكان آخر تحول لحطام أشواق زمان، هو "كازينو الشجرة" الذى تركه المحبون بذكرياتهم، وتحول إلى أحد المطاعم الفاخرة، وسرد جيران المكان لـ"اليوم السابع" قصة تحوله لمطعم، مؤكدين أن المكان تغيرت معالمه منذ عدة سنوات بعد أن توقف العشاق عن زيارته واختاروا الاتجاه للكافيهات الحديثة، وتحولت الجلسات الرومانسية على النيل "لدقة قديمة".
أما عن "كازينو الوردة البيضاء" وهو أحد أسماء حملت معها ذكريات لأجمل قصص الحب، وكانت شاهدًا على حكايات عشاق توافدوا عليها ليعيشوا لحظات رومانسية، أصبح الآن مكانا مجهولًا لا يوجد أحد يعرف عنه شىء، سوى أنه هدم من عدة سنوات واشتراه أحد المستثمرين، ولم يختلف حال "كازينو النهر" عن سابقيه، وتم هدمه منذ سنوات عديدة، ووضع مكانه أحد أشهر اليخوت على النيل.
أما "جروبى" الذى كان أشهر مكان للعشاق من أولاد الذوات الذى أصبح خاوياً من العشاق بعدما هجرته الأشواق ولا يتواجد فيه غير العشاق فوق الـ 50 سنة، ويقول أحمد يسرى مدير التشغيل بجروبى إنه من أعرق الأماكن فى مصر حيث أنشأه الخواجة جاكيمو جروبى عام 1909 وكان يتسم المكان بالهدوء، وتقديم الحلويات الخاصة به مثل المارون جلاسيه، وتوافد الحبيبة عليه خاصة يوم الأحد، وأضاف نقوم بتجديدات بفرع طلعت حرب حتى يتناسب مع الشباب ويعودوا إليه.
"الأمريكين" الذى اشتهر بكلاسيكيته والموسيقى الهادئة وتحول الآن إلى مكان مزدحم تعلو فيه صوت الأغانى الصاخبة على شاشات التليفزيون التى تشغل قنوات الأغانى.
"الأكسلسيور" الذى أنشئ فى الخمسينات وكان مكان لتجمع الشباب والفتيات فى الجامعات لهدوئه وقربه من سينما مترو، وأصبح الآن مكانا مزدحما تلهو فيه الأطفال ويقدم حلويات ووجبات سريعة، مثله مثل غيره من الأماكن التى لاقت المصير نفسه بعد أن انشغل المصريون بحب الشات واختفت أشواق اللقاء من كازينوهات الحب.
مقاهى وكازينوهات وسط البلد تشكو هجر العشاق.. من الحب فى زمن الجوابات لأطلال بعد "السوشيال ميديا".. جروبى من ملاذ الحبيبة لملتقى أصحاب المعاشات.. وكازينوهات النيل والشجرة والنهر ملاجئ حب أغلقت أبوابها
الأربعاء، 20 يناير 2016 11:50 ص
كازينوهات الحب
كتبت : سلمى الدمرداش - تصوير : عمرو مصطفى
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مجدى
كل هذة الأماكن تستغل الظروف السعيد للأحباء و تدفعهم دم قلبهم هذا غير عدم نظافتها حاليا
فوق
عدد الردود 0
بواسطة:
حسام شفيق
العقليه القديمه تضرب الرزق