اضطرت دار نشر صينية إلى سحب أحدث ترجمة إلى اللغة الصينية لأحد أعمال الشاعر الهندى طاغور، بعدما قوبلت الترجمة بانتقاد لاذع فى الهند، ووصفت بالابتذال الشديد والابتعاد عن النص الأصلى، كما ذكر موقع سكاى نيوز .
وأوضحت دار تشجيانغ لنشر الآداب والفنون، الأسبوع الحالى، نيتها سحب جمع نسخ ترجمة ديوان "الطيور الضالة" لطاغور، والتى أعدها الكاتب الصينى المعاصر فنغ تانغ، قائلة إنها تنوى مراجعة الترجمة.
وتتضمن الفقرة التى قوبلت باعتراضات شديدة، تحويل المعنى الأصلى "خلع العالم قناعه الواسع أمام حبيبته"، إلى "خلع العالم سرواله أمام حبيبته"، كما استخدم كلمة صينية تعنى "لعوب" لترجمة كلمة هندية تعنى "مضياف"، وذلك فى بيت شعر وصف فيه طاغور الأرض التى ينمو فيها العشب.
ويعد طاغور، الحائز على جائزة نوبل فى الآداب لعام 1913، أحد عمالقة الآداب فى الهند، وهو ما جعل الترجمة الصينية للديوان تؤجج غضب كثيرين الوسط الثقافى بالهند، كما جوبهت بانتقاد واسع فى الصين، حيث يعجب كثيرون بأعمال طاغور.
الجنس الثانى
فى تقرير نشره عبد الوهاب أبو زيد تحت عنوان "ما الذى ضاع فى الترجمة من "الجنس الثانى"؟ تناول الترجمة الأمريكية لكتاب "الجنس الثانى" لـ"سيمون دى بوفوار" التى عرفت أكثر من أى شىء آخر لسوء حظها وكمفارقة قدرية ساخرة كرفيقة للفيلسوف الفرنسى سارتر.
وذكر "عبد الوهاب" أن هذا الكتاب أحدث ضجة كبرى حين نشر فى فرنسا لأول مرة عام 1949 إذ منع من قبل الفاتيكان وهوجم هجوما لاذعا بعد أن باع أكثر من عشرين ألف نسخة فى الأسبوع الأول من نشره، وأضاف "أبو زيد" أن الأطروحة الأساسية للكتاب تقول، إن المرأة لا تولد امرأة بل تصبح أو تصير كذلك من قبل المجتمع الذى يزرع فى وعيها ولا وعيها أسطورة الزوجة- الأم التى ابتكرها الرجل.
ثم يتوقف عبد الوهاب فى تقريره عند الترجمة الأمريكية الأولى والوحيدة حتى الآن لهذا الكتاب والتى صدرت عام 1953 عن دار النشر الكبرى كنوبف وقد باع الكتاب منذ الشروع فى طباعته وتوزيعه ما يزيد على المليون نسخة، ومما زاد فى نسبة توزيعه وانتشاره دخوله ضمن المقررات الجامعية المرتبطة بالدراسات النسوية.
ويحلل "عبد الوهاب" ما أثير حول هذه الترجمة من نقد موجه وجاد باعتبارها ترجمة تكتنفها العديد من الهنات والأخطاء بل حتى الحذف والتحوير أعاد هذا الكتاب مرة أخرى لدائرة الضوء فى الأوساط الثقافية ذات الصلة.
ويعود التقرير إلى عدد من الكتب منها كتاب (إرث سيمون بوفوار) ويضم مجموعة من المقالات التى حررتها مجموعة من المتخصصات فى دراسة فكرها ثمة ما يشبه الإجماع على كون الترجمة الحالية قد أساءت تقديم بوفوار إلى القراء ووصل الأمر إلى حد تشويه صورتها كمفكرة وصاحبة أطروحات جريئة وصارمة، إحدى المشاركات فى هذا الكتاب تقول على سبيل المثال: إن هنالك مئات الأخطاء فى الترجمة التى تتراوح بين الأخطاء البسيطة إلى إساءة فهم المصطلحات العلمية الدقيقة.
ويذكر "عبد الوهاب" رأى الشاعر والروائى البريطانى ستيفى سميث قائلا انها كتبت كتابا هائلا عن النساء ليتبين فيما بعد أنها لا تحبهم ولا تحب كونها امرأة.
فى إحدى العبارات على سبيل المثال ما يوحى بأن بوفوار ترسل تعميما مطلقا حول الحدود التى تقف فى وجه المرأة حين تكتب أن الأمهات الفرنسيات قد وضعن فى موضع حرج على الرغم من توافر دور الحضانة اليومية التقليدية.
فى النص الأصلى تشير بوفوار إلى أن (الشلل) الذى تعانيه المرأة يتأتى من عدم وجود من يقوم برعاية الأطفال وهى عبارة واقعية بالنظر إلى الظروف السائدة فى الأربعينيات حيث كانت دور الرعاية ضئيلة العدد ولم يكن تنظيم الحمل مشروع فى ذلك الحين.
إضافة إلى إساءة فهم الكلمات والجمل فإن الطبعة الأمريكية قد حذف منها ما يعادل 15% من حجم الكتاب الأصلى باللغة الفرنسية ( حوالى 145 صفحة) وهو الأمر الذى أضعف إلى حد كبير الأجزاء المرتبطة ببحث أدب وتاريخ المرأة. وكانت بوفوار من أوائل من طرحوا هذه المواضيع باعتبارها تستحق الدراسة والبحث.
لقد اختفت المقتطفات المأخوذة من روايات ويوميات نسائية بما فى ذلك ما استشهدت به من كتابات فرجينيا وولف وكوليت وصوفى تولستوى لدعم أفكارها وطروحاتها.
اختفت من الطبعة الإنجليزية كذلك بعض الشواهد التاريخية المعروفة على نطاق ضيق مما يفند النظرة التنميطية للمرأة من أمثال النساء النبيلات المنتميات إلى عصر النهضة و اللاتى كن يقدن الجيوش ويخضن الحروب.
كتاب الاستشراق
فى تقرير نشرته أخبار الأدب فى عام 2010 يتوقف عند ترجمة كتاب الاستشراق للمفكر الفلسطينى الأصل إدوار سعيد ويرى أنه لم يرضَ يوماً عن ترجمة كمال أبو ديب لكتابه " الاستشراق".
ويرى التقرير أن لغة سعيد التى تميّزت بالبساطة على الرغم من ثرائها وعمقها، تحولت على يد أبو ديب (وإن أرضت ترجمته طموح كثيرين) إلى نوع من الكهنوت، من هنا تعالت أصوات داعية إلى إعادة ترجمة كتابات إدوارد سعيد، وخصوصاً مرجعيه "الاستشراق" و"الثقافة والإمبريالية".
ويرى التقرير أن دار " رؤية" حاولت القيام بالمهمة الشاقة، وعهدت بها إلى المترجم الشهير محمد عنانى الذى قدم ترجمة لثلاثة من كتب سعيد "المثقف والسلطة" الذى صدرت له من قبل ترجمتين الأولى بعنوان" تمثيلات المثقف"، والثانية بعنوان" الآلهة التى تفشل دوما" ، كما أصدر كتاب " تغطية الإسلام" وأخيراً الكتاب الأشهر لسعيد وهو "الاستشراق".
الكوميديا الإلهية
لكن التقرير يرى أن محمد عنانى يعبث بالنصوص الأصلية، فقد تخل من قبل ومنح لنفسه الحق فى حذف كثير من الفقرات التى رأى فيها إساءة للنبى محمد فى الكوميديا الإلهية لـ"دانتى أليجيرى"، هذا الحذف جاء أيضا فى ترجمات حسن عثمان فى خمسينيات القرن الماضى، وقد بدأت ترجمة دانتى فى الثلاثينيات عندما قدم طه فوزى كتابا عن دانتى قدم فيه ملخصا للكوميديا الإلهية، وفى الوقت ذاته قام عبود أبى رشيد بتقديم ترجمة نثرية ، فى 1938 قام المحامى الأردنى أمين أبو شعر بنشر كتاب " جحيم دانتى "المفارقة أن كل الترجمات لم تكن من الإيطالية مباشرة، وإنما عن لغات وسيطة، كما أن النص الذى حذفه عنانى تم حذفه فى الترجمات الثلاث بدافع " استحالة الترجمة للاختلاف الثقافي"؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة