تعاقبت الأزمان على الحى العريق، الذى أطلق عليه اسم "العتبة الزرقاء" فى عهد العثمانيين، وفى فترة الحملة الفرنسية على مصر، تردد "نابليون بونابرت" على الحى ليدرس القرآن الكريم وآداب الإسلام فى محاولة للتودد للمصريين ثم أقام فى الحي.
شهد الحى أيضًا خروج المصريين من ميدان الأزبكية ليبايعوا محمد على أميرًا على مصر، ولهذا اختار محمد على الحى قلبًا للعاصمة الجديدة وأقام فيه فى بداية حكمه حتى تعرض لمحاولة اغتيال فصعد إلى قصر قلعة الجبل، ومن وقتها ظلت الأزبكية حيًا أرستقراطيًا له أهمية كبيرة فى مصر ومركز للطبقة الحاكمة فى مصر.
مرحلة هامة أيضًا فى تاريخ الحى كانت فى عهد الخديوى إسماعيل الذى كان يأمل أن يحاكى الحى باريس واهتم به وبإعادة تخطيطه وأقيم فى الحى العديد من المسارح ودار الأوبرا الخديوية وأنشئت حديقة الأزبكية، وظل الحى مزدهرًا ومن أرقى أحياء مصر حتى حريق القاهرة فى عام 1952 بدأت تغييرات كبيرة تطرأ على الحى.
سور الأزبكية.. بؤرة ثقافية
لسنوات طويلة فيما بعد الثورة، توارت الملامح الأرستقراطية للحي، وارتبط اسمه فى أذهان الجميع بسور الأزبكية، تلك البؤرة الثقافية التى تضم أكثر من 132 مكتبة، وتقع أمام مسرح العرائس فى العتبة واشتهرت ببيع وشراء الكتب المستعملة.ويمثل السور ومكتباته كنزًا ليس فقط بسبب الثمن الزهيد لأسعار الكتب فيه، ولكن لأنه يضم كتبًا قديمة لم تعد تطبع حديثًا فتحول إلى مقصد هام للباحثين.
زحف الباعة الجائلين على الكتب يهدد الثقافة
تنقلات كثيرة تعرض لها سور الأزبكية جعلت حجمه يتقلص رغم أن أهميته لم تتقلص واهتمام الباحثين به وعشاق الكتب كذلك. ومع زحف الباعة الجائلين على المنطقة أصبح التجول بها عسيرًا للغاية بينما تحاصرك من كل جانب نداءات الباعة عن بضائع "صيني" و"مضروبة" من منتجات عناية بالبشرة والشعر وصولاً إلى الملابس والأدوات الكهربائية، لتصبح المنطقة مرتبطة بالبائعين وتصبح الكتب مع تاريخ الحى الأرستقراطى جزءًا من الماضى.