رغم سطوة الإنترنت والكمبيوتر على التليفزيون، وسحب البساط من تحت أقدامه، إلا أننا خلال الشهور القليلة الماضية شاهدنا العديد من التطورات التي تعيد هذا السؤال للأذهان مرة أخرى، فخلال الشهور القليلة الأخيرة تطور كثيرا مفهوم تليفزيون الإنترنت، ودخل عدد من المؤسسات الإعلامية الكبيرة لهذا السوق لتقديم تجربة تليفزيون إنترنت أشمل وأقوى من التجارب التي مرت في السنوات الماضية، كما بدأت المنصات التي تقدم تليفزيون الإنترنت مثل يوتيوب وفيس بوك، تطوير إمكاناتها بشكل أكبر، وربما أهمها هو تقديم خدمة البث المباشر التى كان يتميز بها التليفزيون وتدعمه فى مواجهة الإنترنت.
خطوة أخرى تدعم هذا السؤال هو اتجاه العالم أجمع نحو الهواتف المحمولة والحواسب اللوحية أو "التابلت" و"الآى باد"، وانخفاض أسعار باقات الإنترنت الهوائي وزيادة قدراته وسرعته، وانتشار خدمات الجيل الرابع فى معظم دول العالم، ما يسهل عمليات الوصول إلى الإنترنت، ويقدم خطوات أوسع لبرامج الإنترنت على برامج التليفزيون.
بالعودة لسنوات سابقة، وتحديدا فى بدايات ظهوره فى القرن التاسع عشر؛ كان "التلفزيون" اختراعًا أبهر العالم أجمع، ومع مرور الوقت أصبح الجهاز ركنًا أصيلاً فى كل منزل مصرى، تربت عليه أجيال متعاقبة، ودخل قائمة اهتمامات المصريين اليومية ليحل محل "الراديو" الذى كان لا غنى عنه فى وقتٍ من الأوقات، فالتكنولوجيا عمومًا من المجالات التى يسعى المجتمع المصرى لمواكبتها واللحاق بركبها العالمى، إذ تحجز المحروسة دومًا مكانها المتقدم فى قوائم الدول المهتمة بالتكنولوجيا من حيث الانتشار وعدد المستخدمين.
جهاز "تليفزيون" عام 1959
تتغير العادات الحياتية التى تنشأ فى المجتمع المصرى مع التطور التكنولوجى يومًا بعد يوم، فمع ظهور أجهزة الـ"ريسيفر" وطفرة الإنترنت من بعدها؛ تلاشى الاهتمام بالقنوات التلفزيونية المحلية بشكلٍ كامل وانصب على القنوات الفضائية التى دأبت على تطوير نفسها لتقديم محتوى جديد للمشاهدين، الأمر الذى حافظ على استمراريتها لمدة طويلة، حتى دخل الـ"يوتيوب" المنافسة ونجح فى احتكار سوق الإعلام المرئى الإلكترونى.
توجهت الأنظار للـ"يوتيوب" باعتباره المنصة الإعلامية المستقبلية، ففى بضع دقائق يمكن للمستخدم إنشاء حساب جديد على الموقع، وإذاعة فيديو ذات محتوى جيد قد يكون مُصَوَّرًا بكاميرا قليلة الجودة، ولكنه يحقق ملايين المشاهدات إذا نجح فى تسويقه بالشكل المناسب.
مجموعة من الشباب الموهوبين والطموحين، استشعروا أهمية الـ"يوتيوب" فى الإعلام الإلكترونى، طرحوا سؤالاً بسيطًا: "لماذا لا ننشئ قناة خاصة بنا على الموقع؟"، وفى أيام معدودات؛ خرجوا للجمهور بفيديوهات محترفة على قناتهم التى أطلقوا عليها "icu" وأنتجوا العديد من البرامج التى تناقش المشاكل المجتمعية بأسلوبٍ ساخر وبسيط.
فريق عمل "icu"
هل تكون مثل تلك التجربة، بداية النهاية للتليفزيون التقليدى؟، أم ستسير هى ومثيلاتها فى خطٍ مواز مع الإعلام المرئى المُعتاد لدى الجمهور؟.. فأمام المشاهد وجبات معلوماتية دسمة من حيث تنوع المحتوى والأفكار، فهو وحده صاحب قرار نهاية عهد التلفزيون التقليدى أو استمراره.
ومع إطلاق الـ"يوتيوب" خدمة البث المباشر Live stream على الموقع، استفادت منها فورًا أغلب القنوات الفضائية التى تنافس للمزاحمة فى عالم الإنترنت، فأصبح لكل فضائية تقريبًا، خدمة البث المباشر على قناتها الخاصة بالموقع، ليتمكن المشاهد من متابعة برنامجه المُفَضَّل عبر هاتفه المحمول فى أى مكان.
هل يمكن أن تستغنى أى فضائية فى المستقبل القريب عن الإذاعة التلفزيونية وتكتفى بـ"البث المباشر" فقط على "يوتيوب"؟.. فالمؤشرات تثبت سيطرة الإنترنت فى مجال الصحافة والإعلام، فالمواقع الإلكترونية تعاظم دورها مقابل الصُحُف الورقية، وها هو الإعلام المرئى يسير فى نفس الاتجاه بالمنافسة مع "تلفزيون الإنترنت" الذى لا يستغنى عنه معظم مستخدمى الشبكة العنكبوتية فى مصر وعلى مستوى العالم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة