شىء سيئ جدًا أن يكره الإنسان من أجل الكُره، أى أنه يقرر بداخله إلزام كراهية شخص معين، ويُكيل له التهم، ولا يدع فرصة دون أن يتسبب فى إيذائه بطريقة أو بأخرى، وقد يكون سبب هذا الشعور وهذه التصرفات راجعًا إلى أحاسيس شخصية، ربما لا يكون للطرف الآخر أى ذنب فيها، فما أصعب أن يكون الكُره هدفًا فى حد ذاته، يسعى الإنسان إلى تحقيقـه بشتى الطرق والصور، ويجد لذة خاصة فى تحقيقه، فهل سمعنا قبل المثل القائل "الضُرة مُرة ولو كانت جرة" .
والذى يحكى عن أنه كان أحد الرجال متزوجًا منذ زمن طويل، وكانت زوجته لا تُنجب، فألحت عليه ليتزوج عليها ويُنجب الطفل الذى يحلم به، ولكن الزوج رفض معللاً ذلك برغبته فى الابتعاد عن مشاكل الغيرة التى قد تنشب بين الزوجتين وتُحول حياة الرجل إلى جحيم، ولكن الزوجة لم تتوقف عن مطالبته بالزواج من أخرى، فوافق الزوج مضطرًا، وقال لها، "سوف أسافر يا زوجتى، وسأتزوج امرأة غريبة عن هذه المدينة؛ حتى لا تحدث أية مشاكل بينكما"، وعاد الزوج من سفره إلى بيته، ومعه جرة كبيرة من الفخار، وقد ألبسها ثياب امرأة وغطاها بعباءة، وخصص لها حجرة، وسمح لزوجته أن تراها من بعيد وهى نائمة، وخرج من الغرفة، وأخبر زوجته الأولى، "ها أنا قد حققت نصيحتك يا زوجتى العزيزة، وتزوجت من هذه الفتاة النائمة، دعيها الليلة لترتاح من عناء السفر، وغدًا أقدمك إليها".
وعندما عاد الزوج من عمله إلى البيت، وجد زوجته تبكى، فسألها عن السبب، فأجابته، "إن امرأتك التى جئت بها شتمتنى وأهانتنى، وأنا لن أصبر على هذه الإهانة!!"، تعجب الزوج، ثم قال، أنا لن أرضى بإهانة زوجتى العزيزة، وسترين بعينيك ما سأفعلها بها"، وأمسك عصا غليظـة، وضرب الضرة الفخاريـة على رأسها وعلى جانبيها فتهشمت، واكتشفت الزوجة الحقيقـة، واستحـت من ادعائهـا، فسألها الزوج، "قد أدبتها، هل أنتِ راضية؟"، فأجابته، "لا تلومنى يا زوجى الحبيب، فالضُرة مُرة ولو كانت جَرة" .
والواقع أننا كثيرًا ما نكره أشخاصًا، ونسىء إليهم دون أن نعرفهم حق المعرفة أو نُعاملهم، ونكتفى بانطباعاتنا التى لم يكن تكوينها على أساس منطقى أو عقلانى، وإنما هى مجرد تكهنات ومشاعر لا يحكمها عقل، فتُودى بنا إلى كراهية من أجل الكراهية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة