أكثر من عامين ونصف مضت على تعطيل مشروعين فى ميناءى الإسكندرية والدخيلة تبلغ استثماراتهما حوالى 1.25 مليار دولار، وثلاث رؤساء هيئات توافدوا على هيئة موانئ الإسكندرية وكل رئيس هيئة جاء كان يلغى ما انتهى إليه من سبقه ويبدأ من جديد. والنتيجة أنه حتى اليوم لا يوجد جدول زمنى لاتخاذ إجراءات فعلية تجاه تنفيذ المشروعين رغم تحديد أكثر من موعد لبدء التنفيذ بهما، وكان آخرها تحديد نهاية يونيو الماضى لتوقيع عقد مع شركة تشاينا هاربور الصينية لتنفيذ مشروع المحطة متعددة الأغراض على رصيف 55 بميناء الإسكندرية لكن لم يحدث شىء.
قصة المشروع الأول بدأت فى بداية عام 2014 عندما طرحت هيئة موانئ الإسكندرية برئاسة اللواء عادل ياسين مزايدة عالمية لإنشاء وإدارة وتشغيل وإعادة تسليم محطة حاويات على رصيف 100 بطول 1300 متر بميناء الدخلية وأعماق 17 مترا، وذلك بنظام حق الانتفاع، وتقدم عرضان لتنفيذ هذا المشروع أحدهما من تحالف يضم شركة موانئ دبى العالمية وشركة الإسكندرية لتداول الحاويات التابعة للشركة القابضة للنقل البحرى والبرى، والآخر تقدمت به شركة هاتشيسون الصينية، وكان محدد إبريل 2015 لاختيار العرض الفائز بتنفيذ هذا المشروع باستثمارات حوالى 500 مليون دولار.
اللافت أنه تم إلغاء المزايدة قبل ساعات من إعلان العرض الفائز من قبل اللواء عبد القادر درويش الذى تولى رئاسة هيئة موانئ الإسكندرية خلفا للواء عادل ياسين، وأعلنت هيئة موانئ الإسكندرية حينها عن إلغاءها المزايدة وتأجيل تنفيذ مشروع محطة حاويات رصيف 100 لأجل غير مسمى لعدم جدواه، وأكدت الهيئة حينها اعتزامها تنفيذ مشروع بديل يشمل محطة متعددة الأغراض تضم نشاط تداول الحاويات والبضائع العامة على رصيف 55 بميناء الإسكندرية على مساحة 500 ألف متر مربع وأطوال 1800 متر وأعماق 17 مترا.
وتلقت هيئة موانئ الإسكندرية عرض من شركة تشاينا هاربور الصينية لتنفيذ مشروع محطة متعددة الأغراض باستثمارات حوالى 750 مليون دولار، يتضمن توفير 85% من تكلفة تنفيذ المشروع فى صورة قرض صينى ميسر تصل فائدته إلى 2.5%، فيما توفر الشركة الصينية الـ15% المتبقية فى صورة قرض بدون فائدة، على تؤول ملكية المشروع بالكامل بعد تنفيذه لهيئة موانئ الإسكندرية، ليتم تشغيله بعد تنفيذه من خلال شركة شراكة بين هيئة موانئ الإسكندرية والشركة الصينية.
واستمرت المفاوضات مع الشركة الصينية شهور حتى ترك اللواء دوريش رئاسة هيئة موانئ الإسكندرية فى نوفمبر 2015، وأعلن الدكتور سعد الجيوشى وزير النقل تجميد المفاوضات مع الشركة الصينية وعدم اللجوء إلى سياسة الاقتراض لتنفيذ هذا المشروع، وتم تعيين اللواء مدحت عطية رئيسا لهيئة موانئ الإسكندرية فى يناير الماضى ثم جاء الدكتور جلال سعيد وزيرا للنقل فى مارس الماضى، وتم الإعلان عن استئناف المفاوضات مع الشركة الصينية لتنفيذ هذا المشروع، وتم تحديد نهاية يونيو الماضى لتوقيع التعاقد مع الشركة الصينية لتنفيذ مشروع المحطة متعددة الأغرض، إلا أن يونيو مضى لم يتم توقيع التعاقد أو تنتهى المفاوضات..حتى اليوم المشروعان معطلان ولا يوجد جدول زمنى لتنفيذهما.
وقال اللواء مدحت عطية رئيس هيةئ موانئ الإسكندرية الحالى لـ"اليوم السابع": "الهيئة تواصل المفاوضات مع الشركة الصينية ووصلت لمراحل متقدمة جدا..وقريبا سيتم توقيع التعاقد.. لكن لا يمكن تحديد موعد محدد لتوقيع التعاقد حتى لا يكون سيف على رقبتى.. أنا هدفى فى المفاوضات تحقيق مصلحة الميناء لذلك لا يمكن تحديد موعد"، لافتا إلى أنه غير مسئول عن تأخر تنفيذ المشروع حتى اليوم، كما أنه ليس المسئول عن طرح أو إلغاء مزايدة محطة حاويات الرصيف 100. واستطرد رئيس هيئة موانئ الإسكندرية: "طاقة العمل بالميناء لا تتحمل وجود مشروعين بهذا الحجم معا.. لذلك لا يمكن تنفيذ مشروع محطة حاويات الرصيف 100 حاليا".
فيما رد اللواء عادل ياسين رئيس هيئة موانئ الإسكندرية الأسبق أن الميناء يحتاج المشروعين معا، ووفقا لدراسات الجدوى كل مشروع منهما سيجلب تكلفته خلال فترة من 5 إلى 7 سنوات، فيما سيبدأ بعد ذلك فى جنى الأرباح، لافتا إلى أن شركة الإسكندرية الوطنية تداول الحاويات تقدمت بطلب لتنفيذ مشروع محطة حاويات الرصيف 100، لكن هذا الأمر يحتاج قرار من مجلس الوزراء.
وأضاف ياسين أن الشركة الوطنية بميناء الإسكندرية ترغب بشدة فى تنفيذ محطة حاويات رصيف 100% ولديها من الإيرادات والقدرات المالية من تنفيذه خاصة أنه مجاور لرصيفها الحالى بميناء الدخلية، مشيرا إلى أن هذا المشروع سيمنحها القدرة على منافسة المحطة متعددة الأغراض والحاويات التى متوقع تتولى شركة تشاينا هاربور الصينية تنفيذها وتشغيلها على رصيف 55 بميناء الإسكندرية، مستطردا: "لا علم سبب تأخير المشروعين خاصة أنهما سيمثلان إضافة للاقتصاد القومى".