تضع مجموعة من الفنيين من وزارة السياحة والآثار الفلسطينية اللمسات الأخيرة لإزاحة الستار عن إحدى أكبر لوحات الفسيفساء فى العالم الموجودة فى قصر هشام التاريخى فى مدينة أريحا أمام الجمهور.
ويعمل ثلاثة خبراء فى عملية ترميم اللوحة وعدد من العمال فى إزالة الأتربة عن أرضية كبيرة من الفسيفساء بالقصر، بعد أن حصلت وزارة السياحة والآثار على تمويل من مؤسسة جايكا اليابانية لإقامة سقف يحميها من العوامل الجوية بعد أن تهدم السقف الأصلى بفعل زلزال ضرب مدينة أريحا فى عام 749 ميلاديا.
ويقع قصر هشام على بعد كيلومترين إلى الشمال من مركز مدينة أريحا التى تعرف أيضا بمدينة القمر، ويشير كتيب حول الموقع إلى أن اسم القصر يعود للخليفة الأموى هشام بن عبد الملك استنادا إلى بعض الدلائل الكتابية الموجودة فى الموقع. ويضيف الكتيب "لم يكن هذا القصر هو المقر الرسمى للخليفة وإنما عبارة عن قصر شتوى للراحة والاستجمام شيد فى الفترة بين عامى 743 -744 ميلاديا."
وقال إياد حمدان، مدير عام وزارة السياحة والآثار فى محافظة أريحا، فى تصريحات صحفية، خلال إشرافه على سير العمل، إن أرضية الفسيفساء التى سيتم الكشف عنها للجمهور "تعتبر من أكبر لوحات الفسيفساء على مستوى العالم". وأضاف: "تخيل عندنا فى قصر هشام هذه الأرضية الكبيرة تبلغ مساحتها 827 مترا مربعا كلها فسيفساء تنتهى فى غرفة الديوان التى كان يقيم فيها الخلفية".
وأوضح حمدان، أن غرفة الديوان فيها لوحة فسيفساء تمثل "شجرة الحياة فيها غزالان يعيشان بسلام على أطراف هذه الشجرة وأسد يفترس غزالا على الطرف الآخر والتى تشير إلى الحياة بخيرها وشرها". وقال إن أرضية الفسيفساء مكونة من 38 سجادة صغيرة كأنها منسوجة لتشكل هذه الأرضية الكبيرة، ويبدو أن الحمام احتل جزءا مهما من القصر الذى يمتد على مساحة عدة دونمات وكانت المياه تصله بواسطة قناة مكشوفة من نبعين قريبين وهما عين الديوك وعين النويعمية اللتان تبعدان عنه حوالى 8 كيلومترات.
وتشير الاكتشافات الأثرية فى المكان إلى أن المياه كانت تنقل إلى القصر من النبعين فى قنوات مكشوفة على قناطر محمولة وتصب فى خزان كبير يقع بالقرب من القصر. وأعرب حمدان عن سعادته بإنجاز مشروع افتتاح الموقع أمام الجمهور بشكل دائم قائلا: "بعد انتظار سنوات طويلة أخيرا سيكون هناك عملية تغطية لسقف هذا الحمام وبالتالى كشف هذا الكنز أمام جميع الزوار حتى يستمتع به جميع زوار أريحا".
وأضاف حمدان: كنا نضع عليها أتربة نتيجة لعدم وجود سقف يغطيها من عوامل الطقس المختلفة، موضحا أن عمليات الكشف عن هذه اللوحة الفسيفسائية تعود إلى ثلاثينات القرن الماضى. وقال: "أصيبت فلسطين فى الزلزال الشهير عام 749 ميلاديا.. أريحا كانت مركز هذا الزلزال.. تهدمت الكثير من المبانى التاريخية ومن ضمنها هذا القصر وبالتالى بقيت هذه الأرضية مغطاة بهذا الردم لغاية الثلاثينات من القرن الماضى".
وأكد حمدان: "تم الكشف عليها بالصدفة ومن ثم تحولت إلى حفريات منظمة قام بها عالم الآثار الفلسطينى ديمترى برامكى والذى كشف عنها ولاحقا تم دفنها إلى وقتنا الحاضر". وأقامت الوزارة فى موقع القصر متحفا يضم العديد من الأدوات التى تم العثور عليها فى القصر إضافة إلى قاعة عرض يتم فيها عرض أفلام وثائقية عن المكان وما شهده من أعمال حفر وتنقيب خلال السنوات الماضية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة