وها هنا قد كتبت آخر حروفى وقرأت آخر كلمات رأتها عينى، وصدرت منى آخر ضحكاتى التى ترجع إلى عصور ما قبل التفكير وبداية لعصر جديد غامض المعالم، مرت على تجارب كثيرة لم أخرج منها بسوى الصبر أجل الصبر ليس كما نفهمه فهو ليس فقط سمه من سمات الانبياء بل هو أرفع ما قد يدركه العقلاء فى هذه الدنيا، لأنه مهما أرتقى الإنسان فهو لن يصل لحدود المعرفه الآلهيه .
الإنسان مخلوق عجول متسرع ذو شهوه تريد ضم الدنيا وما عليها، ورحمه الذات الإلهية هى التى تحول دون ما لا يفهمه الإنسان من الشر المخبئ فى طيات ما يطلبه، فرب خير لم تنله كان شراً لو أتاك، الدنيا كبيرة حقا على طالبها، وصغيرة جداً على من يزهد عنها، فأطلبها ولكن بحرص وأزهد عنها ولكن بعقل، ومهما يحدث لا تترك حلماً تمنيته، فنحن نشيخ فقط عندما نترك أحلامنا، وأجعل الصبر سلاحا تقوى به على تحقيق حلمك ولا تجعله فأساً تحطم به جدار أحلامك، فما لم يتحقق اليوم سوف يتحقق غدا، الحياه تحلو بالآمال وأعلم أن الأمل الذى يغرس فى أرض صلبه وطريقه صعبه ويروى بالصبر، هو الأمل الذى يستحق أن تعيش لأجله يومك هذا .
أكثر شىء يرغب فيه الإنسان هى الدنيا وأكبر شىء يبغضه هو الموت لذلك هم الاثنين مخبآن عنا لا نعلم متى نأتى للدنيا ومتى نذهب منها، معارف الإنسان مهما اكتملت فهى ناقصة ومهما وصلت فهى لم تبلغ، فلماذا ندعى المعرفة وننزعج من الجهل، فأنا أفضل أن أكون جاهلاً من أن أكون عالماً على معرفه مزيفة، فأنا أرى مدعى العلم هو أجهل الناس به .
فى صغرى عندما كنت أسمع أحد العلماء يتحدث فى موضوع معين أو يجيب عن سؤال محدد كان يختم حديثه بجمله "والله أعلم" كنت أحدث نفسى، هذا العالم إجابته صحيحة مائة بالمائة وأنا على يقين بهذا فلماذا يشكك فى نفسه، أما الآن فقد فهمت معناها جيدا وعلمت الفرق بين العلم الإنسانى والمعرفه الإلهيه وعلمت أننا مهما وصلنا فإننا لم نتجاوز بضع قطرات من محيط شاسع، حتى أن هذه المعرفة التى وصلتنا أخذنا العقود والقرون من الزمن حتى نتوصل لها ونفهمها، فمثالا حينما يقول الله تعالى "رب المشرقين ورب المغربين فبأى آلاء ربكما تكذبان" سورة الرحمن .
شروق الشمس فى نصف الكرة الأرضية هو غروب لها فى النصف الآخر، وغروبها هنا هو شروق لها هناك أى بسبب كروية الارض ودورانها حول محورها وحول الشمس يصبح لها وجها مقابلا للشمس ووجه آخر مختبأ عنها، فهذه بلدا تقول أشرقت عندنا الشمس وهذه آخرى تقول غربت عنا الشمس، هذا هو الفارق بين العلم المحدود والمعرفه المطلقه.
فلماذا لم أعد أسمع جملة "والله أعلم" من علمائنا، فهل غالونا فى معرفتنا أم أتسعت فوهه جهلنا .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة