آثار الدكتور جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة، بالقرار الذى أصدره بحذف خانة الديانة من أوراق جامعة القاهرة، الثلاثاء الماضى، ردود أفعال متباينة فى الأوساط السياسية والأكاديمية والدينية فى مصر بين مؤيد ومعارض للقرار.
وفي البداية، أعلنت المؤسسة المصرية لحماية الدستور، تأييدها ودعمها لقرار جامعة القاهرة ونقابة المهندسين بإلغاء خانة الديانة من أوراقها احتراما للدستور الذى ألزم جميع سلطات ومؤسسات الدولة عامة وخاصة، باحترام مبادئ المواطنة وتكافؤ الفرص وعدم التمييز بين المواطنين إلا على أساس الكفاءة.
وقالت المؤسسة فى بيان لها: "أكدت المادة ٥٣ من الدستور أن المواطنين أمام القانون سواء لا تمييز بينهم على أساس الدين أو العقيدة أو الجنس أو الأصل أو العرق أو اللون او اللغة أو الإعاقة أو المستوى الاجتماعى أو الانتماء السياسى أو أى سبب آخر، كما أكدت على التزام الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كافة أشكال التمييز وإنشاء مفوضية لهذا الغرض".
وأوضحت المؤسسة، إن إلغاء خانة الديانة من أوراق مؤسسات الدولة العامة والخاصة التى تتعامل مع المواطنين يشكل خطوة هامة وتدبيرا مطلوبا لضمان تطبيق مبدأ تكافؤ الفرص وعدم التمييز بين المواطنين على أساس الدين، وهو إجراء ضرورى لضمان تحقيق العدل والمساواة أمام القانون، كما أنه بداية للتصدى بشجاعة لظاهرة التمييز على أساس الدين ولمواجهة دعاة الفتنة بين أبناء الوطن الواحد.
ودعت المؤسسة جميع المؤسسات والكيانات والشركات والمنشآت عامة وخاصة، اتخاذ هذه الخطوة البناءة بإلغاء خانة الديانة من أوراقها كبداية لتطبيق سياسة شاملة لتكافؤ الفرص وعدم التمييز بين المواطنين على أساس الكفاءة، كما تطالب المؤسسة بسرعة إصدار قانون تكافؤ الفرص ومنع التمييز وإنشاء مفوضية تعمل على وضع ومتابعة تنفيذ استراتيجية شاملة للقضاء على كافة أشكال التمييز بين المواطنين وفقا للدستور.
وتابع البيان، بأن تكافؤ الفرص وعدم التمييز يشكلان أساس العدل والمساواة فى دولة القانون المدنية الحديثة، ومصدرًا لبناء الثقة فى الحاضر والأمل فى المستقبل، كما أن هذا القانون جدير بالأولوية فى الاهتمام وسرعة الإصدار والتطبيق لأنه من أهم القوانين المكملة للدستور التى تمس حياة المواطنين وحقوقهم الأساسية التى يحميها الدستور.
من جهتها، طالبت النائبة سوزى عدلى ناشد، عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب، بتعميم قرار الدكتور جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة، بإلغاء خانة الديانة من الأوراق والمستندات التى تتعامل بها جامعة القاهرة، ليشمل الجامعات والنقابات المهنية وكل الأوراق والمستندات فى مؤسسات الدولة كافة.
وقالت ناشد، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، إنه يجب الاكتفاء بخانة الديانة فى شهادتى الميلاد والوفاة فقط، وذلك لإثبات المواريث وعلاقة الزواج، أما دون ذلك فعدم وجود الديانة فى بطاقة الرقم القومى أو أى مستند لن يلغى ديانة الإنسان، كما أن خانة الديانة لا توجد من الأساس فى الدول المتقدمة.
وأضافت "ناشد" أن قرار " نصار" خطوة جرئية، خاصة وأنه أكد أن بعض الطلبة المسيحيين يتم استبعادهم من الدراسات العليا بسبب الديانة – على حد قولها.
وأكدت "ناشد" أنه فى مجلس النواب لا يتم الاستناد لخانة الديانة فلا توجد فى المستندات أو الأوراق المطلوبة للتقدم ولا حتى فى الكارنية، ولكن توجد فقط فى بند "صفة الترشح" وليست كبند مستقل باسم "خانة الديانة"، وذلك بعد أن أكد الدستور المصرى على كوتة كتمييز إيجابى للفئات المهمشة كالأقباط والمرأة وذوى الاحتياجات الخاصة، فى البرلمان خلال أول دورة برلمانية، وبعد انتهاء "الدورة" فى مدتها الأولى خمس سنوات ستنتهى الكوتة عدى المرأة، وبناء عليه لن يكون بالمجلس أوراق تحوى خانة الديانة.
فيما قال جون طلعت، عضو مجلس النواب عن دائرة روض الفرض وشبرا، إن إثبات خانة الديانة فى الأوراق والمستندات الرسمية بالدولة يجب أن يقصر على شهادتى الميلاد والوفاة فقط لتحديد الأمور المتعلقة بالزواج والطلاق والمواريث.
وأضاف "طلعت" فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أنه فى شهادة الميلاد تكتب كافة البيانات المتعلقة بالمواطن بما فيها اسم الأم والديانة ومحل الميلاد، الأمر الذى سيستند له فى إثبات الديانة المتعلقة بالفرد، فلا حاجة لإثباتها سواء فى بطاقة الرقم القومى أو غيره، وبناء عليه سيتم إتمام مراسم الزواج بناء على الديانة، متابعا: "يجب إثبات خانة الديانة فى شهادة الوفاة أيضا، لتحديد الميراث وفق القانون، والشريعة الإسلامية للمسلمين، والشريعة المسيحية للمسيحيين، وهو الأمر الذى سيتم إثباته فى إعلان الوراثة بالمحكمة وبشهادة الشهود".
وناشد "طلعت" كافة النقابات المهنية والمؤسسات الرسمية وغير الرسمية بالدولة بحذف خانة الديانة من الأوراق والمستندات التى تتعامل بها، حيث إنها لا تعبر إلا عن تمييز بين المواطنين.
من جهته، رفض عمر حمروش أمين سر اللجنة الدينية بالبرلمان، حذف خانة الديانة، قائلا خلال تصريحات تلفزيونية، إنه لا تعارض إطلاقا بين مبدأ المواطنة ووجود خانة الديانة فى البطاقة أو فى الأوراق الأخرى، مؤكدا أنها مهمة للمصريين.
وأضاف "حمروش": "فى غياب هذه الخانة عمومًا، ربما قد يؤدى ذلك إلى غش وتدليس وخداع فى بعض الأمور مثل الزواج والطلاق والنَسَب والميراث".. متابعاً: "صحيح أن مثل هذه الأمور غير موجودة فى الجامعة، وأنا شخصيا أكن كل احترام وتقدير لجابر نصار، فهو قيمة وقامة وطنية، لكن أعتقد أن توقيت هذا الأمر غير ملائم تمامًا، فالدولة تواجه تحديات داخلية وخارجية تستوجب وحدة الصف الوطنى".
وكان النائب علاء عبدالمنعم، طرح "مشروع قانون للمواطنة وعدم التمييز"، موقعا من 60 نائبًا بمجلس النواب، ونصت المادة الثالثة فيه على "إلغاء خانة الديانة من بطاقة الرقم القومى والوثائق الرسمية، وألا يفرض على المواطن الإفصاح عن ديانته إلا لترتيب مركز قانونى، كالزواج والميراث".