أدخلت "فاطمة" الفرحة إلى قلب أمها، بعدما فاجأتها بترتيب الشقة. قبّلت الأم ابنتها وهى تمسك بيد شقيقها الأصغر قبل أن يخرجا إلى المدرسة.
كانت فرحة الأم بـ"فاطمة" في ذلك الصباح هي الأخيرة، تماما كما كان ترتيب الشقة هو آخر هدية قدمتها الابنة لأمها، وأيضا القبلة كانت الأخيرة، فقد ماتت "فاطمة" دهساً بسيارة ميكروباص مسرعة يقودها سائق عجوز فاقداً لأعصابه.
الصباح الأخير فى حياة فاطمة
فى شقة بالطابق الأخير لأحد بلوكات مساكن "ايجيكو" بمنطقة النهضة، التابعة لحي السلام، شرقي القاهرة، تسكن أسرة "فاطمة" المكونة من والدها العامل بإحدى الشركات، ووالدتها، وأشقاؤها الثلاثة.
أفاقت الأم في صباح يوم الأحد الماضي، من نومها، وذهبت لشراء مستلزمات المنزل قبل استيقاظ أبنائها الأربعة، وعادت لتجد الشقة مرتبة ومنظمة.
كانت "فاطمة" الابنة الكبرى، ذات الاثنى عشر ربيعا، تمارس دور الأم مع أشقائها "زياد" و"جنى" و"جودي".
مع اقتراب عقارب الساعة من العاشرة والنصف صباحاً همّت "فاطمة" واستعدت للذهاب إلى مدرستها مدرسة "السيدة سمية 2" الابتدائية.
"فاطمة" طالبة بالصف السادس الابتدائي، ويصغرها "زياد" بسنتين ويدرس معها بذات المدرسة، التى تنقسم فيها الدراسة لفترتين "صباحية" و"مسائية".
"علبة كشري" كتبت النهاية
تبعد مدرسة " السيدة سمية2" عن منزل فاطمة بمسافة تستدعى ركوب سيارة نصف نقل "صندوق" تحمل الزبائن بداخله، وبوصولها لميدان المفارق قررت أن تشتري "علبة كشري" تقتسمها مع "زياد" بمصروفهما في فترة "الفسحة".
طلبت من شقيقها الوقوف على الرصيف، حتى تحضر علبة الكشري من محل "الورداني" في الجهة المقابلة، وحصلت على ما أرادت، وعبرت الشارع لتعود حيث يقف منتظرها.
السائق المتهور
على بعد خطوات كان سائق الميكروباص، خارجا للتو من حيث يحمل زبائنه بعد مشادة مع زملاءه على أولوية التحميل.
خرج السائق العجوز من الموقف متمتما ببعض الشتائم، وكان لركاب سيارته نصيباً منها. لم يسيطر السائق على أعصابه في ذلك الوقت، وضغطت قدمه بقوةعلى دواسة البنزين.
عبرت "فاطمة" الشارع بنجاح، ومع خطوتها الأخيرة قبل الوصول لحافة الرصيف، كان السائق العصبي العجوز أقرب لها، فصدمها، وزاد سرعته محاولاً الهرب ليجرفها أمام سيارته عدة أمتار حتى دهسها مفجراً جزءً من جمجمتها.
يحكي "رأفت"، 20 سنة، شاهد عيان على الواقعة، أن القدر أراده أن يرى الحادث بشكل أقرب، فهو يعمل بمحل "الورادني"، لكنه في تلك اللحظة كان واحداً من راكبي السيارة بالكرسي الأمامي مجاوراً للسائق العجوز.
ويقول "رأفت": "حاولنا تهدئة السائق بعد خروجه من الموقف لكنه طاح في الزبائن، وبمرور ثوان قليلة وقعت الحادث، وأجبرنا السائق على الوقوف بعدما حاول الهرب، ونزلت من السيارة لكني لم أستطع أن أقترب من الفتاة لهول المنظر".
يشتكي أهالي "المفارق" من سرعة سائقي سيارات الأجرة والتكاتك، في ميدان مكتظ بالمحلات والمارة ويقترب منه مجمع مدارس.
فرتكت رأس فاطمة
تلقت الأم خبر الحادث، فهرولت إلى مسرح الواقعة، وجاء الأب ليجد ابنته "دماغها متفركتة" كما يصف لـ"اليوم السابع".
النيابة العامة حققت مع السائق، وتبين أنه لا يملك رخصة قيادة سيارة أجرة، فأمرت بحبسه 4 أيام على ذمة التحقيق، ووجهت إليه تهمة "القتل الخطأ". وهنا أزداد وجع قلب والدي "فاطمة".
يقول الأب "أروح أدوس واموتلي 3 ولا 4 وأنا كده كده ضامن إني حخرج بكفالة أو اتحبسلي كام شهر..ده ميرضيش ربنا".
في سبتمبر الماضي، لقيت 3 طالبات بكلية طب المنوفية مصرعهن بعدما دهسهن سائق بسيارته، وتم الحكم عليه بالحبس 3 سنوات فقط من محكمة أول درجة، وربما سيتم تخفيف الحكم في النقض.
مواد قانونية مجحفة
المادة 238 من قانون العقوبات تنص على أن "من تسبب خطأ في موت شخص أخر بان كان ذلك ناشئا عن إهماله أو رعونته أو عدم احترازه أو عدم مراعاته للقوانين و القرارات و اللوائح و الأنظمة يعاقب بالحبس مده لا تقل عن ستة أشهر و بغرامة لا تجاوز مائتي جنية بأحدي هاتين العقوبتين و تكون العقوبة الحبس مده لا تقل عن سنه و لا تزيد علي خمس سنين و غرامة لا تقل عن مائتي جنية و لا تجاوز خمسمائة جنية أو بأحدي هاتين العقوبتين إذا وقعت الجريمة نتيجة إخلال الجاني إخلالا جسيما بما تفرضه عليه أصول وظيفته أو مهنته أوحرفته أو كان متغطيا مسكرا أو مخدرا عند ارتكابه الخطأ".
وتنص المادة 244 من ذات القانون عليأن "من تسبب خطا في جرح شخص أو إيذائه بان كان ذلك ناشئا عنإهماله أو رعونته أو عدم احترازه أو عدم مراعاته للقوانين و القرارات واللوائح و الأنظمة يعاقب بالحبس مده لا تزيد علي سنه و بغرامة لا تجاوزمائتي جنيه أو بأحدي هاتين العقوبتين وتكون العقوبة الحبس مده لا تزيد علي سنتين و غرامة لا تجاوز ثلاثمائة جنيه أو بأحدي هاتين العقوبتين إذا نشأ عن الإصابة عاهة مستديمة أو إذا وقعت الجريمة نتيجة إخلال الجاني إخلالاجسيما بما تفرضه عليه أصول وظيفته أو مهنته أو حرفته."
تصرخ الأم الثكلى وتقول: "السواق قتل ابنتي مع سبق الإصرار والترصد، اللي يسوق من غير رخصة ويسوق بجنون وسط مدارس وناس رايحة وناس جايه ويدوس ناس ويقتلهم يستحق الإعدام".
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
الدية
دفع الدية هي الرادع الوحيد ويجب الاتقل عن 500000 جنيه للنفس الواحدة وتتعدد بتعدد الانفس ولا يفرج عن المذنب الا بعد دفعها من ماله اومال اهله اومن يتبرع بها له من الناس مثل دول عربية واسلامية كثيرة والحبس لحين الدفع . هذا هو ديننا