كان لاستشهاد العميد عادل رجائى أثر كبير على نفوس المصريين، ولماذا وما الفرق بينه وبين غيره؟ الحقيقة أن اغتيال رتبة كبيرة فى الجيش وأمام بيته هو تطور جديد فى الحرب على الإرهاب، وأنا وغيرى كثيرون بدأنا نفكر بعمق، بعيدا عن مصر هى أمى والجو ده، نفكر بموضوعية فى هذا التطور.
نفس هذا الإحساس انتابنى يوم استشهاد النائب العام هشام بركات.
لابد أن تفكر فى العمليتين: أسلحة، وسيارات، وأشخاص، وإطلاق نار باحتراف، وكمية متفجرات كبيرة ومتطورة، ومعرفة منزل المجنى عليهما ومعرفة مواعيد نزولهما ومباغتهما بهذا الشكل.
كل كلمة من هذه الكلمات تحتاج تدريبا ومالا وتخطيطا وتجنيد أفراد.
ومن هنا تأتى النظرية المشهورة «بالمؤامرة»، وهى فى الحقيقة عبارة عن تكاتف مجموعة من القوى لخدمة هدف معين، وهو ضرب الاستقرار المصرى وإحداث قلاقل فى المجتمع، بهدف إرباك السلطة الحاكمة، من أجل إضعافها والوصول إلى نتائج تفاوضية معها لصالح قوى إقليمية.
إيه الكلام الكبير اللى أنا كتبته فى السطرين اللى فاتوا دول؟
باختصار أشرحهولك: كان فى مصر جماعة إرهابية استطاعت بشكل أو بآخر إنها تحكم مصر، وعلشان توصل لحكم مصر استعانت بدول أخرى زى قطر، وبتنظيمات مسلحة زى حماس وبقوى عظمى زى الأمريكان.
قطر هاتمول وحماس هاتدرب على عمليات وتشارك فى اغتيالات وتدريبات وأمريكا هاتعطى معلومات.. طيب هو ده اللى أنتم شاطرين فيه تقولولنا مؤامرة عشان تبرروا فشل فى مجال معين؟
حاول تفكر فى وجود الاتنين معا:
1- هذا الاتفاق ضد مصر أو ما يسمى بالمؤامرة.
2- كثير من سوء التوفيق فى المواجهة رغم عظم التضحيات.
لكن لابد أن تعلم عزيزى القارئ ما الذى يجعل هذه الدول أو الجماعات تخطط ضد مصر؟ إن مشروع بناء جماعة الإخوان الإرهابية، وما لها من أذرع استمر لسنوات عديدة ولحظة الجائزة الكبرى بالنسبة لهم كانت يوم وصولهم للحكم ولحظة الحرب الدامية لهم كانت يوم 28 يناير، كل هذه الأوقات وقفت الدول الممولة والجماعات الداعمة فى انتظار النتيجة، وما أعظم هذه النتيجة، فأنت ستتحكم فى مصر، وسيبك بقى من المكانة المعنوية لا، على أرض الواقع أرض وجيش وموقع وبحر أحمر ومتوسط وقناة السويس، وثقل إقليمى ودولى كل ده هايكون سهل إنك تتعامل معه، وبالتالى قطر ستكون شريكة فى حكم مصر وهكذا تركيا وحماس «اللى كان عمر سليمان رحمة الله عليه بيوقفهم زى التلامذة قدامه، هايدخلو الاتحادية، وهايجتمعوا مع الحكومة المصرية باعتبارهم قادة».
كل ذلك حدث بالفعل.
عزيزى القارئ فى 28 يناير 2011 استطاعت جماعة الإخوان أن تستغل مشاعر الظلم، وطول مدة الحكم، واستئثار الحاكم ونجله بكل السلطات وما تولد عن ذلك من غضب شعبى كبير، وراحوا يفتحوا السجون ويطلقوا النيران ويقتلوا ويهاجموا الأقسام ويجعلون الشرطة «تقتل»، مع وصول أعداد كبيرة من الإرهابيين إلى سيناء وأسلحة متطورت وتمركزات فى أماكن وعرة وحالات من الكر والفر على أهداف داخل سيناء، «وما تسألنيش ومين اللى سمح بالأنفاق وإزاى ماقدرناش نحمى حدودنا».
وهكذا يتسببون فى حالة من الفوضى العارمة مع تصدير حلم الحرية والديمقراطية لشباب نقى، كان هذا هو كل هدفه ولم يكن إطلاقا يريد أى سوء لبلاده.
وهنا كان دور حماس الذين هم مهرة فى القنص والهروب وإنتاج القنابل والحصول على الأسلحة بحكم سنوات طويلة من مواجهة الإسرائيليين والتمويل القطرى مستمر والدعم الأمريكى قائم، فالجائزة الكبرى، مصر، فى الانتظار.
ونجح الإخوان فى الوصول للحكم وحاولوا كل لحظة تثبيت أذرعهم فى الدولة، وكان سباقا مع الزمن، وزاد المراهنون من رهانهم فمن كان يدفع دولارا دفع عشرة، ومن أمد بالمعلومات أصبح حليفا استراتيجيا، والكام عيل بتوع حماس مبقوش مصدقين نفسهم، واستعدوا لتقسيم الغنائم.
وفجأه وبشكل أو بآخر طوفان يأخذ هذا الحلم إلى غير رجعة، طوفان اسمه 30 يونيو شعب غالبيته فى الشارع وجيش قوى لا يخترق وقادة للجيش ليسوا من مدعى البطولة، وكلهم على قلب رجل واحد وإعلام استطاع أن يشكل ملحمة «فى هذا التوقيت»، ومن هنا رأى كل هـؤلاء الحلم أصبح كابوسا بالنسبة لهم، ومن الاتحادية إلى السجن لقياداتهم والقيادات الوسطى والأتباع وأتباع الأتباع، ووصلنا لدرجة المتعاطفين كله ركب البوكس.
طيب والفلوس اللى اتصرفت والوعود اللى كانوا بيحلموا بيها وحماس وقطر؟ إنسى.
وجالهم راجل عنيد أوى فى موضوع الكرامة ده، ووراه شعبية كبيرة ومعاه جيش قوى، فلا تفاوض ولا خروج لقيادات الإخوان من السجون.
طيب تعالى نتفاوض لو خرجتهم، والدنيا كلها تعيش فى سلام والإرهاب اللى فى سيناء يروح ومافيش عمليات إرهابية، ويمكن نتكلم فى مشروعات وودائع؟
أبدا، لا تفاوض ولا خروج لهذه القيادات.
إذا هى الحرب، لكنها حرب من نوع صعب ومؤلم، لأنها تعتمد على الغدر والخسة والمباغتة والنيل من العزل، وعدم التفرقة بين رجل وامرأة وطفل وشاب وكهل، فمن يضع القنابل بين المدنيين هو شخص لا يفكر بعقل أو بدين.
وأصبحنا نواجه هذه الحرب بكلمات ثابتة لا تتغير «إنه مهما حدث فإن ذلك لن يثنينا عن محاربة الإرهاب واجتثاثه من جذوره»، والكلمتين دول كل الدولة بتقولهم بعد أى عملية.. وهاتقولهم فى العمليات اللى جاية، لكن الشهيد هشام بركات والشهيد عادل رجائى جعلونى أفكر بحق فى أن لدينا مخبرا.
هذا المخبر «قد» يكون سببا فى مقتل القادة، وقد يكون سببا فى فتح سجن وهروب مساجين، وقد يكون سببا فى إعطاء معلومات وقد يكون سبب فى توصيل رسائل، علينا أن نبحث عن هذا المخبر أنه أخطر بكثير من العدو الظاهر، لأنه وللأسف بنفس اللون والعرق واللغة وعايش وسط المصريين، لأنه للأسف واحد منهم لكنه خاين لبلده ولوطنه.
أيها السادة آن الأوان أن نعرف أن لدينا فى مجتمعنا مخبرا يخون بلاده من أجل مال أو مصلحه، ولا حديث عن أن مصر بلد يحبها كل المصريون، بلاش نفاق، اللى فى قطر وتركيا دول مصريين واللى بيحرضوا على قتل الجيش والشرطة فى التليفزيونات الممولة من تركيا دول مصريين وكانوا عايشين وسطينا وبياكلوا ويشربوا معانا.
واللى فى سيناء بيضربوا الجيش فيهم مصريين واللى بيساعدوهم فيهم مصريين واللى اتقبض عليهم فى عمليات إرهابية مصريين فلا داعى لأن نحاول تزيين الصورة كى لا نصل إلى مرحلة التزييف.
على الدولة بكل أركانها أن تتأكد من الإخلاص ومن الوطنية «وأعلم مدى صعوبة ذلك»، علينا أن نعرف أن العدو الكامن غير ظاهر هو أخطر بكثير، فأنا واثق أن كل شهيد راح فداء لهذا الوطن كان وراء استشهاده مخبر باع هذا الوطن.
ويبقى العنصر الثالث بعد الشهيد والمخبر وهو المواطن
حان الوقت أن تعلم أيها المواطن بكل ما يدور حولك، وأن تعى وأن تتذكر لحظات الخراب التى عشتها فى وقت من الأوقات، ولا أقول لك هذا كى تتنازل عن حقك أو تفرض فى حريتك أو كرامتك كى تحميك سلطة أو جيش، أستغفر الله.
فأنت مالك كل هؤلاء أنت مالك الجيش ومالك الشرطة وهؤلاء صنعتهم بيدك لحمايتك ولخدمة مجتمعك فإن حاول البعض أن يفسدوا ما صنعت وأن يقتلوا خيرة أبنائك فلا تمكنهم ولا تصبح شريكا معهم دون أن تدرى، إن السلبية واللامبالاة وترديد الشائعات والمساهمة فى قتل الروح المعنوية هى شراكة فى جرائم ضد هذا المجتمع، إن المتاجرة فى قوت هذا الشعب وقت الحاجة هى خيانة لهذا الوطن، إن محاولات صنع البطولة من قادة الرأى على حساب الموضوعية ومعطيات الواقع هى شراكة حقيقية فى هدم هذا الوطن.
وتذكروا دائما أن الكفاءة ليست شرطا ملازما للوطنية، فالأخيرة قد تتوافر لدى كثيرين لكن الأولى تحتاج إلى علم وعمل، وليس بالضرورة أن تكون الوطنية ملازمة للكفاءة.
فالتضحية بالدم شىء غال جدا، لكن علينا أن نتبصر أمورنا ونعيد التفكير بعلم وعمل حقيقى بعيدا عن الشعارات فى خطط حقيقية وتطور للمواجهة يواكب تطور العمليات.
الحرب لم تعد اختلافا فى آراء بل أصبحت حربا من أجل البقاء.
سيأتى يوما وتستقر كل الأوضاع ونحاسب، وتحاسبنا بلادنا عماذا فعلنا لها وماذا فعلنا بها.
فى حياة الأوطان أوقات إما أن ينتبه أهلها وينجون، وإما أن يستمروا فى نوم عميق فيغرقون.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة