تحولت مدينة شرم الشيخ من مدينة السلام إلى مدينة "الشباب"
، بعدما استضافت أكثر من 3 آلاف شاب يمثلون كافة أطياف المجتمع المصرى، ما بين مؤيد ومعارض، في حدث هو الأول من نوعه الذى تستضيفه المدينة التي اعتادت أن تكون مكاناً للمؤتمرات السياسية والأقتصادية المحلية والدولية، لكنها بالمؤتمر الوطنى الأول للشباب اصطبغت باللون الشبابى الداعى للسلام أيضاً.
الشباب والسلام، هو ما يمكن أن نصف به المؤتمر الوطنى الأول للشباب، خاصة مع مشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسى في "مارثون السلام"
وحوله شباب مصر، موجهاً رسالة سلام إلى العالم أجمع من سيناء أرض السلام والأنبياء تؤكد أن مصر وكل المصريين يسعون فقط لتحقيق السلام والأمن والاستقرار والبناء والتعمير، وقال الرئيس "نقول للعالم إننا حريصون على السلام، وعلينا جميعاً أن ننبذ ونكافح ونرفض العنف والإرهاب الذى يدمر ويؤذى العالم كله"، مشيرا إلى أن مصر كانت دائماً أرض الحضارات وحاضنة لها منذ أكثر من سبعة آلاف عام، مشيرا إلي أن الحضارة معناها الإنسانية والازدهار والنماء والرخاء، وأن مصر كانت ومازالت تقدم هذه الرسالة للعالم أجمع.
المؤتمر الذى يوصف بأنه أعاد للحياة السياسية المصرية روح 30 يونيو
، كونه أعاد الألفة مرة أخرى بين مكونات الشعب المصرى، خاصة الشباب، شهد جلسات نقاش موسعة جمعت للمرة الأولى الشباب مع كبار السياسيين والأكاديميين ورجال حكومة المهندس شريف إسماعيل، حضر غالبيتها الرئيس عبد الفتاح السيسى، الذى كان حريصاً على حضور أكبر عدد من الجلسات وورش العمل، معقباً ومعلقاً على ما يدور في هذه الجلسات، طارحاً رؤاه وناصحاً في الوقت ذاته الشباب بأن يكونوا في المقدمة، كونهم مستقبل مصر.
الجديد في هذا المؤتمر هو تأكيد الرئيس السيسى على عقده في شهر نوفمبر سنوياً، مع دعوته لعقد جلسات نقاش شهرية لمناقشة ما تم الاتفاق عليه في المؤتمر، وليكون فرصة لتبادل الأفكار والرؤى، ولمنح الفرصة لأكبر عدد من شباب مصر ليكونوا مشاركين في الحوار الوطنى، وهو ما يساعد في خلق حالة من الحوار الصحى بين الشباب والدولة .
ورغم احتواء المؤتمر على جلسات عمل متعددة، تناولت الكثير من الملفات مثل الهجرة غير الشرعية، والبحث عن حلول للمشكلة التعليمية وأمور أخرى، إلا أن المشاركة السياسية للشباب استحوذت على اهتمام كبير من الشباب المشاركين في المؤتمر، حيث أجمع المشاركون في المؤتمر على أهمية التنشئة السياسية للشباب والنشء، على أن تتولى الوزارات المعنية تنفيذ استراتيجية خاصة، ومنها على سبيل المثال وزارات الثقافة والتربية والتعليم والشباب والرياضة، مع التأكيد على ضرورة الاهتمام بالتنشئة الوطنية للشباب، ملمحين إلى ضرورة إعادة تدريس مادة التربية الوطنية مرة أخرى في المدارس.
وكان لافتاً أجماع الكثير من المتحدثين ومن بينهم معارضون التأكيد على أمر مهم، وهو أن التظاهر ليس هو الأداة الوحيدة للمشاركة السياسية، وإنما أحد هذه الأدوات، لذلك فإن هناك أهمية أن يكون هناك دور للأحزاب والقوى السياسية بتوضيح ذلك للشباب، خاصة أن قطاع كبير من الشباب يعتقدون أن الحرية تعنى التظاهر فقط، في حين أنها تشمل الكثير من بنيها المشاركة السياسة، والمشاركة في العملية الانتخابية، والخدمة المجتمعية أيضاً.
كما شهدت الجلسات تلميحاً للأحزاب بأنها يجب أن تكون القدوة للشباب، بأن يسمحوا لتداول السلطة بشكل سلس في الأحزاب، وأن يمنحوا الشباب الفرصة، بحيث لا تتحول الأحزاب إلى ناصح لا يطبق النصيحة، في إشارة من الحضور إلى ما اسموها بالأحزاب العائلية والأخرى التي ترفض فكرة التداول ويبقى رؤسائها لعشرات السنين، وهو ما ينطبق أيضاً على مراكز الشباب، التي طالب الحضور من وزير الشباب والرياضة المهندس خالد عبد العزيز تعديل قانونى لا يسمح بانتخاب رئيس مجلس إدارة مركز الشباب وكذلك الأعضاء لأكثر من دورتين، لأن مراكز الشباب تعد أحد القلاع المهمة في التنشئة السياسية، لكنها في ظل الوضع الحالي الذى يشهد سيطرة من شخصيات بعينها لسنوات متعددة فأنها أصبحت غير قادرة على الأداء بمهامها.
وكان لافتاً اهتمام غالبية المتحدثين بانتخابات المحليات، مؤكدين أهمية أن يشارك الشباب بها
، باعتبارها البوابة التي يمكن من خلالها الوصول إلى مجلس النواب، وكذلك كونها تساعد في التنشئة السياسية للشباب، فضلاً عن أهمية المحليات في الرقابة على أداء الأجهزة التنفيذية ومكافحة الفساد المستشرى في المحليات، وشهدت الجلسة الخاصة بتقييم تجربة المشاركة السياسية الشبابية في البرلمان تحمس من جانب الرئيس السيسى لما طرحه النائب الشاب جون طلعت بانه مستعد للنزول إلى المحافظات لمساعدة الشباب في أنتخابات المحليان، وقال الرئيس إن نزول شباب البرلمان على مستوى الدولة بالكامل ليبذلوا جهد لدخول شباب مصر إلى المحليات فإنهم بذلك يكونوا قد نفذوا جهد كبير وقوى لمصر ولمستقبل البلد .
الشباب على المنصة وفى الصفوف الأولى، والوزراء ومعهم رئيس الحكومة وعلى رأسهم الرئيس عبد الفتاح السيسى، يجلسون منصتين لما يدور من نقاش، هو ما منح الحضور ثقة في أن الدولة تسير في الطريق الصحيح للإصلاح السياسى والديمقراطى، أو كما وصفه محمد عبد العزيز، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان بأنها نقلة مختلفة في طبيعة العمل السياسى، حينما يتحدث الشباب ويستمع لهم الرئيس والحكومة، خاصة أن الحوار كان صريحاً دون تدخل من أحد، فالجميع سواء كانوا مؤيدين أو معارضين كانوا يتحدثون بصوت مسموع ودون أي حدود أو خطوط حمراء.
الرضاء الاجتماعى أيضاً كان حاضراً بقوة في المؤتمر، خاصة مع إشاره البعض إلى أنه غير متوافر الآن، وأن مصر بحاجة إلى أن يكون هناك رضاء اجتماعى بين المصريين خاصة الشباب، وهذا لن يتحقق إلا بأقرار معايير العدالة الاجتماعية والاقتصادية أيضاً .
الشئ الأخر المهم الذى كان لافتاً في المؤتمر هو استجابة الرئيس السيسى لدعوة المفكر السياسى الدكتور أسامه الغزالى حرب بالإفراج عن الشباب المحبوسين في قضايا غير العنف
، فبعد أن كلف الرئيس، الشاب محمد عبد العزيز بتشكيل لجنة لدراسة الحالات التي قد تستحق الإفراج عنها، شهد المؤتمر حالة من التفاؤل الشديد بين المشاركين، زادت فاعلياتها حينما أعلن عبد العزيز عن بدء مشاورات لتشكيل لجنة للإفراج عن الشباب المحبوسين، موضحا أن هناك مجموعة من المعايير التى سيتم الإعلان عنها بشفافية فى إطار القانون والدستور لتوضيح الحالات الإنسانية والصحية فى الإطار القانونى والدستورى التى ستعطى للرئيس الحق فى استخدام الصلاحيات الدستورية، وسيكون أمام كل اسم الحالة القانونية والدستورية له، ليكون هناك انفراجة فى هذا الملف.